بعد أسبوع على الاعتداءات الإرهابية التي ضربت فرنسا، ما زالت أجواء الخوف والإشاعات تتصدر الواجهة، وتتواصل ردود الفعل بعد اعتراف تنظيم "القاعدة" في الجزيرة العربية بمسؤوليته عن الهجوم، واعتراف كوليبالي عن مسؤولية تنظيم "داعش" في ما يخص الأعمال التي أقْدَم عليها.
وزاد نشر الإدارة الجديدة لصحيفة "شارلي إيبدو" رسوماً جديدة مستفزة عن الرسول من درجات الاحتقان والقلق، وإذا كانت الجالية الإسلامية، ممثلة في العديد من جمعياتها ومنظماتها وبعض رجال الدين، طالبت مجموع أفرادها بالتزام الهدوء وتجاهل كل استفزاز مقصود، لم يعد حكراً على "شارلي إيبدو" بل امتد إلى "لوكنار أونشيني" و"ليبراسيون" وغيرها، فإنها تعرضت، ولا تزال، للكثير من الاعتداءات العنصرية، التي لا تحظى، للأسف، بالتغطية الاعلامية المطلوبة.
وفي هذا الجو المحتقن، تلقت صحف وكتاب وصحفيون تهديدات بالقتل، على غرار ما أعلنته "لوكنار أونشنيه"، (التي نفدت هي الأخرى من الأسواق)، في حين تلقى الصحفي، إيريك زمور، تهديداً بالقتل دفعه لإلغاء لقاءاته وتوقيعاته لكتابه المثير للجدل "الانتحار الفرنسي"، مما جعل الشرطة توفر له حماية خاصة مقربّة.
وفي هذه الظروف التي تطغى عليها المُقاربة الأمنية، على كل المستويات، اعترفت دوائر القضاء الفرنسي باتخاذها، منذ الاعتداء الذي طال "شارلي إيبدو"، أكثر من خمسين إجراءً قضائياً ومتابعات سريعة، وصدرت عدة أحكام قاسية وصلت إلى أربع سنوات سجناً في حق شخص مخمور تسبب في حادث سيارة، كما تم اعتقال الفكاهي الساخر ديودوني بتهمة تبرير "الإرهاب".
ومن جهة أخرى، وفي ظل الصخب الإعلامي المتعلق بـ"شارلي إيبدو"، لم يلتفت إلا القليل للحكم الجائر (10 أشهر مع وقف التنفيذ) الذي أصدرته محكمة باريس بحق المناضل المهندس، نوح شباي، المؤيد للقضية الفلسطينية، والذي شارك في تظاهرات باريس المؤيدة للشعب الفلسطيني أثناء حرب غزة الأخيرة.
وقد أصدر تجمع "حملة إلغاء القوانين الإسلاموفوبية"، بياناً استغرب فيه إصدار مثل هذا الحكم على مواطن يتضامن مع القضية الفلسطينية، وتساءل التجمع حول ما إذا كان من الممكن الحديث عن حرية التعبير في هذه القضية.