31 مايو 2021
أبوظبي والرياض... من يصنع المعروف؟
يحكى قديما أن بعض الأعراب خرجوا للصيد فصادفتهم أنثى الضبع وكانوا يلقبونها بأم عامر فقرروا قتلها، غير أنها لاذت بالفرار والتجأت إلى بيت أحد الأعراب الذي قرر أن يؤويها نظرا لما للجوار من مكانة عند العرب قديما جدا..
لحق الصيادون العرب بأم عامر عند بيت الأعرابي ظنا منهم أنه سيسلمهم إياها، غير أن الرجل غلبت عليه نخوته وشهامته فليس من عادة العرب حينها أن يسلموا المستجير حتى ولو كان حيوانا.. فما كان منه إلا أن أشهر سيفه في وجوههم وتعهد بقتل من يحاول الاقتراب من أنثى الضبع المستجيرة به، ففر الصيادون العرب من دون أن يصلوا إلى مبتاغهم من أم عامر..
أدخل الرجل أم عامر الضبع إلى بيته وأطعمها من جوع وآمنها بعد خوف وخلد للنوم، ظنا منه أن معروفه يحميه من غدر الضباع.. فكان أن حدثت الفاجعة، حين خلد للنوم هجمت عليه الضبع وافترسته وقتلته وهربت.. في صبيحة اليوم الثاني وصل أحد أقاربه إلى المنزل فوجده قتيلا، فعرف أن الضبع أم عامر هي الفاعلة، فلحق بها وقتلها وأنشد بيته الشهير الذي أصبح مثلا يردده الناس في كل مكان وزمان:
ومن يصنع المعروف في غير أهله
يلاقي الذي لاقى مجير أم عامر
ذكرتني هذه القصة التي كانت ترويها لي جدتي وأنا صغير بالتحالف بين السعودية والإمارات في اليمن خاصة، وضد النفوذ الإيراني في المنطقة، كيف كانت الرياض تثق بأبوظبي دون كل الأشقاء الآخرين عربا وخليجيين وغيرهم.. حتى قال الناس إنهم بلد واحد في رقعتين جغرافيتين! قبل أن يستيقظوا على وفد إماراتي في طهران للتفاوض ثم اتفاق سياسي بمثابة الطعنة في ظهر الرياض التي يقال إنها رأس الحربة في مواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة، وهو نفوذ يمتد من صنعاء وصولا لبيروت ومرورا ببغداد ودمشق، وكانت الإمارات حاملة لواء المعادين له ويهاجم ساستها وإعلاميوها وفنانوها ملالي طهران وأفعالهم.
في اليمن الذي كان سعيدا قبل إعادة صناعة صالح من قبل الحليفين وتقوية الحوثيين، دخل القوم والرياض على رأسهم دفاعا عن الشرعية وأحقية الرئيس هادي في الحكم ودفاعا عن سيادة اليمن وحتى لا تصل يد طهران، فكان الجنوب على الأقل محميا وموحدا تحت راية الشرعية المحمية من التحالف العربي..
وفجأة انقلبت الموازين، بدت الإمارات في محاولة لترويض هادي من خلال دعم انفصاليين جنوبيين، ثم ظهور بعض المليشيات التابعة للإمارات في عدن وتعز تنفذ عمليات اختطاف واغتيالات في وضح النهار.. سكت هادي ومن ورائه الرياض حليفة أبوظبي والتي من المفروض أن لها القيادة..
ثم زادت الخلافات بين هادي وأبوظبي بعد منع طائرته من الهبوط وهو القادم من الرياض والمحمي من ملكها، في إهانة للشرعية وللسيادة الوطنية اليمنية وللرياض سياسيا على الأقل،
لحق الصيادون العرب بأم عامر عند بيت الأعرابي ظنا منهم أنه سيسلمهم إياها، غير أن الرجل غلبت عليه نخوته وشهامته فليس من عادة العرب حينها أن يسلموا المستجير حتى ولو كان حيوانا.. فما كان منه إلا أن أشهر سيفه في وجوههم وتعهد بقتل من يحاول الاقتراب من أنثى الضبع المستجيرة به، ففر الصيادون العرب من دون أن يصلوا إلى مبتاغهم من أم عامر..
أدخل الرجل أم عامر الضبع إلى بيته وأطعمها من جوع وآمنها بعد خوف وخلد للنوم، ظنا منه أن معروفه يحميه من غدر الضباع.. فكان أن حدثت الفاجعة، حين خلد للنوم هجمت عليه الضبع وافترسته وقتلته وهربت.. في صبيحة اليوم الثاني وصل أحد أقاربه إلى المنزل فوجده قتيلا، فعرف أن الضبع أم عامر هي الفاعلة، فلحق بها وقتلها وأنشد بيته الشهير الذي أصبح مثلا يردده الناس في كل مكان وزمان:
ومن يصنع المعروف في غير أهله
يلاقي الذي لاقى مجير أم عامر
ذكرتني هذه القصة التي كانت ترويها لي جدتي وأنا صغير بالتحالف بين السعودية والإمارات في اليمن خاصة، وضد النفوذ الإيراني في المنطقة، كيف كانت الرياض تثق بأبوظبي دون كل الأشقاء الآخرين عربا وخليجيين وغيرهم.. حتى قال الناس إنهم بلد واحد في رقعتين جغرافيتين! قبل أن يستيقظوا على وفد إماراتي في طهران للتفاوض ثم اتفاق سياسي بمثابة الطعنة في ظهر الرياض التي يقال إنها رأس الحربة في مواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة، وهو نفوذ يمتد من صنعاء وصولا لبيروت ومرورا ببغداد ودمشق، وكانت الإمارات حاملة لواء المعادين له ويهاجم ساستها وإعلاميوها وفنانوها ملالي طهران وأفعالهم.
في اليمن الذي كان سعيدا قبل إعادة صناعة صالح من قبل الحليفين وتقوية الحوثيين، دخل القوم والرياض على رأسهم دفاعا عن الشرعية وأحقية الرئيس هادي في الحكم ودفاعا عن سيادة اليمن وحتى لا تصل يد طهران، فكان الجنوب على الأقل محميا وموحدا تحت راية الشرعية المحمية من التحالف العربي..
وفجأة انقلبت الموازين، بدت الإمارات في محاولة لترويض هادي من خلال دعم انفصاليين جنوبيين، ثم ظهور بعض المليشيات التابعة للإمارات في عدن وتعز تنفذ عمليات اختطاف واغتيالات في وضح النهار.. سكت هادي ومن ورائه الرياض حليفة أبوظبي والتي من المفروض أن لها القيادة..
ثم زادت الخلافات بين هادي وأبوظبي بعد منع طائرته من الهبوط وهو القادم من الرياض والمحمي من ملكها، في إهانة للشرعية وللسيادة الوطنية اليمنية وللرياض سياسيا على الأقل،
ظلت الإمارات تخطط حتى بعد استيلائها على جزيرة سقطرى.. صمتت المملكة وغضت الطرف عن مطامع حليفتها التي طعنتها في الظهر..
أما اليوم فلم تعد الرياض قادرة على السكوت، خاصة بعد فضيحة انقلاب عدن واعتراف الإمارات رسميا، والاعتراف سيد الأدلة، بقصف القوات الموالية للشرعية في أبين وعدن، في تطور خطير له تداعياته السياسية والاستراتيجية على اليمن وعلى التحالف وعلى العلاقات بين أبوظبي والرياض، اللتين تقترب علاقتهما الآن من تصنيف العداوة والحرب!
فذاك البيان الأخير شديد اللهجة الصادر عن المملكة الداعم لهادي والرافض لانقلاب عدن والمدين لحكام أبوظبي، خير دليل على سوء العلاقة السياسية بين البلدين، ناهيك عن الهجوم الإلكتروني السعودي على دولة الإمارات، الذي يدل على مرحلة قادمة لا محالة من الصراع، بعدما اختلفت المصالح والغايات؛ فأبوظبي اقتربت أشواطا من طهران لتبتعد أخرى عن الرياض، وهو حق سياسي لا تعاب عليه، فالغاية كما قال عظماء السياسة في أوروبا تبرر الوسيلة، ولا يوجد أعداء دائمون ولا أصدقاء دائمون، قاعدة سياسية متعارف عليها..
من حق الإمارات البحث عن حلفاء استراتيجيين أقوياء والبحث عن مصالحها ومصالح شعبها، لكن ليس من حق الإمارات ولا غيرها الاستيلاء على أرض الغير ولا غزوها ولا محاولات تقسيمها ولا دعم الانقلابات وإجهاض الديمقراطية في بلدان أخرى ولا فتح سجون للمعارضين وكبت الحريات. ليس من حق الإمارات أن تتدخل في اختيارات الشعوب الأخرى، ولا أن تملي عليهم من يختارونهم لحكمهم.
أما الرياض فتبدو كالمنهزم سياسيا على الأقل فلا هي كسبت حلفاءها الخليجيين، ولا هي منعت النفوذ الإيراني في اليمن ولا منعت الشرعية من أن تسقط في عدن، لقد كان اللص الذي يسعى لسرقتها يعيش في منزلها نفسه طوال هذه السنين، ولم يستطيعوا التعرف عليه حتى خرج في وضح النهار وقال لهم أنا اللص وأنا المنقلب وأنا ضد التجارب الديمقراطية في كل الأقطار العربية.. إن ما تفعله الإمارات اليوم في اليمن وفي المنطقة لمِن عبر التاريخ والواقع والمستقبل، وهو من بدايات نهايات الأمم عبر التاريخ، فكم دولة كانت نهاياتها السعي للنفوذ والتسلط على الغير فعاقبها التاريخ وعاقبتها الشعوب، وكم من حليف كان التحالف معه خطأ قاتلا لا يغتفر.
لقد تحالف بعض حكام بغداد مع التتار فكانت نهايتهم على أيديهم وسقطت بغداد، على أمل ألا تكون نهاية الدولة السعودية على يد حليفتها التي طعنتها في الظهر! فلقد خسرت الرياض بسببها مكانتها كرأس حربة العالم الإسلامي السني، وخسرت قيادتها للخليج فتفرق سياسيا، وخسرت قيادة العرب بعدما صاروا أحلافا، وها هي تخسر مكانتها في قلوب اليمنيين الذين كانوا يدعونها للمسارعة في إنقاذهم من الحوثيين، واليوم يدعون على حكامها، ويدعون لخروج تحالفها من أرضهم التي كانت سعيدة، بعدما اكتشف الجميع أن حاميها هو حراميها كما يقول المثل الشعبي المصري.
هذا ما جنته أبوظبي على الرياض وما جنته الرياض من تحالفها مع حكام الإمارات، ونحن في انتظار بقية ما ستفصح عنه الأيام بين حلفاء الأمس من عبر ودروس.. فمن يصنع المعروف في غير مكانه يلاقي الذي لاقاه مجير أم عامر!
أما اليوم فلم تعد الرياض قادرة على السكوت، خاصة بعد فضيحة انقلاب عدن واعتراف الإمارات رسميا، والاعتراف سيد الأدلة، بقصف القوات الموالية للشرعية في أبين وعدن، في تطور خطير له تداعياته السياسية والاستراتيجية على اليمن وعلى التحالف وعلى العلاقات بين أبوظبي والرياض، اللتين تقترب علاقتهما الآن من تصنيف العداوة والحرب!
فذاك البيان الأخير شديد اللهجة الصادر عن المملكة الداعم لهادي والرافض لانقلاب عدن والمدين لحكام أبوظبي، خير دليل على سوء العلاقة السياسية بين البلدين، ناهيك عن الهجوم الإلكتروني السعودي على دولة الإمارات، الذي يدل على مرحلة قادمة لا محالة من الصراع، بعدما اختلفت المصالح والغايات؛ فأبوظبي اقتربت أشواطا من طهران لتبتعد أخرى عن الرياض، وهو حق سياسي لا تعاب عليه، فالغاية كما قال عظماء السياسة في أوروبا تبرر الوسيلة، ولا يوجد أعداء دائمون ولا أصدقاء دائمون، قاعدة سياسية متعارف عليها..
من حق الإمارات البحث عن حلفاء استراتيجيين أقوياء والبحث عن مصالحها ومصالح شعبها، لكن ليس من حق الإمارات ولا غيرها الاستيلاء على أرض الغير ولا غزوها ولا محاولات تقسيمها ولا دعم الانقلابات وإجهاض الديمقراطية في بلدان أخرى ولا فتح سجون للمعارضين وكبت الحريات. ليس من حق الإمارات أن تتدخل في اختيارات الشعوب الأخرى، ولا أن تملي عليهم من يختارونهم لحكمهم.
أما الرياض فتبدو كالمنهزم سياسيا على الأقل فلا هي كسبت حلفاءها الخليجيين، ولا هي منعت النفوذ الإيراني في اليمن ولا منعت الشرعية من أن تسقط في عدن، لقد كان اللص الذي يسعى لسرقتها يعيش في منزلها نفسه طوال هذه السنين، ولم يستطيعوا التعرف عليه حتى خرج في وضح النهار وقال لهم أنا اللص وأنا المنقلب وأنا ضد التجارب الديمقراطية في كل الأقطار العربية.. إن ما تفعله الإمارات اليوم في اليمن وفي المنطقة لمِن عبر التاريخ والواقع والمستقبل، وهو من بدايات نهايات الأمم عبر التاريخ، فكم دولة كانت نهاياتها السعي للنفوذ والتسلط على الغير فعاقبها التاريخ وعاقبتها الشعوب، وكم من حليف كان التحالف معه خطأ قاتلا لا يغتفر.
لقد تحالف بعض حكام بغداد مع التتار فكانت نهايتهم على أيديهم وسقطت بغداد، على أمل ألا تكون نهاية الدولة السعودية على يد حليفتها التي طعنتها في الظهر! فلقد خسرت الرياض بسببها مكانتها كرأس حربة العالم الإسلامي السني، وخسرت قيادتها للخليج فتفرق سياسيا، وخسرت قيادة العرب بعدما صاروا أحلافا، وها هي تخسر مكانتها في قلوب اليمنيين الذين كانوا يدعونها للمسارعة في إنقاذهم من الحوثيين، واليوم يدعون على حكامها، ويدعون لخروج تحالفها من أرضهم التي كانت سعيدة، بعدما اكتشف الجميع أن حاميها هو حراميها كما يقول المثل الشعبي المصري.
هذا ما جنته أبوظبي على الرياض وما جنته الرياض من تحالفها مع حكام الإمارات، ونحن في انتظار بقية ما ستفصح عنه الأيام بين حلفاء الأمس من عبر ودروس.. فمن يصنع المعروف في غير مكانه يلاقي الذي لاقاه مجير أم عامر!