في أجزائه الثلاثة، التي تعرضها حالياً محطات تلفزيونية مختلفة، جمع The Expendables ممثلين هوليووديين ذوي عضلات ضخمة، بعضهم حافظ على التزامه نمطاً سينمائياً لا يحيد عنه في سيرته المهنيّة: أفلام أكشن وعنف وتشويق، تنتهي غالبيتها بانتصار الأخيار ومفاهيم العدالة والحق والديمقراطية، وإنْ بعد مسار مليء بالدم والقتل والتدمير.
غير أنّ بعضاً آخر منهم خرج مراراً من هذا النمط، وقدّم أفلاماً لا علاقة لها البتّة بتلك المسائل كلّها، في حين أنّ ممثلين آخرين، غير مشاركين في السلسلة السينمائية التي ابتكرها سيلفستر ستالون، معروفون بعضلاتهم أيضاً، وبأفلامهم المليئة عنفاً وتشويقاً "من أجل الخير" (بالمفهوم الأميركي لـ"الخير" طبعاً)، رغم أنّهم "لصوص" تستعين السلطات الأمنية بهم لتنفيذ مهمّات لا تريد هذه السلطات التورّط بها لأسبابٍ كثيرة. أحد هؤلاء اختبر بدوره نوعاً سينمائياً مختلفاً، رغم محافظته على دوره كرجل أمن يسعى إلى حماية أبرياء، وإلى نُصرة الحقّ وإلقاء القبض على أشرارٍ، حتى وإنْ كانوا عاملين في أجهزة أمن واستخبارات وجيوش.
في الفئة الأخيرة، هناك فِنْ ديزل ("سريع وغاضب" و"آفنجرز" و"تريبل إكس")، رغم مشاركته التمثيلية في أفلامٍ منتمية إلى أنواع سينمائية مختلفة، كالعنف والتشويق والخيال العلمي. لديزل حضور في فيلم كوميدي، لا يتنازل فيه عن عضلاته، لكنّه يُخفِّف من استخدامها لمصلحة جانبٍ آخر من شخصيته التمثيلية. فهو، كرجل أمن نزيه، ينفِّذ أمراً بحماية عائلة مسؤول عسكري بعد اغتياله، لأن إرهابيين يسعون وراء مشروع أمني سري للغاية صمّمه المسؤول. في موازاة البحث عن الإرهابيين وعن المشروع نفسه، المخبّأ في "مكان سرّي" لم يكشف عنه المسؤول، هناك الاهتمام المنزلي بأفراد العائلة، وجميعهم مراهقون وأطفال صغار. الكوميديا تحضر بقوّة، دافعة ديزل إلى كشف جانبٍ مرح ومحبَّب في أدائه، مع أن شخصيته في "سريع وغاضب" تمتلك جانباً إنسانياً عميقاً، في علاقته بشقيقته وزوجها/ صديقه (الراحل بول واكر)، وبأصدقائه العاملين معه، الذين يعتبرهم "عائلة واحدة"، وهذا رغم العنف والمطاردات.
بالعودة إلى أبطال العضلات المفتولة، وبعضهم مُشارك في المغامرات العنيفة لفريق "المُستَهلَكون" (ترجمة حرفية للتعبير الإنكليزي The Expendables)، يتفرّد آرنولد شوارزينيغر بتمثيله في 5 أفلام مختلفة تماماً عن سيرته المهنية، أحدها مرتبط بعمل أمني استخباراتي، وإنْ عبر الاهتمام بعددٍ من الأطفال. فشوارزي يُكلَّف بالعمل في روضة للأطفال، في Kindergarten Cop لإيفان رايتمان (1990)، للعثور على مطلوبين للعدالة. وفي Last Action Hero لجون ماكتيرنان (1993)، يبقى ممثلاً بعضلات وبطولات ومغامرات، لكنه يخرج من الشاشة إلى الواقع لأنّ صبياً يتعلّق به كآخر الأبطال. فيلمان يُتيحان للضحك والمرح وللعلاقات الإنسانية مساحة أوسع من الأكشن، وهذه (الضحك والمرح والعلاقات الإنسانية) ستظهر في أفلامٍ أخرى لشوارزي، من دون إضافات تشويقية وعنفية وبطولية: "توأم" (1988) و"جونيور" (1994)، وكلاهما لإيفان رايتمان، الذي يبدو أقدر المخرجين على إخراج الجانب الإنساني المرح في شخصية الحاكم السابق لكاليفورنيا. في الأول، يكتشف أنّ له شقيقاً توأماً (داني دي فيتو)، فيبحث عنه كي يُرافقه في بحثه عن والدتهما. وفي الثاني، الذي يجمعه بدي فيتو مجدّداً، يؤدّي دور عالِم يختبر نتائج أبحاثه عن الحَمْل على نفسه، فيُصبح رجلاً حاملاً.
أما Jungle All The Way (1996) لبراين ليفانت، فيُعيد آرنولد شوارزينيغر إلى عالم المغامرة، لكن في أجواء عيد الميلاد. فهو أبٌ ينسى شراء هدية (Turbo Man) لابنه، لكنه في اللحظات الأخيرة "يفعل المستحيل" للحصول عليها. وهذا "المستحيل" مليء بالضحك والمغامرة اللطيفة والمطاردات الخالية من العنف والتدمير.
من جهته، خاض سيلفستر ستالون تجربة التمثيل المناقض تماماً لشخصيتي روكي بالبوا وجون رامبو، مع التنبّه إلى امتلاك روكي سمات إنسانية عميقة وخالية من التصنّع والتباهي بعظمة الحلم الأميركي، الذي يُجسّده رامبو، وإنْ يعيش هذا الأخير حالاتٍ نفسية صعبة بسبب أعماله الحربية المختلفة. الغالبية الساحقة من أفلامه الكثيرة تميل إلى شيء من العنف والمغامرة والتحدّي، في مقابل قلّة تتحرّر منها، والنادر بينها يتمثّل بتمكّن الممثل من كشف قدراتٍ أدائية مهمّة للغاية، كما في "كوبلاند" (1997) لجايمس مانغولد.
هذا الفيلم يكاد يكون أفضل ما قدّمه ستالون من أداء يعكس امتلاكه حِرفية مُثيرة للاهتمام والمتابعة. أما مشاركته في "تاكسي" (2003) لجيرار كراوتشيك وSpy Kids لروبرت رودريغز وغيرهما، فتعكس بعض الكوميديا المخفّفة في عوالم مليئة بالمغامرات والأكشن.
أما الآخرون، كجايزون ستايتام وبروس ويليس وتشاك نوريس ومل غيبسون، فيصعب تصنيفهم في فئة "أصحاب العضلات المفتولة والضخمة"، على نقيض دولف لاندغرين وجان ـ كلود فاندام مثلاً، اللذين يندر ظهورهما في أفلامٍ لا علاقة لها بالأكشن العنفي. ويليس أكثرهم اختباراً لأدوار غير عنفية، وإنْ يتضمّن بعضها جانباً بوليسياً أو أمنياً. لغيسبون أدوارٌ تعود إلى تاريخ قديم للغاية، أو تذهب إلى راهنٍ مضطرب. سلسلة، المؤلّفة من 4 أفلام أُنتجت بين عامي 1987 و1998، تمزج في دوره بين المحقّق والكوميدي والعاشق.
اقــرأ أيضاً
غير أنّ بعضاً آخر منهم خرج مراراً من هذا النمط، وقدّم أفلاماً لا علاقة لها البتّة بتلك المسائل كلّها، في حين أنّ ممثلين آخرين، غير مشاركين في السلسلة السينمائية التي ابتكرها سيلفستر ستالون، معروفون بعضلاتهم أيضاً، وبأفلامهم المليئة عنفاً وتشويقاً "من أجل الخير" (بالمفهوم الأميركي لـ"الخير" طبعاً)، رغم أنّهم "لصوص" تستعين السلطات الأمنية بهم لتنفيذ مهمّات لا تريد هذه السلطات التورّط بها لأسبابٍ كثيرة. أحد هؤلاء اختبر بدوره نوعاً سينمائياً مختلفاً، رغم محافظته على دوره كرجل أمن يسعى إلى حماية أبرياء، وإلى نُصرة الحقّ وإلقاء القبض على أشرارٍ، حتى وإنْ كانوا عاملين في أجهزة أمن واستخبارات وجيوش.
في الفئة الأخيرة، هناك فِنْ ديزل ("سريع وغاضب" و"آفنجرز" و"تريبل إكس")، رغم مشاركته التمثيلية في أفلامٍ منتمية إلى أنواع سينمائية مختلفة، كالعنف والتشويق والخيال العلمي. لديزل حضور في فيلم كوميدي، لا يتنازل فيه عن عضلاته، لكنّه يُخفِّف من استخدامها لمصلحة جانبٍ آخر من شخصيته التمثيلية. فهو، كرجل أمن نزيه، ينفِّذ أمراً بحماية عائلة مسؤول عسكري بعد اغتياله، لأن إرهابيين يسعون وراء مشروع أمني سري للغاية صمّمه المسؤول. في موازاة البحث عن الإرهابيين وعن المشروع نفسه، المخبّأ في "مكان سرّي" لم يكشف عنه المسؤول، هناك الاهتمام المنزلي بأفراد العائلة، وجميعهم مراهقون وأطفال صغار. الكوميديا تحضر بقوّة، دافعة ديزل إلى كشف جانبٍ مرح ومحبَّب في أدائه، مع أن شخصيته في "سريع وغاضب" تمتلك جانباً إنسانياً عميقاً، في علاقته بشقيقته وزوجها/ صديقه (الراحل بول واكر)، وبأصدقائه العاملين معه، الذين يعتبرهم "عائلة واحدة"، وهذا رغم العنف والمطاردات.
بالعودة إلى أبطال العضلات المفتولة، وبعضهم مُشارك في المغامرات العنيفة لفريق "المُستَهلَكون" (ترجمة حرفية للتعبير الإنكليزي The Expendables)، يتفرّد آرنولد شوارزينيغر بتمثيله في 5 أفلام مختلفة تماماً عن سيرته المهنية، أحدها مرتبط بعمل أمني استخباراتي، وإنْ عبر الاهتمام بعددٍ من الأطفال. فشوارزي يُكلَّف بالعمل في روضة للأطفال، في Kindergarten Cop لإيفان رايتمان (1990)، للعثور على مطلوبين للعدالة. وفي Last Action Hero لجون ماكتيرنان (1993)، يبقى ممثلاً بعضلات وبطولات ومغامرات، لكنه يخرج من الشاشة إلى الواقع لأنّ صبياً يتعلّق به كآخر الأبطال. فيلمان يُتيحان للضحك والمرح وللعلاقات الإنسانية مساحة أوسع من الأكشن، وهذه (الضحك والمرح والعلاقات الإنسانية) ستظهر في أفلامٍ أخرى لشوارزي، من دون إضافات تشويقية وعنفية وبطولية: "توأم" (1988) و"جونيور" (1994)، وكلاهما لإيفان رايتمان، الذي يبدو أقدر المخرجين على إخراج الجانب الإنساني المرح في شخصية الحاكم السابق لكاليفورنيا. في الأول، يكتشف أنّ له شقيقاً توأماً (داني دي فيتو)، فيبحث عنه كي يُرافقه في بحثه عن والدتهما. وفي الثاني، الذي يجمعه بدي فيتو مجدّداً، يؤدّي دور عالِم يختبر نتائج أبحاثه عن الحَمْل على نفسه، فيُصبح رجلاً حاملاً.
أما Jungle All The Way (1996) لبراين ليفانت، فيُعيد آرنولد شوارزينيغر إلى عالم المغامرة، لكن في أجواء عيد الميلاد. فهو أبٌ ينسى شراء هدية (Turbo Man) لابنه، لكنه في اللحظات الأخيرة "يفعل المستحيل" للحصول عليها. وهذا "المستحيل" مليء بالضحك والمغامرة اللطيفة والمطاردات الخالية من العنف والتدمير.
من جهته، خاض سيلفستر ستالون تجربة التمثيل المناقض تماماً لشخصيتي روكي بالبوا وجون رامبو، مع التنبّه إلى امتلاك روكي سمات إنسانية عميقة وخالية من التصنّع والتباهي بعظمة الحلم الأميركي، الذي يُجسّده رامبو، وإنْ يعيش هذا الأخير حالاتٍ نفسية صعبة بسبب أعماله الحربية المختلفة. الغالبية الساحقة من أفلامه الكثيرة تميل إلى شيء من العنف والمغامرة والتحدّي، في مقابل قلّة تتحرّر منها، والنادر بينها يتمثّل بتمكّن الممثل من كشف قدراتٍ أدائية مهمّة للغاية، كما في "كوبلاند" (1997) لجايمس مانغولد.
هذا الفيلم يكاد يكون أفضل ما قدّمه ستالون من أداء يعكس امتلاكه حِرفية مُثيرة للاهتمام والمتابعة. أما مشاركته في "تاكسي" (2003) لجيرار كراوتشيك وSpy Kids لروبرت رودريغز وغيرهما، فتعكس بعض الكوميديا المخفّفة في عوالم مليئة بالمغامرات والأكشن.
أما الآخرون، كجايزون ستايتام وبروس ويليس وتشاك نوريس ومل غيبسون، فيصعب تصنيفهم في فئة "أصحاب العضلات المفتولة والضخمة"، على نقيض دولف لاندغرين وجان ـ كلود فاندام مثلاً، اللذين يندر ظهورهما في أفلامٍ لا علاقة لها بالأكشن العنفي. ويليس أكثرهم اختباراً لأدوار غير عنفية، وإنْ يتضمّن بعضها جانباً بوليسياً أو أمنياً. لغيسبون أدوارٌ تعود إلى تاريخ قديم للغاية، أو تذهب إلى راهنٍ مضطرب. سلسلة، المؤلّفة من 4 أفلام أُنتجت بين عامي 1987 و1998، تمزج في دوره بين المحقّق والكوميدي والعاشق.
في لائحة كلّ واحد من أفراد "المستَهلَكَون"، بأجزائه الـ3 (أخرج ستالون الأول عام 2010، وسيمون ويست الثاني عام 2012، وباتريك هيوز الثالث عام 2014)، أدوار واشتغالاتٍ متنوّعة، لكن بعضهم القليل متمكّن من إظهار حرفيته الفنية في أفلامٍ غير مُصنّفة في فئة العنف والأكشن. حرفية ناشئة من قدرة على تمثيلٍ يُصبح اختباراً لنمطٍ آخر من مهنةٍ، اقتنع آخرون بأنّ عنفها وعضلاتها المفتولة والضخمة أسلم لهم وأضمن.