وقال أردوغان، في كلمة له أمام نواب حزبه "العدالة والتنمية" في البرلمان بأنقرة: "في حال اعتدائه على قواتنا، سنضرب جيش النظام السوري حتى في المناطق غير المشمولة باتفاق سوتشي"، مهدداً بأن "كل من سيستهدف تركيا داخل منطقة سوتشي أو خارجها سيدفع الثمن عشرة أضعاف".
وأضاف أردوغان أن "الطائرات التي تقصف المدنيين في إدلب، لن تستطيع التحرك بحرية كما كانت في السابق"، مشيراً إلى أن "تركيا لن تظل صامتة حيال ما يجري في إدلب، رغم تجاهل الجميع للمأساة الحاصلة هناك".
وأردف: "أقولها علناً، لن يكون أحد في مأمن بمكانٍ أُهدر فيه دم الجنود الأتراك، ولن نتغاضى بعد الآن عن عمالة أو حقد أو استفزاز أيّ كان"، مؤكداً أن قوات النظام السوري وروسيا تستهدف المدنيين بشكل مباشر، ومشيراً بشكل لافت إلى أنّ القوات الروسية متورطة كما النظام السوري في الجرائم.
وجدد أردوغان كلامه عن المهلة التي منحها للنظام، مشدداً على إصرار بلاده على خروج النظام السوري إلى خارج نقاط المراقبة التركية في شمال سورية، بحلول نهاية فبراير/شباط الحالي. واستطرد في هذا السياق: "لن نتراجع عن ذلك، وسنقوم بكل ما يلزم على الأرض وفي الجو من دون تردد".
وفي تصريحات أخرى للصحافيين، عقب اجتماع الكتلة النيابية لحزب "العدالة والتنمية" بالبرلمان، صرح الرئيس التركي بأنه بحث مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، الأوضاع في إدلب والأضرار التي ألحقها النظام السوري وروسيا بالقوات التركية.
وقال أردوغان "بحثنا تطورات الأوضاع في إدلب مع بوتين، وتطرقنا على وجه الخصوص إلى الأضرار التي ألحقها النظام السوري وحتى روسيا بقواتنا".
وأضاف أنه اتفق مع بوتين على إجراء لقاءات بين مسؤولي وزراتي الدفاع والخارجية والاستخبارات في كلا البلدين في أقرب وقت في العاصمة موسكو.
روسيا تمتص كلام أردوغان
وكان الكرملين وتزامناً مع إلقاء أردوغان لكلمته، قد قال إنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ناقش مع نظيره التركي، في اتصال هاتفي، اليوم الأربعاء، أوضاع محافظة إدلب السورية.
وأضاف، في بيان مقتضب بشأن الاتصال، أن بوتين وأردوغان اتفقا على أهمية تنفيذ الاتفاقات الروسية التركية بخصوص سورية، وكذلك ضرورة مواصلة الاتصالات بين بلديهما بشأن سورية، من خلال الوكالات المعنية.
وعاد الكرملين ليرد على تصريحات أردوغان للصحافيين، وذلك على لسان المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، الذي قال في تصريحات لاحقة إنّ موسكو لا تزال ملتزمة بالاتفاقات مع أنقرة، لكنها تعتبر أنّ الهجمات في إدلب غير مقبولة وتتنافى مع الاتفاق مع أنقرة.
الفرصة الأخيرة للدبلوماسية
ووصفت مصادر مطلعة في وزارة الخارجية التركية كلام أردوغان، اليوم الأربعاء، حول التطورات بإدلب، بأنّه "موقف واضح وغير مسبوق في دعم المعارضة السورية عسكرياً، وهناك جدية كبيرة لدى تركيا تختلف هذه المرة عن المرات السابقة، وتؤكد على مضي تركيا قدماً في طريقها نحو الحل العسكري إن لم تنسحب قوات النظام".
وأفادت المصادر لـ"العربي الجديد"، بأنّ "كلام أردوغان واتصاله مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، خرج بموقف في أنقرة يوصف بأنه الفرصة الأخيرة للدبلوماسية، حيث كان أردوغان حازماً وواضحاً في كلمته واتصاله بأنّ أنقرة لن تتسامح مع أي خرق أو استفزاز من أي شخص كان، بما في ذلك النظام والتنظيمات الراديكالية، التي دائماً ما توفر الاستفزاز اللازم لتنفيذ روسيا والنظام هجماتهما".
واعتبرت المصادر أنّ "الفرصة الآن هي الأخيرة للدبلوماسية، وبعدها إذا لم تنجح الجهود بحصول تركيا على ما تطلبه من روسيا، خاصة بعد إيفاد وفد رفيع المستوى إلى موسكو يضم كلًا من وزير الخارجية مولود جاووش أوغلو، ووزير الدفاع خلوصي آكار، فإنّ أصعب الخيارات وآخرها، أي الحرب، ستكون الخيار الوحيد لدى أنقرة، حيث إن أي عملية مقبلة قد تصل إلى أبعد من حدود محافظة إدلب".