أبطال يصنعون على مواقع التواصل

08 أكتوبر 2014
سيلان أوزلب (فيسبوك)
+ الخط -
بسرعة خيالية انتشرت صورة المقاتلة الكردية سيلان أوزلب على مواقع التواصل الاجتماعي، وانتشرت معها قصّتها: مقاتلة كردية تطلق رصاصتها الأخيرة على نفسها، منتحرةً، بعدما حاصرها مقاتلو تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" في منطقة كوباني (عين العرب) الكردية في سورية. تمّ تناقل الصورة والخبر على كل مواقع التواصل، وتحديداً على "تويتر" و"فيسبوك"، حتى أن البعض استبدل صورته الشخصية بصورتها، ولاحقاً بصورة مقاتلة كردية أخرى قال "المرصد السوري لحقوق الإنسان" إنها فجّرت نفسها في موقع لـ"داعش" في كوباني. كما استعيدت مقابلتها مع "بي بي سي" التي عرضت قبل أسابيع قليلة، وتظهر فيها أوزلب وهي تؤكد على القتال حتى آخر نفس.
وجدت وسائل الإعلام التقليدية، في هذا الخبر مادة جذب كبيرة، فصنعت تقارير ومقالات، عن الشابة الكردية (19 سنة)، ونسجت تفاصيل غير حقيقية ولا مصدر لها. لكن لا يهمّ، فالقصة مؤثرة، وكل الإضافات مسموحة.
لكن من سوء حظ وسائل الإعلام هذه أنّ مقاتلين أكراد في كوباني أكدوا أن أوزلب لم تمت، بل هي تواصل مواجهة مقاتلي "داعش" بشجاعة، وهي لا تزال موجودة في ساحة القتال. لكن طبعاً لم ينقل أحد هذه المعلومات، واستمرّت حفلة الاحتفاء بشهيدة كوباني الشجاعة. كيف لا، والقصة تحتمل كل عناصر الإثارة، وتفاصيلها تجذب عدداً كبيراً من القراء... خصوصاً أن "حزب العمال الكردستاني"، الموجود في تركيا، أكد الخبر. وحدها بعض المواقع والصحف الغربية اختارت التدقيق بالخبر، ونقلت النفي، مؤكدة أن الأخبار حول هذه القصة متضاربة، ولم يتسنّ التأكد من خبر مقتل أوزلب من عدمه من أي مصدر مستقل.
مرة جديدة إذاً تغرق الصحف والقنوات بالمعلومات غير المؤكدة. قد تكون سيلان أوزلب قد قتلت نفسها، ربما، وهذا ينمّ عن شجاعة ظهرت جلية عند مقاتلي البشمركة. لكن هذه قصة أخرى، بينما الحكاية، كل الحكاية هنا، هي صناعة أبطال على مواقع التواصل الاجتماعي، ونسج أخبار هي في غالب الأحيان غير حقيقية، أو مبالغ فيها. وقصة سيلان أوزلب هي مثال فاضح على ذلك.
المساهمون