أردوغان يتبرأ من تصريحات كهرمان حول العلمانية و"الدستور الديني"

26 ابريل 2016
الشرطة تفرّق تظاهرة لأنصار العلمانية أمام البرلمان (فرانس برس)
+ الخط -
أكد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أن تصريحات رئيس البرلمان، إسماعيل كهرمان، التي دعا خلالها إلى عدم احتواء الدستور التركي الجديد مبدأ العلمانية، "تعبر عن قناعة كهرمان الشخصية"، في الوقت الذي أصدر فيه كهرمان بياناً أكد أنه تحدث عن قناعاته الشخصية، وأنه تم إخراج كلامه من سياقه.

وخلال مؤتمر صحافي مع نظيرته الصربية في العاصمة الصربية زغرب، قال أردوغان إن "رئيس البرلمان عبر عن قناعاته وأفكاره الشخصية. بالنسبة لي فإن رأيي، في هذا الأمر، واضح منذ البداية، وإن الكلمة التي ألقيتها في مصر مهمة للغاية، كما أن رؤية الحزب (العدالة والتنمية) الذي كنت أحد مؤسسيه واضحة، وتؤكد على أن الدولة يجب أن تكون على مسافة متساوية من جميع المجموعات الدينية، وكذلك على مسافة متساوية من طريقة حياتهم، هذه هي العلمانية".
يذكر أن أردوغان كان قد ألقى كلمة في مصر خلال عام 2011، أوضح فيها:"في تركيا هناك دستور علماني، تقف خلاله الدولة على مسافة متساوية من جميع الأديان. والعلمانية لا تعني الإلحاد بالتأكيد، وأنصح باعتماد دستور علماني في مصر".
من جهته، أكد كهرمان، في بيان له، أن تصريحاته تعبر عن رأيه، وأنه تم أخذ تصريحاته من سياقها، وتوظيفها لإثارة الفتنة.
وقال كهرمان إن "كلمة العلمانية تم إدراجها في الدستور عام 1937، وهنا أشرت إلى ضرورة إعادة تعريف العلمانية. على العلمانية أن تكون موجودة في التشريعات التي تمنح الحريات لمختلف المجموعات الدينية، وعلى الدستور الجديد أن يحوي تعريفاً للعلمانية وممارسات لها، لا تضع الدولة في مواجهة مع الأمة".

وكان كهرمان قد اعتبر خلال محاضرة ألقاها مساء الإثنين، في المؤتمر السادس لاتحاد الكتاب والأكاديميين في الدول الإسلامية في جامعة إسطنبول، أن العلمانية يجب ألا يكون لها مكان في الدستور التركي الجديد، قائلاً: "في العالم توجد كلمة العلمانية في ثلاثة دساتير، وهي كل من الدستور الفرنسي والإيرلندي والتركي، وهي موجودة من دون تعريف، ويشرحها كلٌّ بحسب رؤيته، وهذا أمر يجب ألا يكون متواجداً (في الدستور الجديد)، وعلى دستورنا ألا يهرب من مسألة الدستور الديني، وعلينا أن نناقش الدستور بطريقة دينية".


واحتفظت مسودة الدستور الجديد لتركيا بمبدأ العلمانية، بحسب ما أعلن عنه، اليوم الثلاثاء، رئيس لجنة صياغة الدستور في تركيا، مصطفى شنتوب، والذي كشف أن "حزب العدالة والتنمية لم يتطرق إلى حذفه". 

وأوضح شنتوب أنه "لم نناقش حتى فكرة إزالة كلمة العلمانية من نص الدستور. إن رئيس البرلمان لا يتحدث باسم حزب العدالة والتنمية، لا مشكلة في العلمانية، ولكن المشكلة في طريقة تطبيق العلمانية".

وأدلى شنتوب بهذه التصريحات عقب كلمة لكهرمان، في ساعة متأخرة من أمس الإثنين، تحدث فيها عن أن تركيا تحتاج دستوراً دينياً، وأنه ينبغي إسقاط الإشارة إلى العلمانية.

وأثارت تعليقات كهرمان ردود فعل من سياسيين أتراك، إذ علق زعيم المعارضة، كمال كلجدار أوغلو، على تصريحاته، من خلال تغريدة على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، قال فيها: "علينا ألا نفاجأ من أولئك الذين يريدون استهداف السلام الاجتماعي عبر إلغاء مبدأ العلمانية. يا سيد إسماعيل كهرمان إن العلمانية تضمن أن يحيا كل شخص بحسب دينه"، فيما دعا زعيم الكتلة البرلمانية للشعب الجمهوري، لونت غوك، كهرمان إلى الاستقالة.

من جانبه، وجّه زعيم حزب الحركة القومية (يميني متطرف)، دولت بهجلي، انتقادات لتصريحات كهرمان، واعتبر أن "فتح النقاش حول موضوع العلمانية هو أمر خاطئ، وأنا أدعو رئيس مجلس النواب للتراجع عن هذا الخطأ".

وتابع بهجلي: أن "يقوم رئيس مجلس النواب المنتخب بفتح الحوار حول المواد الأربع الأولى من الدستور هو أمر غير صحيح".


وسبق أن وعد حزب "العدالة والتنمية" بإسراع العمل على مسودة الدستور التركي الجديد، والتي أعلن بأنه سيقوم بتقديمها إلى البرلمان التركي، في موعد أقصاه يونيو/ حزيران المقبل.

وسبق أن وجّه رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو، تعليمات واضحة إلى لجنة "العدالة والتنمية" للعمل بشكل مكثف على مسودة الدستور الجديد، وعقد لقاء نقاش مع مجموعة من الخبراء والأكاديميين لتباحث مجموعة من البنود والمقترحات، وتناول الكثير من المواضيع، وبالذات الأمور الخلافية، في ما يخص مقدمة الدستور، والإدارة المحلية، وتعريف المواطنة والهوية، وأيضاً النظام الرئاسي، والبنود الخاصة بالنظام القضائي، لكن مسؤولي "العدالة والتنمية" لم يخوضوا برؤيتهم لشكل النظام الرئاسي، واكتفوا بالاستماع إلى آراء الأكاديميين في هذا الخصوص.

تظاهرة لأنصار العلمانية أمام البرلمان

إلى ذلك، فرّقت الشرطة التركية، اليوم الثلاثاء، تظاهرة نظمها أنصار العلمانية أمام البرلمان التركي في أنقرة، بسبب تصريح رئيس البرلمان. 

وتجمع نحو مائة متظاهر أمام أحد مداخل البرلمان في أنقرة، وهم يهتفون "تركيا علمانية وستبقى كذلك"، قبل أن تتدخل شرطة مكافحة الشغب لتفريقهم بالغاز المسيل للدموع. 

واعتقلت الشرطة عدة أشخاص خلال تفريق التظاهرة. 

ومن المقرر أن تجرى تظاهرات أخرى، الثلاثاء، في مناطق أخرى، احتجاجاً على ما قاله كهرمان، حول حاجة تركيا إلى دستور إسلامي.