وشرع أبو سالم منذ أربعة أشهر في توثيق تاريخ الحركة التعليمية شمال القطاع، في ظل غياب أرشيف يوثق ذلك لدى المدارس أو الجهات الحكومية ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، مستعيناً بالمديرين والمعلمين الأحياء أو بعض الباحثين والسكان العاديين.
ويعتبر تاريخ التعليم في فلسطين وتحديداً في القطاع، أحد الشواهد على معاناة الشعب الفلسطيني وتحديه الاحتلالَ في الحقب المختلفة، سواء قبل النكبة عام 1948 أو بعدها خصوصاً في عهد خضوع غزة للسيطرة المصرية ثم سيطرة الاحتلال عليها بعد حرب عام 1967.
ويطلق اليوم على الكثير من المدارس المنتشرة في القطاع وتحديداً التي يتبع بعضها للأونروا، أسماء أشهر المديرين القدامى أو الأوائل منهم والذين بقيت أسماؤهم حاضرة رغم مرور سنوات طويلة على وفاتهم ورحيلهم، إلى جانب أسماء بعض المعلمين الذين اشتهروا بحضورهم القوي في المجتمع الغزي.
ويقول أبو سالم لـ "العربي الجديد"، إن رحلته في توثيق تاريخ مديري المدارس والمعلمين على حدٍ سواء بدأت بعد زيارة قام بها لمدرسته الابتدائية بمخيم جباليا، من أجل الإشراف على أحد طلابه الجامعيين الذي يتدرب على التدريس بها، ليقرر بعدها الانطلاق في فكرته.
ويضيف أنّ بداية التوثيق انطلقت من مدير مدرسته الابتدائية السابقة محمد عكاشة الذي اشتهر بارتداء الزي الفلسطيني التراثي الذي يطلق عليه الفلسطينيون "القمباز"، إذ قام بنشر صورته وبعض البيانات على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك "ليتفاعل معه المتابعون بشكلٍ لافت للأنظار.
ويحظى توثيق الباحث الفلسطيني أبو سالم لتاريخ المعلمين والمديرين، من خلال "فيسبوك" أو حتى عبر تحضيراته المتواصلة لإطلاق النسخة الأولى من موسوعة "رجال الزمن الجميل للتعليم المتين"، باهتمام كبير خصوصاً من الأشخاص الذين درسوا على يد المعلمين أو أشرف عليهم المديرون قبل سنواتٍ طويلة.
ويعمل أبو سالم على نشر جانب من المعلومات التي جمعها عن المعلمين ومسؤولي المدارس خلال الحقبة الماضية، إذ يستعد لإطلاق موسوعته التي تتضمن تفاصيل وافية عن هؤلاء الأشخاص باللغتين العربية والإنكليزية.
ويشير إلى أن الموسوعة التي يعمل عليها ستكون عبارة عن أجزاء متسلسلة ترصد تاريخ الحركة التعليمية على مستوى قطاع غزة في مختلف المناطق، حتى يتسنى توثيق أسماء كل المعلمين والمديرين الذين عملوا طوال الحقبة الماضية بطريقة علمية لا تسقط أحدا من التوثيق.
وحظيت خطوة التوثيق التي يقوم بها الباحث أبو سالم بمجهودٍ فردي باهتمام ومتابعة واسعة من النشطاء على موقع التواصل الاجتماعي، الذين ساعدوه في بعض الأحيان بالوصول والحصول على صور توثيقية للمعلمين ومسؤولي المدارس وبعض البيانات عنهم.
ومن أبرز الصعوبات التي اعترضته خلال عمله، عدم وجود أرشيف خاص بكل مدرسة أو حتى لدى المؤسسات التعليمية يرصد فيه تاريخ مديري المدارس السابقين أو خلال الحقب البعيدة أو حتى أشهر المعلمين، إلى جانب صعوبة التنقل للحصول على البيانات والمعلومات والصور الخاصة بهم.
ويلفت أبو سالم إلى أنه يستعين ببعض أساتذة الجامعات والعاملين وقدامى المدرسين أو المديرين في المدارس من أجل التحقق من المعلومات والتثبت منها، إلى جانب تشكيل فريق بحثي في بعض المناطق خلال الفترة المقبلة لحصر المعلومات وجمعها.
ويحظى التعليم في قطاع غزة المحاصر إسرائيلياً للعام الثاني عشر على التوالي باهتمام كبير من قبل الغزيين، إذ يعتبر القطاع الذي لا تزيد مساحته عن 365 كيلومترا مربعاً إحدى أقل المناطق على مستوى العالم من ناحية الأمية، نتيجة الإقبال الكبير والكثيف على التعليم.