السينما مثلها كمثل باقي الفنون، تساوي الخير والجمال. لكن يبدو أن نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لا يفضل هذه النوعية من القيم وحامليها، بل إنه ينتصر ليس فقط للموالين له و"المطبلاتية" - كما يصفهم المصريون - بل للعنصريين وأصحاب المبادئ الفاشية. هذا المعنى تجسد بقوة في القرار الذي أعلنته وزيرة الثقافة المصرية، إيناس عبد الدايم، بإسناد مهمة المدير الفني لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي إلى الناقد السينمائي أحمد شوقي، الذي كان يقوم بتلك المهمة بشكل غير رسمي بعد رحيل الناقد الفني والمدير السابق يوسف شريف رزق الله.
يقول ناقد سينمائي، عمل في لجان عدد من المهرجانات الفنية، إنه ورغم أن القرار كان متوقعاً، ولكن البعض كان يأمل أن تراجع وزيرة الثقافة المصرية نفسها وتتريث قليلاً في البحث عن بديل آخر يليق باسم مهرجان القاهرة السينمائي وتاريخه، خصوصاً في ظل الآراء العنصرية، التي يطلقها شوقي على منصات التواصل الاجتماعي ويؤكدها ليل نهار، وهي الآراء التي لم تعد خافية على أحد. ولكن يبدو أن شوقي وصلاته الأمنية باتا أقوى بكثير من سطوة وزارة الثقافة.
ما بين وصفه لضحايا مذبحة استاد بورسعيد بـ"النافقين" وهجومه المستمر على ثورة 25 يناير/ كانون الثاني، واقتراحه بإنتاج مسلسل عن "مجزرة رابعة" يمجد الجيش والشرطة، قدم الصيدلاني ومندوب المبيعات السابق أحمد شوقي أوراق تعيينه مديراً فنياً لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي.
شوقي معروف بولائه التام للأجهزة الأمنية، فهو الداعم الدائم لكل القرارات التي كان يتم اتخاذها ضد ثوار 25 يناير/ كانون الثاني، والرئيس الراحل محمد مرسي، وكان أحد المؤيدين لمذبحة رابعة، بل كثيراً ما كان يكتب على صفحته في فيسبوك مطالباً بدهسهم بالدبابات، وهو الموقف الذي لم يتراجع عنه مطلقاً، إذ طالب مؤخراً في منشور له على فيسبوك الشركة "المتحدة" التابعة للمخابرات المصرية بأن تقوم بإنتاج مسلسل مثل "الاختيار" عما وصفها بـ"ملحمة رابعة"، حيث كتب: "عايزين مسلسل عن ملحمة رابعة بقى يا متحدة". ولا يعرف أي ملحمة يراها في قتل مئات الأبرياء لرجل يقدم نفسه على أنه مهتم بالسينما وينادي بالحريات.
تلك الفاشية تجسدت في كثير من آرائه، حتى الكروية منها. كتب شوقي: "بصراحة مش عيب على... ألتراس جهلاوي أنهم يشتموا شيكابالا بالأم.. طبيعي دي الكورة وده التشجيع وده اللي حارقهم.. العيب كل العيب في الاندفاع اللي خلاه يعمل تصرف ممحون ويتبرع لنافقيهم باتنين مليون جنيه وهو أصلا عليه ديون مش عارف يسددها، في حين ناديهم نفسه تبرع بمليون واحد.. بس ياللا الواحد لما بيعطف على واحد جربان، لازم ياخد باله إنه ممكن يعديه".
المأساة السورية لم تسلم أيضاً من تعليقات أحمد شوقي العنصرية؛ إذ إنه هاجم الأفلام السورية في منافسات "أوسكار"، بالتزامن مع وصول الفيلمين "إلى سما" و"الكهف" للترشيحات عن فئة لأفضل فيلم وثائقي. واتهم شوقي المخرجين باستغلال المأساة السورية للتسويق لأفلامهم والوصول بها لترشيحات "أوسكار".
وسخر شوقي من معاناة السوريين مصوراً إياها على أنها "مجرد تمثيلية": "أظهر جوازك السوري وشهادة اللجوء السياسي، شوية صور حرب وبيوت مهدمة، حد بيحاول ينقذ الضحايا ويا حبذا لو واحد من الأبطال خلال التصوير يموت ولا يتفقعله عين، يلعن روحك يا حافظ، مبروك عليك الترشح للأوسكار".
وعلى الرغم من أنّ موقف شوقي الأخلاقي بتسخيف مأساة شعب كامل غير مفهوم من وجهة نظر إنسانية، إلا أنّ موقفه من الأفلام السورية التي وصلت لترشيحات "أوسكار" لن يكون غريباً إن كان يتعاطى معها كـ"أفلام معارضة للنظام السوري"، ويجردها من قيمتها الفنية والإنسانية، نظراً لعلاقته وزوجته الواضحة مع مؤسسات وفعاليات وشخصيات مدعومة من قبل النظام السوري.
وكان شوقي قد أعلن في الأول من ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أنّ كتابه "سينما ما بعد الحراك" الذي يتضمن 61 مقالًا كتبها عن أفلام مصرية عُرضت بين مطلع عام 2012 ومطلع عام 2018، صدر "بعد فترة من رفض الفكرة"، عن "سلسلة الفن السابع" التابعة لـ"المؤسسة السورية العامة للسينما"، الشهيرة بسيطرتها على الساحة الفنية السورية، وفرض قيود على الفنانين لصالح النظام، والعمل على طمس جرائمه.
كما لا تخفى علاقة العمل الواضحة بين المخرج السوري جود سعيد، المعروف بموقفه المؤيد للنظام السوري، والشهير بأفلامه التي تبيض صفحته، وبين سمر ياسين زوجة شوقي التي عملت في مجال التوزيع والإعلام في شركات عدة، من بينها "ماد سوليوشن" التي شاركت الكثير من المنشورات التي تروج لفيلم "نجمة الصبح" لسعيد، موضحة تواريخ عرضه والمهرجانات التي يشارك فيها.
ظهر شوقي في المشهد السينمائي والفني المصري منذ ثماني سنوات فقط، هو خريج كلية الصيدلة وعمل لفترة مندوب مبيعات بإحدى شركات الأدوية، ثم درس الإعلام بالجامعة المفتوحة وحصل على بعض الدورات في مجال السينما. لم يكن يعرفه كثيرون، ولكن ساعدته علاقته اللصيقة بالناقد السينمائي الراحل علي أبو شادي، صاحب المناصب المتعددة في وزارة الثقافة المصرية أيضاً، إذ شغل منصب رئيس الرقابة على المصنفات الفنية، ورئيس المركز القومي للسينما، ورئيس المجلس الأعلى للثقافة. وكان أبو شادي المعروف بعلاقاته الوطيدة والقوية مع الأجهزة الأمنية أيضاً، هو من تولّى تقديم شوقي للحياة السينمائية المصرية، ودعمه بكل الأشكال، وهو من عرفه إلى الناقد ومدير مهرجان القاهرة السينمائي الراحل يوسف شريف رزق الله.
هكذا، ضمّ رزق الله شوقي إلى لجان المشاهدة بالمهرجان، ومنذ أن دخل شوقي مقر "17 شارع قصر النيل" - المقر الرئيسي لمهرجان القاهرة السينمائي - لم يغادره بل ظل لصيقاً بيوسف شريف رزق الله وماجدة واصف، الرئيسة السابقة للمهرجان، وانتقل من لجان المشاهدة إلى فريق البرمجة، وجاءته الفرصة الكبرى بعد رحيل ماجدة واصف وتولي محمد حفظي ومرض رزق الله، حيث أقنع حفظي بأنه يعرف كل كبيرة وصغيرة في أروقة المهرجان. كان حفظي يحتاج لشخص قريب منه ويثق به ويعرفه جيداً بعيداً عن العاملين في المهرجان منذ سنوات طويلة. وبالفعل كان هذا الشخص هو شوقي، الذي أصبح ذراعه اليمنى، كما أن الاثنين تربطهما مصالح وعلاقات عمل من خلال شركة الإنتاج التي يمتلكها حفظي والشركة التي يعمل فيها شوقي مع كاتب السيناريو محمد أمين راضي وأيضاً شركة "ماد سليوشن" والتي يمتلكها السوري علاء كركوتي، وتعمل في مجال الدعاية الفنية وتسويق الأفلام والمهرجانات إضافة إلى تنظيم العديد من التظاهرات الفنية، وهما شركتان طاولتهما اتهامات بالتعامل مع إسرائيليين وصهاينة بالخارج، وذلك بحسب بيان وقّع عليه عدد كبير من السينمائيين وقت تولي حفظي رئاسة مهرجان القاهرة.
اقــرأ أيضاً
عداء مدير مهرجان القاهرة السينمائي الجديد يبدو أن له صلة ما بوظيفة والده الشرطية، فوالده كان ضابطاً بجهاز الشرطة وصل إلى منصب مدير إدارة مرور محافظة الأقصر قبل أن يحال إلى التقاعد، كما أن شقيقه ضابط شرطة أيضاً. ويقال إن والده قد تعرض إلى اعتداء من قبل متظاهرين في الشارع إبان أحداث ثورة يناير، وأجبروه على خلع بزته الرسمية، وهو الموقف الذي أثر في شوقي كثيراً بحسب مقربين منه.
ما بين وصفه لضحايا مذبحة استاد بورسعيد بـ"النافقين" وهجومه المستمر على ثورة 25 يناير/ كانون الثاني، واقتراحه بإنتاج مسلسل عن "مجزرة رابعة" يمجد الجيش والشرطة، قدم الصيدلاني ومندوب المبيعات السابق أحمد شوقي أوراق تعيينه مديراً فنياً لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي.
شوقي معروف بولائه التام للأجهزة الأمنية، فهو الداعم الدائم لكل القرارات التي كان يتم اتخاذها ضد ثوار 25 يناير/ كانون الثاني، والرئيس الراحل محمد مرسي، وكان أحد المؤيدين لمذبحة رابعة، بل كثيراً ما كان يكتب على صفحته في فيسبوك مطالباً بدهسهم بالدبابات، وهو الموقف الذي لم يتراجع عنه مطلقاً، إذ طالب مؤخراً في منشور له على فيسبوك الشركة "المتحدة" التابعة للمخابرات المصرية بأن تقوم بإنتاج مسلسل مثل "الاختيار" عما وصفها بـ"ملحمة رابعة"، حيث كتب: "عايزين مسلسل عن ملحمة رابعة بقى يا متحدة". ولا يعرف أي ملحمة يراها في قتل مئات الأبرياء لرجل يقدم نفسه على أنه مهتم بالسينما وينادي بالحريات.
تلك الفاشية تجسدت في كثير من آرائه، حتى الكروية منها. كتب شوقي: "بصراحة مش عيب على... ألتراس جهلاوي أنهم يشتموا شيكابالا بالأم.. طبيعي دي الكورة وده التشجيع وده اللي حارقهم.. العيب كل العيب في الاندفاع اللي خلاه يعمل تصرف ممحون ويتبرع لنافقيهم باتنين مليون جنيه وهو أصلا عليه ديون مش عارف يسددها، في حين ناديهم نفسه تبرع بمليون واحد.. بس ياللا الواحد لما بيعطف على واحد جربان، لازم ياخد باله إنه ممكن يعديه".
المأساة السورية لم تسلم أيضاً من تعليقات أحمد شوقي العنصرية؛ إذ إنه هاجم الأفلام السورية في منافسات "أوسكار"، بالتزامن مع وصول الفيلمين "إلى سما" و"الكهف" للترشيحات عن فئة لأفضل فيلم وثائقي. واتهم شوقي المخرجين باستغلال المأساة السورية للتسويق لأفلامهم والوصول بها لترشيحات "أوسكار".
وسخر شوقي من معاناة السوريين مصوراً إياها على أنها "مجرد تمثيلية": "أظهر جوازك السوري وشهادة اللجوء السياسي، شوية صور حرب وبيوت مهدمة، حد بيحاول ينقذ الضحايا ويا حبذا لو واحد من الأبطال خلال التصوير يموت ولا يتفقعله عين، يلعن روحك يا حافظ، مبروك عليك الترشح للأوسكار".
وعلى الرغم من أنّ موقف شوقي الأخلاقي بتسخيف مأساة شعب كامل غير مفهوم من وجهة نظر إنسانية، إلا أنّ موقفه من الأفلام السورية التي وصلت لترشيحات "أوسكار" لن يكون غريباً إن كان يتعاطى معها كـ"أفلام معارضة للنظام السوري"، ويجردها من قيمتها الفنية والإنسانية، نظراً لعلاقته وزوجته الواضحة مع مؤسسات وفعاليات وشخصيات مدعومة من قبل النظام السوري.
وكان شوقي قد أعلن في الأول من ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أنّ كتابه "سينما ما بعد الحراك" الذي يتضمن 61 مقالًا كتبها عن أفلام مصرية عُرضت بين مطلع عام 2012 ومطلع عام 2018، صدر "بعد فترة من رفض الفكرة"، عن "سلسلة الفن السابع" التابعة لـ"المؤسسة السورية العامة للسينما"، الشهيرة بسيطرتها على الساحة الفنية السورية، وفرض قيود على الفنانين لصالح النظام، والعمل على طمس جرائمه.
كما لا تخفى علاقة العمل الواضحة بين المخرج السوري جود سعيد، المعروف بموقفه المؤيد للنظام السوري، والشهير بأفلامه التي تبيض صفحته، وبين سمر ياسين زوجة شوقي التي عملت في مجال التوزيع والإعلام في شركات عدة، من بينها "ماد سوليوشن" التي شاركت الكثير من المنشورات التي تروج لفيلم "نجمة الصبح" لسعيد، موضحة تواريخ عرضه والمهرجانات التي يشارك فيها.
ظهر شوقي في المشهد السينمائي والفني المصري منذ ثماني سنوات فقط، هو خريج كلية الصيدلة وعمل لفترة مندوب مبيعات بإحدى شركات الأدوية، ثم درس الإعلام بالجامعة المفتوحة وحصل على بعض الدورات في مجال السينما. لم يكن يعرفه كثيرون، ولكن ساعدته علاقته اللصيقة بالناقد السينمائي الراحل علي أبو شادي، صاحب المناصب المتعددة في وزارة الثقافة المصرية أيضاً، إذ شغل منصب رئيس الرقابة على المصنفات الفنية، ورئيس المركز القومي للسينما، ورئيس المجلس الأعلى للثقافة. وكان أبو شادي المعروف بعلاقاته الوطيدة والقوية مع الأجهزة الأمنية أيضاً، هو من تولّى تقديم شوقي للحياة السينمائية المصرية، ودعمه بكل الأشكال، وهو من عرفه إلى الناقد ومدير مهرجان القاهرة السينمائي الراحل يوسف شريف رزق الله.
هكذا، ضمّ رزق الله شوقي إلى لجان المشاهدة بالمهرجان، ومنذ أن دخل شوقي مقر "17 شارع قصر النيل" - المقر الرئيسي لمهرجان القاهرة السينمائي - لم يغادره بل ظل لصيقاً بيوسف شريف رزق الله وماجدة واصف، الرئيسة السابقة للمهرجان، وانتقل من لجان المشاهدة إلى فريق البرمجة، وجاءته الفرصة الكبرى بعد رحيل ماجدة واصف وتولي محمد حفظي ومرض رزق الله، حيث أقنع حفظي بأنه يعرف كل كبيرة وصغيرة في أروقة المهرجان. كان حفظي يحتاج لشخص قريب منه ويثق به ويعرفه جيداً بعيداً عن العاملين في المهرجان منذ سنوات طويلة. وبالفعل كان هذا الشخص هو شوقي، الذي أصبح ذراعه اليمنى، كما أن الاثنين تربطهما مصالح وعلاقات عمل من خلال شركة الإنتاج التي يمتلكها حفظي والشركة التي يعمل فيها شوقي مع كاتب السيناريو محمد أمين راضي وأيضاً شركة "ماد سليوشن" والتي يمتلكها السوري علاء كركوتي، وتعمل في مجال الدعاية الفنية وتسويق الأفلام والمهرجانات إضافة إلى تنظيم العديد من التظاهرات الفنية، وهما شركتان طاولتهما اتهامات بالتعامل مع إسرائيليين وصهاينة بالخارج، وذلك بحسب بيان وقّع عليه عدد كبير من السينمائيين وقت تولي حفظي رئاسة مهرجان القاهرة.