وفي تفاصيل الخسائر التي لحقت بقوات الجيش المصري في وسط سيناء خلال الأيام القليلة الماضية، قالت مصادر طبية لـ"العربي الجديد"، إنّ "16 عسكرياً مصرياً قتلوا خلال الأسبوع الأخير، أكثر من نصفهم في هجمات وسط سيناء، بينهم قائد عسكري برتبة عقيد أركان حرب، وعدد آخر من الضباط والمجندين، فيما قتل أيضاً عدد من الضباط بهجمات مدينة الشيخ زويد بشمال سيناء والتي وقعت خلال تصدي التنظيم لحملات الجيش المصري".
وأضافت المصادر ذاتها، التي رفضت الكشف عن هويتها، أنّ "قوات الجيش بمناطق الوسط عاشت فترة هدوء طويلة نسبياً، مقارنة ببقية القوات في شمال سيناء، وهذا ما كان ظاهراً من قلّة الخسائر البشرية في مناطق الوسط. إلا أنّ ذلك يبدو أنّه انتهى مع عودة الهجمات المركزة على القوات في الأيام الماضية، إذ إن الخسائر البشرية جاءت عبر استهدافات قليلة، لكنها كانت نوعية، وموجهة لاستهداف قيادات عسكرية، ووحدات من قوات الجيش ذات المهام الخاصة، وفقاً لما ورد في التقارير الواردة إلى المستشفيات العسكرية". وهنا تجدر الإشارة إلى أنّ الهجمات تركّزت في مناطق جبل الحلال التي لطالما ادعى الجيش سيطرته عليها خلال السنوات الماضية، وحتى خلال العملية العسكرية الشاملة.
وفي تفاصيل الوضع الميداني بوسط سيناء خلال الفترة الأخيرة، قالت مصادر قبلية لـ"العربي الجديد" إنّ "مجموعات عسكرية من تنظيم ولاية سيناء انتقلت من مدن شمال سيناء خلال فترة الضغط العسكري من قبل الجيش إبان بدء العملية العسكرية الشاملة، إلى مناطق وسط سيناء، نظراً إلى سهولة التحرّك والتمركز، مقارنةً بمناطق الشمال التي باتت تغصّ بالكمائن العسكرية والانتشار الواسع لقوات الجيش، عدا عن التحليق المستمرّ للطيران. لكنّ هذه المجموعات بقيت خلايا خاملة على مدار الأشهر الماضية، بعد أن شنّت هجوماً دموياً على معسكر القسيمة بوسط سيناء الذي راح ضحيته عشرات المجندين بين قتيل وجريح. وها هي عاودت النشاط مجدداً، بهجمات متتالية على قوات الجيش أثناء تحرّكها في مناطق الوسط خلال الأيام القليلة الماضية".
وأضافت المصادر ذاتها، التي رفضت الكشف عن هويتها، أنّ "الجغرافيا التي تتمتّع بها مناطق وسط سيناء تساعد كثيراً على الاختباء والتحرّك من دون المرور عبر الطرق المعتادة، أو مناطق وجود قوات الأمن، وقد استخدمها المهربون على مدار العقود الماضية، وها هي اليوم تستغلّ من قبل المجموعات العسكرية التابعة لتنظيم ولاية سيناء"، مشيرةً إلى أنه "في حال استمرار هجمات التنظيم في مناطق الوسط، سيضطرّ الجيش إلى تعزيز قواته هناك مجدداً، بهدف إحكام السيطرة على تلك المناطق، قبل أن تتطوّر الهجمات وتزداد معها الخسائر البشرية والمادية خلال الفترة المقبلة".
وتعقيباً على هذه التطورات، قال باحث في شؤون سيناء، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ التنظيم المسلّح "يريد إثبات أنّه ما زال حاضراً في المشهد بعد مرور سبعة أشهر كاملة على بدء العملية العسكرية الشاملة التي أخذت وقتاً أطول بكثير مما كان متوقعاً لها، ومنيت بخسائر فادحة منذ بدايتها. ولذلك، يحاول التنظيم تنويع أماكن استهدافات قوات الجيش من العريش للشيخ زويد ورفح أيضاً، وها هو اليوم يتّجه للضرب في وسط سيناء مستغلاً سهولة الحركة في الوسط، في مقابل صعوبتها في مناطق الشمال، وهذا ما ينذر بالمزيد من الهجمات لاحقاً".
وأضاف الباحث، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، أنّ "تمركز قوات الجيش وتحرّكها في وسط سيناء مكشوف أكثر من مناطق الشمال، حيث إنّ مواقع الجيش في مناطق الوسط موزعة ومتفرّقة، وبين كل موقع وآخر مساحات بعيدة، ولا يوجد في محيط عدد كبير من المعسكرات أي معالم سكانية، مما يسهّل المراقبة والمباغتة، من دون القلق من ناحية حضور التعزيزات أو الإبلاغ من قبل المواطنين عن وجود أي حركة مشبوهة"، موضحاً أنّ "هذا ما حصل في إبادة معسكر القسيمة في إبريل/نيسان المنصرم، إذ هاجم التنظيم الموقع وقتل وأصاب جميع من كان فيه، فيما خسر عنصرين كانا انتحاريين، وتمكّنت بقية المجموعات من الانسحاب قبل وصول التعزيزات التي تأخّرت لساعات طويلة".
وأشار الباحث إلى أنّ "فتح جبهة وسط سيناء في هذا التوقيت يؤكّد أنّ عملية سيناء الشاملة ستستمرّ لشهور أكثر، وتصبح عملية عسكرية بلا موعد انتهاء، في ظلّ توسّع دائرة الهجمات العسكرية التي يشنّها التنظيم، إذ تطاول كافة مدن ومناطق شمال ووسط سيناء. ويزيد هذا من صعوبة المواجهة الحاصلة بين قوات الأمن والتنظيم، فيما تعطي للأخير نوعاً من القوة حتى بين عناصره ولا سيما بعد ظهور حالات انشقاق علني في صفوفه خلال الأسابيع القليلة الماضية، مما أثار قلقاً على مصير التنظيم، وعلى مدى تأثّره بهذه الظاهرة الجديدة بين عناصره بسيناء".