أجر الموظف السوري أقل من سعر الغرام الواحد

22 فبراير 2016
ارتفاع كبير في أسعار الذهب(لؤي بشارة/ فرانس برس)
+ الخط -
قبل نحو عام على موعد زواجه، الذي يحل الشهر المقبل، اشترى المواطن السوري نزار، الحلى الذهبية الخاصة بحفل زفافه وذلك "تجنباً لارتفاع متوقع في أسعار الذهب إذ واصلت الأسعار ارتفاعها طيلة الأعوام الخمس الماضية". يقول نزار لـ "العربي الجديد": "لو انتظرت حتى اليوم، كنت سأحصل على نصف كمية الذهب التي اشتريتها في مطلع عام 2015 بسبب تضاعف السعر تقريباً"، إذ على الرغم من أن ارتفاع أسعار الذهب في سورية كان متواصلاً وبوتيرة شبه منتظمة، لكن شهر شباط/ فبراير الحالي شهد قفزة كبيرة في الأسعار بحيث وضعت سعر الغرام الواحد من الذهب عند حدود 15 ألف ليرة سورية، وهو ما يفوق الحد الأدنى للأجور المعلن رسمياً في سورية والبالغ 13500 ليرة سورية.

هذا وقد تدهورت القوة الشرائية لأجور السوريين العاملين في القطاعين الخاص والعام بشكل كبير خلال السنوات الماضية. ويبدو ذلك واضحاً من حقيقة أن متوسط راتب المواطن السوري كان يكفي لشراء 7 غرامات من الذهب في عام 2011، وأصبح يشتري في عام 2015 نحو غرامين. ولكن الارتفاع الكبير في أسعار الذهب خلال الأشهر الماضية انحدر بالقوة الشرائية لرواتب السوريين، والتي أصبحت لا تكفي لشراء غرام واحد من الذهب. يقول الباحث الاقتصادي، نزار ديب، أن "الحد الأدنى للأجور في سورية مُقيَّماً بالليرة السورية ارتفع قليلاً عما كان عليه قبل اندلاع الثورة وذلك بسبب الزيادات الاسمية على الأجور، ولكن القيمة الحقيقية للأجور انخفضت خلال الأعوام الماضية".
ويضيف في حديث مع "العربي الجديد": "قبل اندلاع الثورة كان الحد الأدنى للأجور يقل عن الحد الأدنى لتكلفة المعيشة بنحو 50 في المائة، أما اليوم فيقل بنحو 300 في المائة، مما يعني أنه غير إنساني، ولا يؤمن أدنى المتطلبات المعيشية لأسرة صغيرة مكونة من ثلاثة أفراد فقط". تقول سمر (27 عاماً) المتزوجة حديثاً، لـ "العربي الجديد"، إن: "تقاليد وعادات الزواج تغيرت بشكل كبير خلال العامين الماضيين في سورية، وذلك بسبب ارتفاع الأسعار بشكل خيالي ما جعل تأمين المستلزمات التقليدية للزواج، من ذهب ومهر وأثاث جديد وحفل زفاف، شبه مستحيل للغالبية الساحقة من الشبان".
ومن ضمن التغييرات التي طرأت تقول سمر أن "حالات زواج كثيرة باتت تتم بشراء خواتم فقط من دون مجوهرات إضافية، كما جرت العادة، فيما يلجأ البعض إلى الفضة بدلاً من الذهب أو إلى شراء عيار منخفض من الذهب".

إقبال ضعيف

يقول أبو شاكر، وهو صاحب محل للذهب في العاصمة دمشق، لـ "العربي الجديد" إن "الإقبال على شراء الذهب منخفض جداً وهو ما يدفع الكثير من محال بيع المجوهرات لإقفال أبوابها، وكذلك الحال مع عدد كبير من الورشات التي تعمل في مجال صياغة الذهب".

ويشير أبو شاكر إلى أنه "في الأعوام الثلاثة الأولى للأزمة في سورية، كان هنالك إقبال على شراء الذهب من أجل التخلص من النقود السورية التي كانت قيمتها تتراجع، أما المقبلون على الزواج اليوم فأصبحوا يشترون كميات أقل من الذهب". وفي حين تشير "الجمعية الحرفية للصاغة والمجوهرات" في دمشق وريفها، إلى أن أسباب ارتفاع الذهب تعود بصورة رئيسية إلى "ارتفاع أسعار الأونصة العالمية". ويعتقد الباحث، نزار ديب، أن "السبب الرئيسي للارتفاع السريع في أسعار الذهب هو انخفاض سعر صرف الليرة السورية بشكل متسارع، خلال الأشهر الماضية، إذ ارتفع سعر الذهب عالمياً بشكل طفيف فقط ، وذلك لا يفسر الارتفاع الكبير لسعره في سورية". ويضيف: "عادة ما ترفع الحروب في الشرق الأوسط أسعار الذهب عالمياً ومحلياً، وقد حصل ذلك في حرب الخليج وفي أثناء الغزو الأميركي للعراق، ويحدث حالياً في الحرب السورية، إذ يساهم فقدان الاستقرار وتزايد العمليات العسكرية في سورية والعراق، بمشاركة دول كبرى، في ارتفاع أسعار الذهب عالمياً".
ويشير ديب إلى أن "تراجع كمية الذهب في سورية يشكل ضغوطاً إضافية على السعر، إذ قام النظام السوري ببيع معظم احتياطيات الذهب لديه في مطلع الثورة، وذلك من أجل الحصول على القطع الأجنبي ومواجهة تكاليف الحرب وتأثير العقوبات الاقتصادية الغربية والعربية". ويضيف: "كما أن عدداً كبيراً من الذين تركوا البلاد، وهم بالملايين، أخذوا معهم مدخراتهم من الذهب".

اقرأ أيضاً:استمرار تدهور الاقتصاد السوري في 2016