04 أكتوبر 2024
أربع سنوات بعد قانون التظاهر في مصر
مرت حوالى أربع سنوات على إصدار قانون التظاهر، القانون المثير للجدل الذي تسبب في قتل مئات المتظاهرين، وحبس عشرات الآلاف ممن شاركوا في تظاهرات سلمية، أو ربما لم يشاركوا. استخدمته السلطات الحاكمة في تكدير عشرات الآلاف من الأسر، وعقابها وتشريده، ومعاقبة أفرادها من الأبرياء الذين لا ذنب لهم إلا أن أحد أفرادها ربما حاول التعبير عن رأيه يوما.
تلح عليّ ذكريات كثيرة في هذه الأيام، فأنا أول من تم البدء به في سلسلة الأحكام بالسجن المشدّد بموجب هذا القانون، لنكون عبرة كما يقولون، فكانت هذه رسالةً لكل من له موقف معارض لمسار 3 يوليو/ تموز 2013 أن التظاهر السلمي سيكلف كثيراً، ستقضي سنوات من عمرك في سجنٍ قذر، إذا تجرّأت واعترضت على ما يحدث.
عندما قرّروا إصدار قانون التظاهر فجأة، كانت ذريعتهم مظاهرات "الإخوان المسلمين"، وتحالف دعم الشرعية، وكذلك زعموا أن تلك التظاهرات مدخل للإرهاب، بجانب أنها تعطل عجلة الإنتاج، تصدّرنا المشهد وقتها لمعارضة القانون، لعدة أسباب: أن من حق أي فصيل سياسي التعبير عن رأيه ومطالبه، مهما كان الخلاف معها، وحتى لو كانت عودة الرئيس المعزول، محمد مرسي، وحتى لو كان هناك خلاف بشأن ذلك المطلب، طالما أن تلك التظاهرات سلمية، ولا تحمل سلاحاً.
ومنها أن الحجج بإصدار قانون التظاهر بغرض محاربة الإرهاب، أو بغرض عودة عجلة الإنتاج، واهية، فلمحاربة الإرهاب قوانين وضوابط، ولا يجوز خلط الحابل بالنابل، بجانب أنه لا علاقة بعودة عجلة الإنتاج ووقف التظاهرات السلمية، فعجلة الإنتاج تحتاج إدارة سليمة وحكما رشيدا وتسهيلا للإجراءات ومكافحة للفساد، وليس قمعا للحريات وكتما للأصوات، بجانب أن الدول الإنتاجية المتقدّمة تكاد لا تخلو يوماً واحداً من التظاهرات والاحتجاجات والاعتصامات.
نصحنا بعض مدّعي الليبرالية والمدنية الذين أيدوا مسار 3 يوليو 2013، بكل ما حمله من
انتهاكاتٍ وجرائم، أن نصمت حرصا على سلامتنا، قالوا لنا لا تعترضوا على قانون التظاهر، وتضعوا أنفسكم في المواجهة، لا تضعوا أنفسكم في القارب نفسه مع "الإخوان المسلمين"، دعوهم يجهزوا على "الإخوان" في صمت. وقتها قلنا الموضوع مبدأ، وليس موضوع "الإخوان"، إنه دفاع عن مبدأ حرية الرأي والتعبير، ومبدأ حرية التظاهر، وحرية أي فصيل في أن يعبر عن أفكاره وأن يعترض، حتى لو كانت جماعة الإخوان المسلمين، هكذا يقول المبدأ، وهكذا تقول أفكار الثورة، وهكذا تقول الليبرالية الحقيقية.
إننا ندافع عن المبدأ وليس "الإخوان المسلمين". إن وافقنا على قانون التظاهر الآن، فلماذا اعترضنا في عهد مرسي عندما حاول "الإخوان" تمرير قانون لمنع التظاهر، وإن وافقنا على قانون التظاهر الآن، وصمتنا على إبادة "الإخوان"، فسيتم قمع الجميع وتكميمهم وإبادتهم بعد ذلك، وللأسف هذا ما حدث.
قال لنا بعضهم اصبروا قليلاً، وكفّوا عن تلك الهمجية والفوضوية، نحن نريد دولة القانون ودولة المؤسسات، وليس دولة الفوضى. اصبروا قليلا حتى يتم انتخاب برلمان جديد يلغي القانون. لن يكون الشارع هو المحرّك، الشرعية للمؤسسات وليس الشارع، قلنا لهم هذا كلام قد يبدو حقا لكنه يراد به باطل. كنا نقيم الدنيا ولا نقعدها، عندما كان "الإخوان" يقولون لنا ذلك، شرعية المؤسسات أمام شرعية الميدان، بالاضافة إلى أنه، بهذه الطريقة، لا يبدو أنه سيكون هناك برلمان حقيقي، بمسار 3 يوليو وكل هذا القمع والتلفيق، ثم بقانون التظاهر، فقد عدنا إلى ما هو أسوأ مما قبل ثورة يناير 2011.
ذكريات وتساؤلات بعد أربع سنوات، هل كان القانون ليمرّر لولا الذين باركوا خطوات البطش والقمع منذ 3 يوليو 2013؟ ماذا لو وقف مدعو الليبرالية وقفة جادة في ذلك الوقت، أو استقال بعضهم من لجنة الخمسين لصياغة الدستور، هل كان يجرؤ من يدير وقتها على إقرار القانون، أو استكمال مسار القمع؟ ألم يحن بعد وقت المراجعات للجميع؟ مراجعات لما حدث بعد 11 فبراير/ شباط 2011، وما حدث قبل 30 يونيو/ حزيران 2013، ثم ما حدث بعد 3 يوليو 2013؟ هل كانت الثورة حالمة ورومانسية أكثر من اللازم، وكانت تحتاج بعض البراغماتية؟ أم أن بعضهم كان يعمل بشكل براغماتي أكثر من اللازم؟
تلح عليّ ذكريات كثيرة في هذه الأيام، فأنا أول من تم البدء به في سلسلة الأحكام بالسجن المشدّد بموجب هذا القانون، لنكون عبرة كما يقولون، فكانت هذه رسالةً لكل من له موقف معارض لمسار 3 يوليو/ تموز 2013 أن التظاهر السلمي سيكلف كثيراً، ستقضي سنوات من عمرك في سجنٍ قذر، إذا تجرّأت واعترضت على ما يحدث.
عندما قرّروا إصدار قانون التظاهر فجأة، كانت ذريعتهم مظاهرات "الإخوان المسلمين"، وتحالف دعم الشرعية، وكذلك زعموا أن تلك التظاهرات مدخل للإرهاب، بجانب أنها تعطل عجلة الإنتاج، تصدّرنا المشهد وقتها لمعارضة القانون، لعدة أسباب: أن من حق أي فصيل سياسي التعبير عن رأيه ومطالبه، مهما كان الخلاف معها، وحتى لو كانت عودة الرئيس المعزول، محمد مرسي، وحتى لو كان هناك خلاف بشأن ذلك المطلب، طالما أن تلك التظاهرات سلمية، ولا تحمل سلاحاً.
ومنها أن الحجج بإصدار قانون التظاهر بغرض محاربة الإرهاب، أو بغرض عودة عجلة الإنتاج، واهية، فلمحاربة الإرهاب قوانين وضوابط، ولا يجوز خلط الحابل بالنابل، بجانب أنه لا علاقة بعودة عجلة الإنتاج ووقف التظاهرات السلمية، فعجلة الإنتاج تحتاج إدارة سليمة وحكما رشيدا وتسهيلا للإجراءات ومكافحة للفساد، وليس قمعا للحريات وكتما للأصوات، بجانب أن الدول الإنتاجية المتقدّمة تكاد لا تخلو يوماً واحداً من التظاهرات والاحتجاجات والاعتصامات.
نصحنا بعض مدّعي الليبرالية والمدنية الذين أيدوا مسار 3 يوليو 2013، بكل ما حمله من
إننا ندافع عن المبدأ وليس "الإخوان المسلمين". إن وافقنا على قانون التظاهر الآن، فلماذا اعترضنا في عهد مرسي عندما حاول "الإخوان" تمرير قانون لمنع التظاهر، وإن وافقنا على قانون التظاهر الآن، وصمتنا على إبادة "الإخوان"، فسيتم قمع الجميع وتكميمهم وإبادتهم بعد ذلك، وللأسف هذا ما حدث.
قال لنا بعضهم اصبروا قليلاً، وكفّوا عن تلك الهمجية والفوضوية، نحن نريد دولة القانون ودولة المؤسسات، وليس دولة الفوضى. اصبروا قليلا حتى يتم انتخاب برلمان جديد يلغي القانون. لن يكون الشارع هو المحرّك، الشرعية للمؤسسات وليس الشارع، قلنا لهم هذا كلام قد يبدو حقا لكنه يراد به باطل. كنا نقيم الدنيا ولا نقعدها، عندما كان "الإخوان" يقولون لنا ذلك، شرعية المؤسسات أمام شرعية الميدان، بالاضافة إلى أنه، بهذه الطريقة، لا يبدو أنه سيكون هناك برلمان حقيقي، بمسار 3 يوليو وكل هذا القمع والتلفيق، ثم بقانون التظاهر، فقد عدنا إلى ما هو أسوأ مما قبل ثورة يناير 2011.
ذكريات وتساؤلات بعد أربع سنوات، هل كان القانون ليمرّر لولا الذين باركوا خطوات البطش والقمع منذ 3 يوليو 2013؟ ماذا لو وقف مدعو الليبرالية وقفة جادة في ذلك الوقت، أو استقال بعضهم من لجنة الخمسين لصياغة الدستور، هل كان يجرؤ من يدير وقتها على إقرار القانون، أو استكمال مسار القمع؟ ألم يحن بعد وقت المراجعات للجميع؟ مراجعات لما حدث بعد 11 فبراير/ شباط 2011، وما حدث قبل 30 يونيو/ حزيران 2013، ثم ما حدث بعد 3 يوليو 2013؟ هل كانت الثورة حالمة ورومانسية أكثر من اللازم، وكانت تحتاج بعض البراغماتية؟ أم أن بعضهم كان يعمل بشكل براغماتي أكثر من اللازم؟