ويقول يوسف، الذي يعمل في جامعة بحري، لـ"العربي الجديد" إن "حماسه لاستقبال الرئيس التركي، جاء لقناعته بالدور العظيم الذي يقوم به على صعيد الدفاع عن قضايا الأمة الإسلامية، وآخرها مواقفه تجاه اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل".
ويأمل يوسف أن "تؤتي الزيارة أكلها بتعزيز العلاقات السودانية التركية في مختلف المجالات، وفي نفس الوقت تقود لوحدة الأمة الإسلامية، لتحقيق غايات كبيرة أهمها مواجهة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية".
وتنشط حملات في كافة الأحياء السكنية والنقابات لاستقبال أردوغان، حيث دعا نائب والي الخرطوم، حاتم سليمان، في تصريح صحافي "جماهير الولاية للخروج لاستقبال الرئيس التركي".
بدورها، أعلنت جامعة الخرطوم عن منح درجة الدكتوراه الفخرية لأردوغان "اعترافاً بجهده المتميز في قيادة نموذج ناهض للتنمية في بلاده، وخلقه لشراكات مع السودان والمجتمع المدني في مجال التعليم والصحة، وتقديم العون الإنساني والتنموي والاقتصادي، إضافة لمواقفه المميزة تجاه قضايا الحقوق والعدالة في العالم" بحسب بيان الجامعة.
وتبدي الحكومة السودانية اهتماماً كبيراً بزيارة أردوغان، حيث ألغى الرئيس عمر البشير مؤتمراً بمجلس شورى حزب "المؤتمر الوطني" الذي يتزعمه، من أجل الزيارة، وتوقعت وزارة الخارجية في بيان لها بأن "تفضي الزيارة إلى نقلة نوعية في العلاقات بين البلدين وتعزيز الشراكات الاقتصادية القائمة بينهما، خاصة في مجال الاستثمار والإنتاج الزراعي ومجالات التعليم العالي والبيئة والتعاون العسكري والقانوني والطرق والتعدين والطاقة والصحة والسياحة".
وستتضمن زيارة أردوغان للسودان توقيع عدد من الاتفاقيات المشتركة بين الخرطوم وأنقرة، كما سيلقي خطاباً في جلسة مسائية أمام المجلس الوطني "البرلمان".
وتعتبر الحكومة السودانية، هذه الزيارة مكسباً سياسياً، كونها الأولى من نوعها لرئيس تركي للبلاد منذ استقلال السودان في 1956، في حين كانت زيارة الرئيس الأسبق جعفر النميري لتركيا، في العام 1981، هي الأولى لرئيس سوداني إلى تركيا.
وبعد وصول "الحركة الإسلامية" للحكم في السودان (عام 1989)، وفوز حزب "العدالة والتنمية" في انتخابات 2002، شهدت العلاقات بين الخرطوم وأنقرة تطوراً نوعياً، توج بتشكيل لجان وزارية مشتركة وزيارات عديدة للرئيس عمر البشير لتركيا، لتنضم الأخيرة بذلك للدول التي تحدت قرار المحكمة الجنائية الداعي لتوقيف البشير، وكانت آخر زيارة للرئيس السوداني قبل أيام معدودة للمشاركة في القمة الإسلامية حول القدس.
ويقول مستشار تحرير صحيفة "السوداني"، أسامة عبد الماجد لـ"العربي الجديد" إن "مكسباً إضافياً سيحققه السودان على الصعيد السياسي بزيارة أردوغان، خاصة في هذا التوقيت الذي ترتفع فيه أسهم أردوغان ويتزايد فيه الدور التركي في الإقليم". ويضيف عبد الماجد أنه "في زيارة أردوغان رسائل غير مباشرة لعدد من الدول التي تناوش تركيا، وتدخل معها في حالة شد وجذب"، وتوقع أن "تدفع الزيارة السودان لتغيير رؤيته للتحالفات القائمة في المنطقة".
من جهةٍ أخرى، رافق أردوغان نحو 200 من رجال الأعمال وممثلي الشركات التركية.
وأبدى الأمين العام لاتحاد أصحاب العمل السوداني، بكري يوسف تفاؤله بنتائج زيارة أردوغان في شقها الاقتصادي خاصة الاستثماري، وكشف في تصريحٍ "العربي الجديد" عن اتفاق مع الأتراك حول خارطة عمل تنفيذية، سيتم التوقيع عليها بحضور الرئيسين البشير وأردوغان.
وقال "إن أبواب الاستثمار في السودان مفتوحة للأتراك في كافة المجالات، خاصة في مجال البنى التحتية والموارد الطبيعية والمعادن والكهرباء والأمن الغذائي، معرباً عن أمله في استفادة السودان من التجربة التركية، التي أوصلتها الى مصاف الاقتصاديات الأقوى في العالم.
وأكد بكري يوسف أنه في حال نجحت الشراكة السودانية التركية اقتصادياً، فإن السودان سيصبح مدخلا لتركيا للانفتاح سياسياً واقتصادياً على القارة الأفريقية.
في المقابل، تعيد زيارة أردوغان للسودان للأذهان حقبة الاستعمار العثماني للبلاد في الفترة الممتدة بين 1821-1885، وهو الحكم الذي انتهى بثورة دينية قادها الإمام محمد أحمد المهدي ضد الحكم، وانتهت بطرد الأتراك والمصريين من البلاد.
وفي السياق، قالت حفيدة الإمام المهدي ونائبة رئيس حزب الأمة، مريم الصادق، لـ"العربي الجديد" إن "أردوغان مرحب به من جانب حزب الأمة ومن جانب طائفة الأنصار التي قادت تحرير السودان من قبضة حكم الدولة العثمانية"، مشيرة إلى أن "الحزب يحمل تقديراً وإعجاباً كبيراً بالرجل بمثل ما يحمله له كل الشعب السوداني والشعوب الإسلامية". لكنها طالبت أردوغان بالاعتذار عن إرث الدولة العثمانية.