أخبار الحمقى والمغفلين [14]

22 ديسمبر 2018
رسم: فؤاد هاشم
+ الخط -

عن محمد الداري أنه قال: كان عندنا رجلٌ بـ (دارا)، وكان فيه غفلة، فخرج من داره ومعه عشرة حمير، فركب واحداً وعدها، فإذا هي تسعة، فنزل وعدّها، فإذا هي عشرة، فقال لنفسه: أنا أمشي وأربح حماراً خيرٌ من أن أركبَ ويذهب مني حمار!
فرأيتُه يمشي حتى كاد يتلف إلى أن بلغ قريته!

جاء المخاض لامرأة أبي الهذيل، فقالوا له:
- امض وراء القابلة (المُوَلِّدة).
فجاءها فقال: امضي إلى بيتنا حتى تولِّدي امرأتي، واحرصي أن يكون المولود غلاماً، ولك عليّ دينار!

كان إبراهيم بن الخصيب أحمق، وكان له حمار، وكان بالعشي إذا علق الناس المخالي لحميرهم، أخذ مخلاة حماره فقرأ عليها (قل هو الله أحد)، وعلقها عليه فارغة، وقال:
- إنّ (قل هو الله أحد) خير من ألف مكوك شعير.
فما زال كذلك حتى نَفَقَ (مات) الحمار!

وعن أبي إسحاق الجوني قال: كان لنا جار نحاس أحمق يقال له عباس، بلغ من العمر خمساً وثمانين سنة، سألته امرأة عن مسألة ما فقالت:
- زوجي طلقني ثلاثاً.
قال: أرضي أبوك وأمك؟
قالت: لا.
قال: فإذن يجوز العود حتى يرضى أبوك وأمك.
قالت: ولكنني سألتُ أبا إسحاق الجوني فقال لي (لقد طُلِّقْتِ).
فقال: وما يُدري أبا إسحاق، أنا أبصرُ منه، وأعلم منه، وأكبرُ منه، وأنا ألقيت على (أبا) إسحاق مسألة فلم يخرج منها بنتيجة.

واشترى أبو عبد الحميد سمكة، فنام إلى أن تستوي، فجيء بالسمكة فأكلتها امرأته مع صويحباتها، ثم مسحتْ زوجتُه شفتيه وأطراف أصابعه منها.
فلما استيقظ دعا بالغداء فقال: هاتوا السمكة.
فقالت له امرأتُه: يا مخبل، ألست أنت قد أكلتها ونمتَ ولم تغسل يديك؟
فشم يده فوجد ريح السمك، فغسل يديه وقال:
- ما رأيتُ سمكةً أمرأ (أكثر قابلية للهضم) من هذه، قد جعتُ فهيئوا لي الغداء!

وقيل للأحمق (غندر)، وهو رجل سليم البدن، معافى:
- إن الناس يعظمون أمر السلامة التي فيك، فحدثنا منها بشيء صحيح.
فقال: صُمْتُ يوماً، فأكلتُ ثلاثَ مرات ناسياً، أكلتُ ثم تذكرتُ أني صائم، ثم نسيتُ ثم ثَنَّيْتُ، ثم ثَلَّثْتُ فأتممتُ صومي!

ومات جارٌ لرجل مكي، فلم يتبع جنازته، فقالوا له:
- ويحك! لِمَ لَمْ تتبعْ جنازته؟
فقال: أأنا مجنون حتى أُذَكِّرَ بنفسي؟

وكان رجلٌ يقول لمفتي أهل مكة عمرو بن دينار: أنا اُبَصِّرُ بالنجوم.
فقال له عمرو: أتعرفُ الهقعةَ والقَنْعَةَ والوَقْعَةَ؟
قال: نعم.
قال: الآن أيقنتُ أنك لا تعلم من النجوم شيئاً!

دخلَ شيخٌ أحمقُ من أهل الري على حاتم العقيلي فقال: أنت الذي تروي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقراءة فاتحة الكتاب خلف إمام المسجد؟
قال: أي نعم، قد صح الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك.
فقال الشيخ الأحمق: كذبتَ. إن فاتحة الكتاب لم تكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنما نزلتْ في عهد عمر بن الخطاب!

قال أبو الفرج الأصفهاني: حدثني أبي قال: رأيتُ إنساناً يدغدغُ نفسه، فقلت له: لم تفعلُ هذا؟
فقال: اغتممتُ فأردتُ أن أضحك قليلاً.

وقيل لهبيرة لما ماتت امرأتُه: اندبها.. اذكرها بشيء.
قال: يا فلانة رحمك الله، لقد كان بابُك مفتوحاً، ومتاعُك مبذولاً.

ولقي تاجرٌ تاجراً فقال له: ما اسمك؟
قال: أبو عبد، منزل القطر عليكم من السماء تنزيلاً، الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه.
فقال: مرحباً بك يا ثلث القرآن!

سقط أخو عثمان بن سعيد في البئر، فقال له: أنت في البئر؟
قال أخوه: أما تراني!
قال: لا تذهب حتى أجيئك بمن يُخرجك.

أراد رجل اسمه (ناجِيَه) الخروجَ إلى بغداد، فوضع سلماً وجعل يصعدُ وينزل.
فقيل له: ما تصنع؟
قال: أتعلم السفر!

وأخبرني أبو صالح البصري، قال: وُلِدَ لرجل ولدٌ وهو مسافر، فكتبتْ إليه امرأتُه تبشره بالمولود، فكتب إليها:
- بلغني أنك ولدت ابناً، فأحسن الله جوزاءك، وأعانني على مكافأتك، وقد أسميتُه (محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم!)

وأراد رجلٌ أن يختن ابنه فقال للحجام: ارفق به، فإنه ما اختتن قط.

وكان لإبراهيم وكيل يقال له خليل، قدم من ضيعته فقال له: متى قدمت؟
قال: غداً يا سيدي.
قال: فأنت الآن في الطريق إذن!

وقال أبو الحسن بن عمر: بعتُ داراً لي، فكنتُ كلما أذنتُ بباب المسجد أنسى أنني بعتُها فأصلي وأرجعُ إليها وأفتح الباب وأدخل، فتصيح بي النساء:
- يا رجل، اتق الله فينا!
فأقولُ: اعذرنني، فإنني ولدت في هذه الدار، وأنسى كل يوم.
إلى أن أتى على ذلك مدة.

وكان الشاعر عبدان الأسدي أحمق، وكان يأتي ابنَ بشر فيقول له: أخمسمئة اليومَ أحبُّ إليك أم ألفٌ في القابل؟
فيقول: ألفٌ في القابل.
فإذا أتاه قابلٌ قال له: أألفٌ أحبُّ إليك اليومَ أم ألفان في القابل؟
فلم يزل كذلك حتى مات.

وعن أبي الحسن الدامغاني حاجب معز الدولة قال:
- كنتُ في دهليز معز الدولة، فصاح صائحٌ: نصيحة.
فاستدعيتُه وقلت له: ما نصيحتُك؟
قال: لا أذكرُها إلا للأمير.
فدخلت على الأمير فأعلمتُه، فقال: هاته!
فأحضرتُه بين يديه فقال: ما عندك؟

قال: أنا رجلٌ صياد بناحية المدائن، وكنتُ أصيدُ فعلقت شبكتي بأسفل جرف، فاجتهدتُ في تخليصها فتعذر ذلك عليّ، حتى نزلتُ وغصتُ في الماء، فإذا هي معلقة بعروة حديد، فحفرت فإذا قمقمٌ مملوء مالاً، فرددتُه مكانه وناديتُ لأبلغ الأمير.

قال الدامغاني: فانحدرتُ معه إلى المدائن العتيقة حالاً، وقصدنا الجرف، فوجدنا القمقم وقلعناه، وسعيتُ بنفسي في تتبع الموضع، فتقدمتُ إلى الصياد استقصاء الحفر، فوجدنا سبعة قماقم أخرى مملوءة مالاً، فحملنا الجميع إلى معز الدولة، فسر به، وأمر للصياد بعشرة آلاف درهم، فامتنع عن قبولها، وقال: الذي أريده غير المال.
قال معز الدولة: ما هو؟
قال: أن تجعل لي صيد تلك الناحية وتمنع كل أحد غير من الصيد فيها.
فضحك الأمير وعجب من جهله وحمقه، وأمر له بما سأل.

خرج أناس من اليمن من منازلهم حتى صاروا إلى شعب من الجبل، فاختفوا فيه فقالوا: نهرب من شهر رمضان لا يدخلُ علينا.

وكان بـ (واسط) رجلٌ مغفل، إلى جوار داره إسطبل، فقال له أهلُه: إنا نغسلُ الثياب وننشرها على السطح، فيطير بعضُها إلى الإسطبل، فلا يُرَدُّ لنا.
قال: وأنتم؛ إذا طار لهم شيء فلا تردوه لهم!
قالوا: وأي شيء يمكن أن يطير من أرض الإسطبل إلى سطحنا؟
قال: أي شيء يطير، مثل لجام ومقود فرس.. وغير ذلك!

وقيل إن رجلاً من (السندية) وهي على بعد ستة فراسخ من بغداد، حمل دجاجات ليبيعهن قريباً من نهر دجلة ببغداد، فأفلتت دجاجة رقطاء، فطلبها فلم يستطع الإمساك بها، فقال لها: اذهبي إلى السندية حتى أبيع الباقي!
ثم جاء وباع البواقي ورجع إلى القرية وجعل يتفقد الدجاجة فلم يرها، فقال لزوجته: أين الدجاجة الرقطاء؟
فقالت: لا أدري.
قال: عجباً. لقد تركتها من بغداد لترجع إليكم، أفما جاءت؟!

كتب أحد الأدباء (الحَمَّام التي)..
فقيل له: إن الحَمَّام مذكر.
فقال: هو حَمَّامُ النساء!

دلالات
المساهمون