أختي لم تزنِ

14 يناير 2015
تحرّرت من عبودية سنين (Getty)
+ الخط -
أحبّت رنا ذلك الشاب الذي كان يتعقبها كظلّها. كانت تسير بخطوات متعثّرة، كلّما دنت منها خطواته. لم تجرؤ على النظر إلى الخلف، همست إلى صديقتها كي تتأكّد من المسافة التي تفصلها عنه.

دارت بين رنا والشاب شبه أحاديث اختلساها بعيداً عن عيون الناس التي انهمكت تترقّبهم. لم تنج رنا من تلك العيون التي سرّبت أخبارها إلى أخيها آدم. خشي ضياع هيبته، وأراد سحق مشاعر رنا، ودبّر زواجها من رجل يكبرها بعشرين عاماً.

صُدمت رنا وتجرّأت للمرّة الأولى أن تعارض. بكت وترجّت. سدى ذهبت توسّلاتها. توعدّت رنا بالهرب من ذلك الزوج ولو أنجبت منه عشرة أولاد، ممّا اضطر آدم إلى وضع المسدس في رأسها متوعداً إياها بالقتل.

رضخت رنا. بقي صدى كلماتها المتألّمة يتردّد في مخيّلة آدم. خوفاً من وفائها بوعدها، استأجر سكناً إلى جانب سكن زوجها في سورية، كي يمنع أي محاولة هروب قد تراود أخته.أقامت رنا مع زوجها وأختيه في منزل صغير. وكرهته على الرغم من إنجابها ثلاثة أولاد. مرّ الزمن ولم تتأقلم رنا مع الوضع.

أحسّ آدم بانفطار قلبها، وشعر بضرورة التدخل. فطلب من زوجها الانتقال إلى سكن آخر متذرّعاً بأنّ وجود الأختين لم يعد مقبولاً. رد الزوج: "أحتاج إلى بعض الوقت للانتقال". "سآخذ أختي وأعود بها إلى لبنان، ريثما تدبّر مسألة السكن". أجاب آدم.غادرت رنا مع أخيها والأولاد، كأنّها تتحرّر من عبودية سنين. مرض ابنها ووصلت أنباء إلى أبيه أنّ زوجته لا تكترث بحال الأولاد، فما كان منه إلاّ أن أخذ أولاده. وهمّ عائداً إلى سورية.

أحسّت رنا بالانتصار على الرغم من فقدانها أولادها واستحالة العودة إلى حبيبها الذي هاجر إلى أميركا بعد عجزه عن الدفاع عنها. ولم تمض فترة حتّى وقعت رنا في غرام رجل متزوّج أقنعها بالهروب معه، كي يتسنى لها الطلاق ويتزوجا، فتهمة الزنا كفيلة بحصولها على الطلاق الكنسي.التبست مشاعر رنا بين الانتقام والحب وحرية القرار، وفرّت إلى سورية حيث أقامت مع ذلك الرجل.

جُنّ جنون آدم، شعر بنظرات الاحتقار والاستهزاء أينما وجِد. بحث جاهداً عنها وهمّ قاصداً مسكنها. ارتعبت رنا لدى رؤية أخيها، لكنّه كان رقيقاً، أقنعها بالعودة معه إلى لبنان كي يثبت لأهالي المنطقة أنّ أخته تزوجت بموافقته. انطلت الخدعة على رنا.

أحسّت الوالدة بما يخطّط له ابنها، فدعت رنا إلى النوم في غرفتها وقرّرت السهر لتحميها من شرّ نوايا ابنها. عبثاً قاومت النوم. وما إن غفت، حتّى دخل آدم الغرفة، وما كان منه إلاّ أن صوّب المسدس إلى رأسها وضغط على الزناد. اخترقت الرصاصة يد رنا التي شاءت الأقدار أن تضعها على جبينها وتغفو، فأنقذتها من موت محتّم.

وقفت الأخت بيدها الجريحة، في المحكمة لإنقاذ أخيها: "يا حضرة القاضي، لو كنت مكان أخي لقتلتني، لقد رآني أزني". صرخ آدم متألّماً، يضرب رأسه بالقضبان: "لو كنت مكاني يا حضرة القاضي، لأدركت أنّ أختي لم تزنِ".
المساهمون