ترجع نشأة إدارة المخاطر إلى التطور النوعي الذي عرفته المؤسسات الاقتصادية، المنشآت الصناعية والشركات التجارية في السنوات الأخيرة. فعلاوة على المتغيّرات الجيو ـ استراتيجية والاقتصادية من حيث انعدام الاستقرار، وتزايد الأزمات المالية، الاستقطابات الاقتصادية، وكذلك عولمة وتنافسية الأسواق، نجد أن الشركات تعيش تحولات داخلية كبرى أثّرت في حجم تلك المؤسسات ووجودها بالقطاعات الاقتصادية، ناهيك عن استعمالها لتكنولوجيا المعلومات والاتصال.
وعلى هذا النحو، يمكن تصنيف الشركات الكبرى العاملة بعدة أسواق إلى شركات دولية تتميّز بإدارة مركزية في مقر المؤسسة لكل مكونات سلسلة القيم من شراء، تخزين وتموين، تصنيع وإنتاج، إدارة للموارد البشرية، تسويق، بيع وإدارة للعلاقة مع الزبون، وتكون بذلك شركات للتصدير فقط. ويتجلى النوع الثاني في الشركات متعددة الجنسيات التي تتصف باللامركزية في تدبير شؤونها، فنجدها قريبة من الأسواق.
وفي دراسة دقيقة لسلوكيات المستهلكين في جميع بقاع العالم، تبيّن أن إدارة البحث والتطوير متمركزة في مقرها الأصلي، باعتبارها روح المهنة ومركز ثقل المؤسسة. في حين تسطع شركات عابرة للقوميات باعتماد اللامركزية في الإدارة بما فيها البحث والتطوير، وتسعى إلى اندماج مؤسساتي وتعايش تنظيمي بين كل موظفيها في العالم، فتعلو ثقافة المؤسسة على الانتماءات الأخرى. وبذلك، كلما انفتحت هذه المؤسسات على العالم ازدادت رغبتها في تحسين الأداء وتحقيق مردودية كبرى، وتصاحب ذلك كثرة للمخاطر الخارجية والداخلية التي تعترض سبيل تلك المؤسسات.
يعتبر خطر إمكانية تحقق حدث له عواقب ذات تأثير على الأشخاص، الأصول، أهداف ومهمة مؤسسة اقتصادية وتجارية. ويحدد الخطر من خلال حساب احتمالات حدوثه وتكراره عبر الزمن، وكذلك درجة تأثيره على بنية تلك المؤسسات. وتتعدى المخاطر التي تواجه مسار الشركات حتى أصبحت مرافقة لها في جميع تحدياتها، حيث تتنوع هذه المخاطر بين المنافسة في الأسواق، القلة في التموين، فقدان السيطرة على الأنظمة المعلوماتية، أعطال تقنية في أجهزة الإنتاج، انهيار مالي للسيولة أو تشويه الصورة المجتمعية للمؤسسة.
تمثل إدارة المخاطر مجموع الوسائل والتقنيات التي يتم اللجوء إليها من أجل تخفيض تأثير الخطر والتحكم به في مستوى معيّن، فليست هناك إدارة قادرة على تصفير المخاطر والقضاء عليها نهائياً، بل إجراءات وتدابير تسعى لاحتوائها والتمكن من التغلب عليها بما يؤمّن اتخاذ القرار، يحافظ على قيمة المؤسسة، يضمن قيادة سليمة للشركة ويوجّه مواردها ورأسمالها البشري نحو رؤية موحّدة عبر استباق آفاق المستقبل.
وبناءً على ما سبق، تتدخل تكنولوجيا المعلومات وتقنيات التواصل في جميع مراحل إدارة المخاطر، فعند دراسة سياق المؤسسة، تساهم تكنولوجيا المعلومات في تحديد العوامل المؤثرة في الجوانب السياسية، الاقتصادية، السوسيو ـ ثقافية، التكنولوجية، الإيكولوجية واللوجيستيكية من خلال أنظمة اليقظة الاستراتيجية والذكاء الاقتصادي التي ترصد المتغيّرات وتشخّص حالة العرض والطلب، مع تقييم القدرات الذاتية للمؤسسة ومدى قوتها في الإنتاج، التنظيم والجودة.
كما تبرز أهمية التكنولوجيا عبر الأنظمة المعلوماتية التي تعمل عبر شقين: قواعد بيانات لجمع وتخزين المعلومات، وأخرى لتحليل ونشر تلك المعلومات، الأمر الذي يمكّن من ترتيب المخاطر، توضيح بؤر تأثيرها وتقييم أنظمة المراقبة وقدرتها على مجابهة هذه المخاطر.
وعلى هذا الأساس، تستعين المؤسسات الاقتصادية والتجارية بتقنيات التواصل، خاصة البريد الإلكتروني والشبكات المعلوماتية الداخلية بالشركات لاستقصاء نوعية، أسباب، وتداعيات المخاطر بالإضافة إلى الإجراءات الموجودة للمواجهة، ويتم ذلك عبر استجواب الموظفين ومحاورة فرقاء المؤسسة من زبائن وممولين، وكذلك خبراء ماليين ومستشارين اقتصاديين.
واستكمالاً لكل ما تقدم، تشارك البرامج المعلوماتية والتطبيقات التكنولوجية في مرحلة تحليل المخاطر من خلال تصميم خريطة المخاطر التي تبيّن تموضع كل خطر حسب احتمالية حدوثه وتأثيره على المؤسسة، ما يسهّل صياغة استراتيجية المواجهة عبر تعزيز صمامات الأمان وقياس هامش المناورة، ثم القيام بمقارنة للمخاطر وتتبّع لمؤشرات الخطر التي ترصد في جداول التحليل والقيادة حسب التخصص، فنجد على سبيل المثال أن مؤشرات الخطر المرتبطة بالجانب المالي تكمن في مؤشر الجدارة الائتمانية، مؤشر القدرة على تغطية المديونية ونسبة السيولة المالية.
(باحث وأكاديمي مغربي)
إقرأ أيضا: الإمارات: استثمارات سيادية تتخطى التريليون دولار
وعلى هذا النحو، يمكن تصنيف الشركات الكبرى العاملة بعدة أسواق إلى شركات دولية تتميّز بإدارة مركزية في مقر المؤسسة لكل مكونات سلسلة القيم من شراء، تخزين وتموين، تصنيع وإنتاج، إدارة للموارد البشرية، تسويق، بيع وإدارة للعلاقة مع الزبون، وتكون بذلك شركات للتصدير فقط. ويتجلى النوع الثاني في الشركات متعددة الجنسيات التي تتصف باللامركزية في تدبير شؤونها، فنجدها قريبة من الأسواق.
وفي دراسة دقيقة لسلوكيات المستهلكين في جميع بقاع العالم، تبيّن أن إدارة البحث والتطوير متمركزة في مقرها الأصلي، باعتبارها روح المهنة ومركز ثقل المؤسسة. في حين تسطع شركات عابرة للقوميات باعتماد اللامركزية في الإدارة بما فيها البحث والتطوير، وتسعى إلى اندماج مؤسساتي وتعايش تنظيمي بين كل موظفيها في العالم، فتعلو ثقافة المؤسسة على الانتماءات الأخرى. وبذلك، كلما انفتحت هذه المؤسسات على العالم ازدادت رغبتها في تحسين الأداء وتحقيق مردودية كبرى، وتصاحب ذلك كثرة للمخاطر الخارجية والداخلية التي تعترض سبيل تلك المؤسسات.
يعتبر خطر إمكانية تحقق حدث له عواقب ذات تأثير على الأشخاص، الأصول، أهداف ومهمة مؤسسة اقتصادية وتجارية. ويحدد الخطر من خلال حساب احتمالات حدوثه وتكراره عبر الزمن، وكذلك درجة تأثيره على بنية تلك المؤسسات. وتتعدى المخاطر التي تواجه مسار الشركات حتى أصبحت مرافقة لها في جميع تحدياتها، حيث تتنوع هذه المخاطر بين المنافسة في الأسواق، القلة في التموين، فقدان السيطرة على الأنظمة المعلوماتية، أعطال تقنية في أجهزة الإنتاج، انهيار مالي للسيولة أو تشويه الصورة المجتمعية للمؤسسة.
تمثل إدارة المخاطر مجموع الوسائل والتقنيات التي يتم اللجوء إليها من أجل تخفيض تأثير الخطر والتحكم به في مستوى معيّن، فليست هناك إدارة قادرة على تصفير المخاطر والقضاء عليها نهائياً، بل إجراءات وتدابير تسعى لاحتوائها والتمكن من التغلب عليها بما يؤمّن اتخاذ القرار، يحافظ على قيمة المؤسسة، يضمن قيادة سليمة للشركة ويوجّه مواردها ورأسمالها البشري نحو رؤية موحّدة عبر استباق آفاق المستقبل.
وبناءً على ما سبق، تتدخل تكنولوجيا المعلومات وتقنيات التواصل في جميع مراحل إدارة المخاطر، فعند دراسة سياق المؤسسة، تساهم تكنولوجيا المعلومات في تحديد العوامل المؤثرة في الجوانب السياسية، الاقتصادية، السوسيو ـ ثقافية، التكنولوجية، الإيكولوجية واللوجيستيكية من خلال أنظمة اليقظة الاستراتيجية والذكاء الاقتصادي التي ترصد المتغيّرات وتشخّص حالة العرض والطلب، مع تقييم القدرات الذاتية للمؤسسة ومدى قوتها في الإنتاج، التنظيم والجودة.
كما تبرز أهمية التكنولوجيا عبر الأنظمة المعلوماتية التي تعمل عبر شقين: قواعد بيانات لجمع وتخزين المعلومات، وأخرى لتحليل ونشر تلك المعلومات، الأمر الذي يمكّن من ترتيب المخاطر، توضيح بؤر تأثيرها وتقييم أنظمة المراقبة وقدرتها على مجابهة هذه المخاطر.
وعلى هذا الأساس، تستعين المؤسسات الاقتصادية والتجارية بتقنيات التواصل، خاصة البريد الإلكتروني والشبكات المعلوماتية الداخلية بالشركات لاستقصاء نوعية، أسباب، وتداعيات المخاطر بالإضافة إلى الإجراءات الموجودة للمواجهة، ويتم ذلك عبر استجواب الموظفين ومحاورة فرقاء المؤسسة من زبائن وممولين، وكذلك خبراء ماليين ومستشارين اقتصاديين.
واستكمالاً لكل ما تقدم، تشارك البرامج المعلوماتية والتطبيقات التكنولوجية في مرحلة تحليل المخاطر من خلال تصميم خريطة المخاطر التي تبيّن تموضع كل خطر حسب احتمالية حدوثه وتأثيره على المؤسسة، ما يسهّل صياغة استراتيجية المواجهة عبر تعزيز صمامات الأمان وقياس هامش المناورة، ثم القيام بمقارنة للمخاطر وتتبّع لمؤشرات الخطر التي ترصد في جداول التحليل والقيادة حسب التخصص، فنجد على سبيل المثال أن مؤشرات الخطر المرتبطة بالجانب المالي تكمن في مؤشر الجدارة الائتمانية، مؤشر القدرة على تغطية المديونية ونسبة السيولة المالية.
(باحث وأكاديمي مغربي)
إقرأ أيضا: الإمارات: استثمارات سيادية تتخطى التريليون دولار