آفاق ضبابية للاقتصاد السعودي... والنفط يواصل التراجع

09 سبتمبر 2020
الصعوبات المالية تدفع المملكة للاستدانة والسحب من الاحتياطي (Getty)
+ الخط -

قال أحمد الخليفي، محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي)، إن الضبابية مازالت تكتنف آفاق اقتصاد البلاد هذا العام، مع سعي الدولة المصدرة للنفط للتصدي لتداعيات أسعار الخام المنخفضة وجائحة فيروس كورونا.

وأضاف الخليفي، متحدثا في مناسبة افتراضية ليورومني، اليوم الأربعاء، وفق وكالة رويترز، أن خفض إنتاج النفط وتداعيات الفيروس أثرا على توقعات النمو.

وأشارت تقديرات صندوق النقد الدولي، إلى أن اقتصاد السعودية قد ينكمش بنسبة 6.8% هذا العام. بينما قال مسؤولون سعوديون إن توقعاتهم أقل "تشاؤما" من ذلك. وأضاف الخليفي أن سعر الصرف السعودي الثابت من "الركائز الرئيسية" لاستقرار القطاع المالي في المملكة، لكنه أكد أن الحذر مطلوب في ضوء التحفيز المقدم للاقتصاد.

وكانت مؤسسة النقد العربي السعودي قد أعلنت،  في مارس/ آذار، عن حزمة تبلغ 50 مليار ريال (13.33 مليار دولار) لدعم القطاع الخاص. وفي يونيو/حزيران، أعلنت ضخ 50 مليار دولار في القطاع المصرفي لدعم السيولة. وقال الخليفي "على المرء أن يكون حذرا عند نزع ذلك الدعم، ماذا سيحدث حينئذ، خاصة فيما يتعلق بجودة الأصول"، مضيفا: "نشعر بالارتياح لكننا، مجددا، لا يمكننا الاسترخاء ما دمنا في خضم الأزمة".

وتتزايد الضغوط المالية على السعودية. وبلغ العجز في ميزانية السعودية في الربع الثاني من العام الحالي 109.23 مليارات ريال (29.12 مليار دولار)، مرتفعا من حوالي 9 مليارات دولار في الربع الأول، وفقا لبيانات وزارة المالية.

وبحسب بيانات الوزارة أيضا، جمعت المملكة 44.56 مليار ريال (12 مليار دولار) من سندات دين في الأسواق الدولية، و41.12 مليار ريال (11 مليار دولار) من السوق المحلية، إضافة الى سحب 48.67 مليار ريال (حوالي 13 مليار دولار) من الاحتياطيات.

وحتى نهاية يونيو/حزيران، ارتفع الدين العام التراكمي للمملكة إلى 820 مليار ريال (حوالي 218.6 مليار دولار)، من 678 مليار ريال (180.8 مليار دولار) في نهاية 2019.

وفي مارس/آذار الماضي، حذر صندوق النقد الدولي من اندثار ثروات المملكة في عام 2035، إذا لم تتخذ "إصلاحات جذرية في سياساتها المالية" التي ترتكز أساساً على عائدات النفط مثل باقي دول الخليج، التي توقع أن تندثر أيضاً ثرواتها في سنوات متفاوتة، لتكون البحرين الأقرب إلى هذا السيناريو عام 2024.

وتعمل الأسعار الرخيصة للنفط على جرّ الموارد المالية للبلدان المنتجة للنفط إلى الانهيار، حيث كشف تقرير لوكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني العالمي، في إبريل/نيسان الماضي، أن السعودية بحاجة إلى سعر 91 دولاراً للبرميل، لتحقيق نقطة تعادل في موازنتها، بينما تنخفض الأسعار حاليا عن هذه المستويات بفارق كبير.

وتراجعت العقود الآجلة للنفط مجدداً، اليوم الأربعاء، بعد هبوط حاد في الجلسة السابقة، إذ تسبب ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا في بعض الدول في تقويض الآمال بتعاف منتظم للطلب العالمي. وتراجع خام برنت إلى حوالي 39.53 دولارا للبرميل، فيما نزل الخام الأميركي إلى نحو 36.48 دولارا للبرميل، ليُتداول الخامان القياسيان عند نحو أدنى مستوى في ثلاثة أشهر.

والأزمة الصحية العالمية مستمرة في الاتساع بلا هوادة مع ارتفاع الحالات في الهند وبريطانيا العظمى وإسبانيا وعدة مناطق من الولايات المتحدة. وساعدت تخفيضات قياسية للإمدادات تقوم بها منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاء، فيما يعرف باسم مجموعة "أوبك+"، في دعم الأسعار، لكن في ظل أرقام اقتصادية قاتمة تُعلن بشكل شبه يومي، فإن توقعات الطلب على النفط تظل سلبية.

واضطرت السعودية بجانب الاستدانة إلى بيع أصول خارجية، حيث كشف صندوق الاستثمارات العامة (الصندوق السيادي) في أغسطس/آب الماضي عن بيع حصصه في شركات عالمية كبرى أغلبها أميركية، وتقليص مساهماته في كيانات أخرى، من أجل سداد ديون وتقليص خسائر عميقة تكبدها، بسبب تداعيات جائحة فيروس كورونا الجديد على الأسواق العالمية.

وسجلت دول مجلس التعاون الخليجي الست عجزاً مالياً متفاقماً خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري بقيمة 180 مليار دولار، متأثراً بتهاوي عائدات النفط وتداعيات كورونا، التي شلّت مختلف الأنشطة الاقتصادية. وتستأثر السعودية وحدها بنحو 55% من إجمالي العجز في دول الخليج، وفق تقرير صادر أخيراً عن وكالة "ستاندرد آند بورز" للتصنيف الائتماني العالمية، التي توقعت ارتفاع العجز التراكمي إلى نحو 500 مليار دولار بحلول عام 2023.

المساهمون