قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، إن السعودية أعدمت 48 شخصاً منذ بداية عام 2018، نصفهم بسبب جرائم مخدرات غير عنيفة، فيما لا يزال العديد من المدانين بجرائم مخدرات ينتظرون تنفيذ أحكام الإعدام بعد إدانتهم من قبل نظام العدالة الجنائية في السعودية.
وأكدت في تقرير لها، أمس الأربعاء، أن السعودية نفذت حوالي 600 إعدام منذ بداية عام 2014، أكثر من 200 منها لقضايا مخدرات، أما غالبية الإعدامات المتبقية فكانت لجرائم قتل. شملت الإعدامات جرائم أخرى، كالاغتصاب و"زنا المحارِم" و"الشعوذة".
وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط في المنظمة: "لا يكفي سوءا أن السعودية تنفذ هذا العدد الكبير من الإعدامات، بل إنها تعدم من لم يرتكب جرائم عنيفة. أي خطة للحد من الإعدامات المتصلة بالمخدرات يجب أن تتضمن تحسينات في النظام القضائي، الذي لا يوفر محاكمات عادلة".
ونقلت المنظمة تصريح ولي العهد محمد بن سلمان في مقابلة مع مجلة "تايم" في 5 إبريل/نيسان الجاري، بأن "لدى السلطات السعودية خطة لتقليل عدد الإعدامات، لكنها لن تقتصر على المدانين بجرائم القتل. تقريباً جميع الإعدامات في السعودية غير المتصلة بجرائم القتل متصلة بجرائم مخدرات غير عنيفة". موضحاً أن البلاد ستنظر في تغيير العقوبة من الإعدام إلى السجن المؤبد لبعض القضايا، لكن ليس قضايا القتل.
ووثقت المنظمة عدة قضايا حكمت فيها المحاكم السعودية على المدعى عليهم بالإعدام في أعقاب محاكمات وصفتها بالجائرة، مستدلة بحالات عديدة، منها الحكم على الأردني وليد الصقار بالإعدام في ديسمبر/كانون الأول 2014 بتهمة تهريب المخدرات عبر الحدود السعودية من الأردن في شاحنته.
كما وثقت انتهاكات إجراءات التقاضي السليمة القائمة منذ زمن بعيد في نظام العدالة الجنائية السعودي، التي تصعّب حصول المتهم على مُحاكمة عادلة حتى في قضايا الإعدام.
وكشف تحليل المنظمة عن عدم قيام السلطات دائماً بإبلاغ المشتبه فيهم بالتهم الموجهة إليهم، وعدم السماح لهم بالاطلاع على الأدلة المستخدمة ضدّهم، حتى بعد انطلاق جلسات المحاكمة.
وبحسب تقرير المنظمة، لا تسمح السلطات بشكل عام للمحامين بمساعدة المشتبه فيهم أثناء استجوابهم، وأحيانا تمنعهم من الاطلاع على إفادات الشهود وتقديم أدلة إلى المحكمة. وتضيف "كانت أمور غير الناطقين بالعربية أشد سوءا، إذ كانوا يواجهون في غياب المحامين عقبات تتصل بفهمهم لإجراءات المحكمة وتقديم مستندات الدفاع".
وأظهرت "قاعدة بيانات عقوبة الإعدام حول العالم"، التي تجمع معلومات عن الإعدامات عالميا، أن لدى السعودية واحدا من أعلى معدلات الإعدام في العالم. إذ تطبق عقوبة الإعدام على أعمال لا تعد من "أخطر الجرائم"، مثل جرائم المخدرات والزنا و"الشعوذة" والردة، ولا تسبقها سوى إيران في تسجيل أعلى معدلات الإعدام سنوياً في الشرق الأوسط.
وتعارض المنظمة عقوبة الإعدام في جميع البلدان وفي كافة الظروف، لكونها متفردة في قسوتها ولا رجعة عنها، وهي في كل الأحوال مشوبة بالتعسف والتحيّز والخطأ بشكل لا يمكن تفاديه.
وفي السعودية، تستند أحكام الإعدام في جرائم القتل عادةً إلى أحكام الشريعة الإسلامية، أو الإعدام وفق المبدأ الشرعي المعروف بـ"القصاص"، بينما يصدر القضاة أحكاماً بالإعدام في قضايا المخدرات وفق تقديرهم الشخصي (المبدأ الشرعي المعروف بـ"التعزير").
ويطبق القضاة حُكماً صادراً في 1987 عن "هيئة كبار العلماء"، يُنزل عقوبة الإعدام بأي "مهرب للمخدرات" يُدخلها إلى المملكة، بالإضافة إلى أحكام "نظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية" لعام 2005، الذي ينص على إعدام مهربي المخدرات، ويسمح هذا القانون بتخفيف الأحكام في ظروف محدودة.
(العربي الجديد)