أحزاب مصرية عن زيادة المحروقات: الغضب الشعبي قابل للانفجار..والسيسي ضاعف أسعار الطاقة

18 يونيو 2018
المخاوف من موجة الغلاء (محمد الشاهد/ فرانس برس)
+ الخط -

أعلنت عدة من الأحزاب المصرية رفضها لقرار الحكومة الأخير برفع أسعار المحروقات بنسب تصل إلى 66.6% في عطلة عيد الفطر، محملة الرئيس عبد الفتاح السيسي، المسؤولية المباشرة عن عواقب القرار الوخيمة، وما سيفضي إليه من موجة غلاء تشمل جميع السلع، علاوة على تفاقم أزمة الركود التضخمي، واستفحال المديونية، بما يهدد برهن الاقتصاد المصري، واستنزاف عوائده.

وطالب حزب "التحالف الشعبي الاشتراكي" حكومة السيسي بالتراجع عن قرار زيادة المحروقات فوراً، والذي جاء بعد زيادات في أسعار استهلاك الكهرباء، والمياه، وتذاكر مترو الأنفاق، وسلة واسعة من السلع قبلها بأسابيع قليلة، مؤكداً أن موجة الغلاء التي تضرب مصر من أقسى ما شهدته من موجات، ويكتوي بنارها الفقراء، ويمتد لهيبها إلى الطبقة الوسطى.

وقال الحزب، في بيان صادر عنه: "ليس غريباً أن تباغت مؤسسات الحكم الشعب بالقرارات الأخيرة في عطلة رسمية، في حين يتحمل رئيس الجمهورية المسؤولية المباشرة عن هذه السياسات، وآثارها، لا بحكم كونه حاكماً للبلاد فقط، بل أيضاً بما يصرح به عن انحيازه لها"، في إشارة إلى حديث السيسي عن مسؤوليته الكاملة عن قرارات رفع الأسعار.

وأضاف الحزب: "الغريب أن الزيادة تواكبت مع تزايد الحديث عن الحوار بين الأحزاب والقوى السياسية المختارة، وهو الحوار الذي يدور فعلاً في المؤسسات الأمنية، وتحت رعايتها، والذي لم يشمل آثار السياسات الاقتصادية في تجريف موارد الدولة، وإفقار أغلبية الشعب.. كما لم يتطرق إلى عدالة توزيع الموارد، والأعباء، أو أثر تعاظم المديونية، أو محاولة الإصغاء لأنين الشعب، واحتمال انفجار الغضب، رغم السكون البادي".

وتابع: "جل ما رمى إليه النظام هو جر كل الأطراف إلى حظيرة الصمت والموالاة، في وقت تتغول فيه سياساته على حقوق أغلبية الشعب من الطبقة الوسطى، والفقراء، والهابطين كل يوم تحت خط الفقر"، مشدداً على ضرورة وجود سياسات بديلة "عوضاً عن تجريف موارد الاقتصاد في مشروعات لم تثبت جدواها، أو أولويتها بالقياس لموارد الدولة، كتفريعة قناة السويس، والعاصمة الإدارية الجديدة، التي التهمت عشرات المليارات من الجنيهات".

"رأسمالية المحاسيب"

ودعا الحزب إلى اتخاذ إجراءات حاسمة في مواجهة "رأسمالية المحاسيب"، التي راكمت ثروات هائلة بالأمر المباشر، وبمواجهة حازمة للفساد، ونظام ضريبي عادل، وتشغيل الطاقات العاطلة في الاقتصاد، محذراً من خطورة التوجه نحو صندوق النقد الدولي، والخضوع لمشروطيته، التي تلزم بإلغاء الدعم، وتحجيم العمالة، وبيع الأصول الإنتاجية والخدمية.

وزاد الحزب: "التجربة أثبتت أن السياسات المستسلمة لشروط صندوق النقد الدولي، وكما كل التجارب الشبيهة في البلدان الأخرى، لم تؤد إلا لرهن الاقتصاد المصري كتابع للرأسمالية العالمية، وزيادة الفجوة الاجتماعية بتركز ثروة المجتمع في يد أقلية محدودة، على حساب أغلبية يتزايد إفقارها، وحرمانها من حقوقها الأساسية".

وواصل الحزب في بيانه: "لقد وصلت الأمور لمستوى غير مسبوق، وشديد الفجاجة في نظرة الحكم لدور الدولة، وكأنها مجرد تاجر، والشعب زبائن، متخلية عن دورها في تلبية الحقوق المشروعة التي حددها الدستور في ما يخص العقد الاجتماعي، بل تجاوزه، وانتهاكه، والتحايل عليه بما يهز بعنف شرعية الحكم".

بجاحة النظام

ونوه الحزب إلى غياب رؤية تنمية الاقتصاد لدى السلطة الحاكمة، واستمرارها في سياسات الانحياز لصالح المستثمرين ورجال الأعمال، متابعاً "بلغت البجاحة لدى النظام القائم إلى مضاعفة أسعار الطاقة بنسب تصل إلى 600% خلال 4 سنوات، واستثنى كالعادة من الزيادة في الأسعار غاز المصانع المحلية المباع للأجانب، وفي مقدمتها مصانع الأسمنت التي تصل أرباحها نحو 300%".

وختم الحزب محذراً من تصاعد الغضب الشعبي المشروع، القابل للانفجار في أي لحظة، رفضاً للسياسات الحالية، مؤكداً "انحيازه للجماهير الشعبية، ورفضه لهذه السياسات، والإجراءات، التي لا بد من إلغائها، والالتزام بالبدائل الدستورية، وأهداف ثورة 25 يناير المعلنة، والتي سيفرضها الشعب المصري عاجلاً أو آجلاً".

روشتة الصندوق

بدوره، قال "الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي" إن رفع أسعار الوقود هو استمرار من السلطة الحاكمة في تنفيذ روشتة صندوق النقد الدولي، أو ما يطلقون عليه "برنامج الإصلاح الاقتصادي"، الذي أدى عملياً إلى إفقار السواد الأعظم من الشعب المصري، لصالح طبقة اجتماعية محدودة، تتركز في أيديها يوماً بعد يوم الثروة والسلطة.

وقال الحزب: "نعم تعاني بلادنا من أزمة اقتصادية كبيرة، ولكن هذه الأزمة هي النتيجة المباشرة والمنطقية لنفس السياسات الاقتصادية التي تُطرح الآن باعتبارها الحل!"، متسائلاً "كيف يمكن، في ظل عدم الإنفاق الكافي على التعليم والصحة، والاستمرار في تجويع الناس، وحرمانهم حتى من القوت الضروري، أن يكون هناك عمالة ماهرة قادرة على الإنتاج، وقادرة أيضاً على توسيع رقعة الطلب في السوق، بحيث يصبح هناك جدوى من الاستثمار؟".

وأضاف الحزب: "كيف يمكن لمصر أن تكون بلدا جاذبا للاستثمار، في ظل تدخلات مباشرة من السلطات في توزيع العطاءات والعطايا على البعض من دون البعض الآخر؟ وفي ظل وجود تخوفات جادة في كثير من الأوساط المحلية والدولية، حول الاستقرار السياسي والاجتماعي في البلاد، من جراء السياسات الاقتصادية نفسها!".

استنزاف الموارد

وتابع: "إعادة توزيع الثروة من خلال الأدوات المتوفرة للدولة مثل الضرائب، وتوصيل الدعم المناسب لمستحقيه هو أحد جوانب الحل.. فضلاً عن إعطاء دفعة للإنفاق العام على التعليم والصحة، ودعم وإقامة مشروعات إنتاجية، وضغط الإنفاق الحكومي الباذخ، بما فيه التراجع عن رفع مرتبات الوزراء والنواب".

وتمسك الحزب بضرورة التوقف فوراً عن استنزاف موارد الدولة المحدودة في مشروعات غير مدروسة، ومشكوك في جدارتها، وجدواها، كأحد جوانب الحل، إلى جانب فتح السوق أمام المستثمرين من دون أن تنحاز السلطات لمستثمر على حساب الآخر.

وأعرب الحزب عن تضامنه الكامل مع المطالب التي طرحها تكتل (25-30) النيابي، والموجهة إلى رئيس الجمهورية، بحكم مسؤوليته الأولى والأخيرة عن القرارات الاقتصادية، والتي شملت إلغاء قرار رفع أسعار المحروقات، ورفض بيان الحكومة الجديدة التي تنفذ نفس سياسات الحكومة السابقة، وخطها الاقتصادي، وعقد مؤتمر وطني اقتصادي يضم كافة القوى السياسية لوضع خطة اقتصادية وسياسية بديلة خلال شهرين.

ودعا الحزب كذلك إلى ضرورة البدء بشكل عاجل في تنفيذ مجموعة من الإجراءات التي يمكن أن تخفف من وطأة الإجراءات الاقتصادية، مثل تفعيل منظومة "كوبونات الوقود"، والاشتراكات المخفضة للمواصلات العامة لأصحاب الدخول المحدودة، والتوسع في الدعم النقدي للأسر الفقيرة.

فاض الكيل

وتحت عنوان "فاض الكيل وطفح"، قالت "الحركة المدنية الديمقراطية"، والتي تضم مجموعة من الأحزاب والقوى السياسية المصرية المعارضة، إن السلطة الحاكمة اتخذت خلال الأسابيع القليلة الماضية حزمة من الإجراءات الاقتصادية، التي ترجمتها الحكومة إلى قرارات قاسية، وآخرها رفع أسعار المحروقات بنسب تصل إلى 50% في المتوسط، وذلك بعد رفع أسعار المياه والكهرباء، وهو ما يعني تلقائياً رفع أسعار وسائل النقل، وجميع السلع الاستهلاكية.

وأضافت الحركة، في بيان لها، أن "قرارات الزيادة يصاحبها ثبات في دخول جميع العاملين، سواء في جهاز الدولة، أو في القطاع الخاص، وهو ما يعني الانخفاض الفعلي لدخل المواطن بنفس نسب الزيادة التي جرت.. كما تتناقض هذه الزيادات المتوالية مع وعود سابقة لرئيس البلاد بعدم إقرار أي زيادات في الأسعار، أو تخفيض الدعم، ما لم تتحقق زيادة في دخول المواطنين".

وأضافت الحركة: "المسؤولون يدعون أن اتخاذ هذه الإجراءات ضرورية، ولا بديل عنها، لخفض عجز الموازنة، وتحسين وضع الاقتصاد، وزيادة معدل النمو الاقتصادي.. والحقيقة أن البدائل كثيرة، ومن بينها - على سبيل المثال - محاربة الفساد المستشري، وضغط الإنفاق الحكومي البذخي، وتعديل النظام الضريبي، وجعله متوازناً، بحيث يدفع الأغنياء، وأصحاب الدخول المرتفعة، ما يتناسب مع دخولهم، مع تخفيف الأعباء عن كاهل الفقراء، ومحدودي الدخل من أبناء الطبقة الوسطي".

سياسات جائرة

وأشارت الحركة في هذا الصدد إلى أن أهمية فرض الضرائب التصاعدية، كونها منصوص عليها في الدستور المصري، بينما تصر الحكومة دون أي مبرر على تأجيل فرض ضريبة الأرباح الرأسمالية على البورصة، مطالبة بإعادة هيكلة وتوزيع الاستثمارات، وتوجيه النسبة الأكبر للمشاريع الإنتاجية، بهدف توفير فرص عمل حقيقية، سواء في مجال الصناعة أو الزراعة، بدلاً من الاستثمار في مشروعات لم تتم دراستها، وإنفاق المليارات على كتل خرسانية لن تجدي نفعاً.

وحذرت الحركة المسؤولين في الدولة من مغبة تلك السياسات الجائرة، والتي تنذر بمخاطر كبيرة حال عدم احتمال أغلبية الشعب لها، بما قد يؤدي إلى انفجارات عفوية غير مأمونة العواقب علي الجميع، معلنة عن دعمها الكامل لمطالب أعضاء البرلمان المصري من تكتل (25-30)، وعلى رأسها إلغاء قرار رفع أسعار المحروقات فوراً "قبل أن يندم الجميع".

المساهمون