أخطاؤهم ليست مسؤوليتي

12 يوليو 2016
+ الخط -
ليس عليّ أن أقول كلاما فلسفياً، حتى أواري من يستحقون اللوم والعتاب، فالأمور واضحة وضوح الشمس، وليس عليّ أن أبجّل وأعظّم من كثرت أخطاؤهم، بحجة أنّ الإنسان خطّاء، ومجبولٌ على ذلك، لكي يتعلم ويصبح أفضل، وبحجة أنّ علينا التعبير عن آرائنا، وإسدال النصائح والمطالبة بالأفضل، وغيره من الكلام الذي يدّعي الديمقراطية، لأن رأي الشباب لم يكن له مكان في أي يوم على لائحة تقرير المصير خاصتهم.
لا أعلم لماذا؟ لكن، ما أعلمه، أننا بنظر الساسة عصيون على تحمل مسؤولية وطن، وعاجزون عن التفكير بحلول "الكبار" التي تضع حدا لكل المشكلات التي نواجهها كما يفعلون هم، أو يعتقدون أنها تنهيها بودية، حتى تصحّح تلك الأخطاء، ويكفّر عن القرارات الهدامة للآمال المنعقدة منذ سنوات، حيث يكون العمر قد مضى. لذلك، لم يعد هناك متسع من الوقت لكي ننتظر التوبة، والتكفير عن الأخطاء التي أصبحت فادحةً وعصيةً على التغيير، في تلك المرحلة، عندما اختارهم أهلنا وكبارنا، ونحن الصغار من بعدهم حتى نجد ملاذا ووطنا، يحقق أحلامنا وآمالنا ويطيّب آلامنا.
عندما قررنا أن نحقق ما حلمنا به من مستقبل مهني، كانت الصدمة بالواقع أعجزتنا عن التفكير، وأصبح يجول في فكرنا تساؤل واحد: هل أخطأ آباؤنا وأجدادنا عندما أرادوا لنا معيشةً نزيهةً في حوزة الأمناء، وأصحاب الحق، حتى قدّموا أصواتهم على طبق من ذهب.
نعم كانوا أهل لها، وأصحاب قضية ووطن وثوابت لم تتغير. لكن، ما تغيّر الآن هو النفوس والسياسات الحكومية فزادت الأخطاء، وقل الصواب، وأحبطت الآمال، وخابت التصورات لمستقبل جديد وواعد.
أصبح اللوم والعتاب حبيس القلوب التي آمنت بهم، وصوتت لهم. لكن، لم علينا تحمّل أخطاء غيرنا، وبذل كل طاقتنا لقول كلاما لن يسمعه أحد أو يلقي له بالاً.
من يهمه أمر الشباب وأحلامهم وطموحاتهم ومشاريعهم وهمومهم وبطالتهم المتراكمة سنة بعد سنة، لم يسأل، ولو مرة واحدة: ما الحلول التي يمكن أن تطبّق وترضي بعضاً من الآمال، وتحرّك الجمود الطاغي على عقولهم من عجز التفكير بفعل الإحباط المتكلس على القلوب؟ ذلك ليس نقدا بناء، فلست سياسية أو زعيمة حزب أو طامعة في كرسي حكم أو حاقدة على حزب. أتحدث كشابة بنت آمالاً وأحلاماً تكسرت على أحجار الواقع، صاحب الوعود بالازدهار والرفعة، لكنه كان ولازال مريرا جدا. أستيقظ على انقسام، حطّم الماضي المشرف للشعب المناضل المعروف في العالم كله بالمقاومة منذ الأزل، وعدم الاستسلام ولو على رقابه. والآن، المستقبل كما ترون لا يرثى له، ينتظر قرارا شجاعا ممن يهمهم الأمر للنهوض من وحل الأحقاد المشتعلة كل يوم، وقس عليه.
هذا الوطن العزيز يقع على عاتقنا، ومسؤوليته واجب وفرض. لكن، ليس علينا تحمل مسؤولية أخطاء غيرنا، فنحن بحاجة لمن يقوّمنا، ويرشدنا الطريق، ويصحح أخطاءنا. نعم، بحاجة للساسة، لكن ليس بحاجة لأخطائهم.
D1092CA1-0D4E-4084-A0D6-3B178551C1E2
D1092CA1-0D4E-4084-A0D6-3B178551C1E2
منة أبو أحمد (فلسطين)
منة أبو أحمد (فلسطين)