يبدو أن المخاوف من بدء تدخل عسكري في بلد عربي جديد باتت أقرب إلى التحقق، بعد تزايد المؤشرات في الآونة الأخيرة على أن البلدان الغربية عازمة على فتح حرب جديدة بالمنطقة تحت ستار محاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). وفي هذا الصدد، ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أن البداية المتعثرة لحكومة الوفاق الوطني الجديدة الأسبوع الماضي تجعل الدول الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة الأميركية، أقرب كثيرا إلى بدء عمليات عسكرية بليبيا، وتضعها أمام مجموعة من التحديات ستختبر مدى قدرة تلك البلدان على ضمان الاستقرار ببلاد يتهددها شبح الإرهاب والانقسامات الداخلية.
ووفقا للـ"واشنطن بوست" فإن المسؤولين الغربيين حيوا وصول حكومة فايز السراج إلى طرابلس على متن قارب من تونس، واعتبروا ذلك مؤشرا على قرب انتهاء الانقسام السياسي أخيرا داخل البلاد. ولفتت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة وحلفاءها الأوروبيين، بما في ذلك إيطاليا، وفرنسا وبريطانيا، جعلوا من "تنصيب" حكومة الوفاق الوطني شرطا مبدئيا قبل أي عمليات مشتركة لبدء جهود دولية لتحقيق الاستقرار بالبلاد، والمساهمة في محاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" هناك.
وبخصوص الشق المتعلق بالتدخل العسكري، ذكرت الصحيفة أن الولايات المتحدة تستعد لتنفيذ مخططات لإطلاق ضربات قوية ضد فرع تنظيم "داعش" داخل الأراضي الليبية، الذي تمكن بحسب الصحيفة من تشكيل خلايا تضم 8 آلاف مقاتل، وجعل من ليبيا أحد أقوى معاقله خارج العراق وسورية.
وبحسب "واشنطن بوست" فإن القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا حددت العشرات من الأهداف داخل ليبيا التي قد تضربها الطائرات الحربية الأميركية والأوروبية، وتمتد تلك الأهداف من مدينة سرت الساحلية، إلى أجدابيا، وصبراتة ودرنة. كما لفتت الصحيفة إلى أن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) تسعى لتحسين التنسيق بين وحدات القوات الخاصة الأميركية ونظيراتها الفرنسية والبريطانية، التي أقامت خلايا على الميدان، وذلك لاستقطاب المليشيات المحلية لمواجهة عناصر "داعش".
إلى ذلك، أوضحت الصحيفة أن المسؤولين العسكريين الأميركيين يسعون لاحتواء التحديات المرتبطة بإطلاق عمليات عسكرية في منطقة لا تتوفر على نفس البنيات التحتية التي هي تحت تصرف الولايات المتحدة بأماكن أخرى في الشرق الأوسط. وأبرزت في هذا الصدد، أن المسؤولين الأميركيين ما زالوا يحاولون الحصول على موافقة دول الجوار الليبي لبدء الطلعات الجوية، موضحة أن كلاً من تونس والجزائر ترفض الاستجابة للطلب الأميركي، وهو ما قد يعني أن أي ضربات عسكرية أميركية محتملة قد تنطلق من إيطاليا، أو إسبانيا، أو اليونان، أو ربما حتى من بريطانيا.
كما أوضحت الصحيفة أن شبح تدخل عسكري غربي جديد بليبيا جعل منطقة شمال أفريقيا منقسمة. فتونس تواجه تهديدات إرهابية وغير مستعدة لتلقي هجمات أخرى جديدة، والجزائر تعارض بشكل قاطع أي تدخل أجنبي. أما مصر فتدعم الفصيل الشرقي في النزاع الليبي، في إشارة من الصحيفة إلى برلمان طبرق.