"وزارة السعادة القصوى" عنوان الرواية الثانية للكاتبة الهندية أروندهاتي روي، والتي أحدثت الكثير من الضجة قبل صدورها حتى، وذلك يعود لغياب صاحبة "إله الأشياء الصغيرة"، الرواية التي لقيت الكثير من النجاح، عشرين عاماً قبل أن تصدر هذا العمل.
اليوم أعلنت دار "الكتب خان" في القاهرة، نيتها إصدار العمل مترجماً خلال العام، وهذه بادرة جيدة، لأن ما اعتاد عليه القارئ العربي هو الانتظار أعواماً قبل الالتفات إلى ترجمة عمل إلى لغته الأم.
اختارت روي في "وزارة السعادة القصوى" شخصية مولودة بأعضاء جنسية ذكرية وأنثوية، فتربّيها العائلة بوصفها ذكراً، ونتيجة لذلك وما أن تنضج أنجومي وتقتنع تماماً بأن هويتها الجنسية هي أنثى، تغادر مسقط رأسها في دلهي إلى بيت آخر قريب منه تطلق عليه الكاتبة "بيت الأحلام"، لكنها تعود لتنتقل إلى العيش في مقبرة العائلة بعد أن يخذلها "بيت الأحلام" هو الآخر.
المفارقة هنا أن تشكّل المقبرة مكاناً لحياة جديدة تداوي المرأة الجريحة والمخذولة والمنبوذة والغريبة بسبب جنسها.
الشخصية الرئيسية الثانية في العمل هي تيلوتاما امرأة أخرى تغوي ثلاثة رجال لكنها تفضّل واحداً منهم، وهو الناشط السياسي، فتنضم إلى حركة ثوار يسعون إلى استقلال كشمير وتواجه الإعدام.
شخصيات العمل الأخرى كلها "أرواح مجنونة" كما يصفها الكتاب، كل واحدة تبحث عن مكان آمن وعن الحب؛ امرأة مرفوضة لأنها متحوّلة جنسياً وأخرى مسيّسة وثائرة، أب يكتب الرسائل لابنته الميتة، طفلة رضيعة تخلّى عنها ذويها، وتعثر عليها أنجومي في مكان مقفر، دلهي القديمة بسكانها وأهلها الفقراء والمتشددين والمتروكين لحيواتهم المعقدة، امرأة تجلس وحيدة في شقتها وتواظب على قراءة دفاتر ملاحظات قديمة، غريبان يسكنان في غرفة الضيوف.
150 ألف نسخة طبعت من الرواية إلى الآن عن دار "بنغوين"، رغم أنها صدرت في شباط/ فبراير الماضي، والتي وصفتها المراجعات إلى اليوم بأنها رائعة ومعقدة ومليئة بالتفاصيل الصغيرة، وتمشي فيها الحكاية التي تبدأ كما لو أنها قصة خرافية جميلة سرعان ما تتحوّل إلى كابوس، بالتوازي مع تاريخ الهند السياسي الحديث.
الموضوع الرئيسي للرواية هو الهوية، لدينا المرأة العالقة في جسد رجل، ولدينا الطفلة المجهولة النسب، ولدينا متورّطون في جرائم سياسية واجتماعية، ولدينا شخصيات تبدّل دياناتها، وأخرى تهرب من مكان إلى آخر بحثاً عن ملاذ يقبلها كما هي.
قرابة تربط رواية الكاتبة الهندية البريطانية بعمل "مئة عام من العزلة" لـ غابرييل غارسيا ماركيز، كما رأت بعض القراءات، وأخرى شبهتها بالعمل الضخم "أطفال منتصف الليل" لـ سلمان رشدي، بمعنى أن روي انتظرت عشرين عاماً لتكتب عملاً آخر وُصف إلى الآن بأنه تحفة أدبية أخرى.