بيّنت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، في تقرير لها، أمس الأربعاء، أن القيود التي تفرضها قوات التحالف، بقيادة السعودية، على الواردات إلى اليمن، أدت إلى تفاقم الوضع الإنساني المتردي للمدنيين اليمنيين. كذلك أدت هذه القيود، والتي تنتهك القانون الإنساني الدولي، إلى تأخير السفن التي تحمل الوقود وتحويل طرقها، وإغلاق ميناء بالغ الأهمية، وإيقاف السلع المنقذة لحياة السكان عن الدخول إلى الموانئ البحرية التي تسيطر عليها قوات جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح.
وأكدت المنظمة أن قوات الحوثيين وصالح انتهكت الالتزامات القانونية الدولية بتسهيل المساعدات الإنسانية للمدنيين، وألحقت أضرارًا كبيرة بالسكان، ومنعت مساعدات وصادرتها وحرمت السكان المحتاجين من الحصول عليها، كما قيدت حركة المدنيين المرضى وموظفي الإغاثة.
وقال الباحث في حقوق الطفل في "هيومن رايتس ووتش"، بيل فان إسفلد: "على التحالف بقيادة السعودية إنهاء قيوده غير الشرعية على الواردات إلى اليمن، وعلى قوات الحوثيين-صالح وقف عرقلة المساعدات. قبل أن يعاني ويموت مزيد من الأطفال لأسباب يمكن منعها. على الأطراف المتحاربة السماح بوصول الوقود، والغذاء، والأدوية إلى العائلات التي تحتاج إليها".
ووثّقت "هيومن رايتس ووتش" 7 حالات منذ مايو/ أيار، قام فيها التحالف بشكل اعتباطي بتحويل مسار ناقلات وقود متجهة إلى موانئ تحت سيطرة الحوثيين-صالح، أو تأخيرها. وفي إحدى الحالات، على سبيل المثال، احتجز التحالف سفينة تحمل الوقود في ميناء سعودي لأكثر من 5 أشهر، ولم يستجب لطلبات شركة الشحن للحصول على تفسير. ويضيف التقرير أنه "كان لا بد من تفريغ البضائع النفطية في ميناء سعودي دون تعويض، كما لم يتمكن الطاقم الذي يحتاج إلى علاج طبي من مغادرة السفينة".
وبموجب القانون الإنساني الدولي، "يجوز لأطراف النزاع المسلح فرض حصار بحري لمنع وصول الأسلحة والعتاد إلى قوات العدو. كما يمكن تفتيش السلع مثل الأغذية والوقود والأدوية المتوجهة إلى المدنيين، ولكن لا يمكن تأخيرها بشكل مفرط، كما أن على قوة الحصار نشر قائمة بالمواد المحظورة، ولكن التحالف لم يفعل ذلك".
وقال مسؤول في شركة شحن للمنظمة: "لا يمكننا التكهن بماهية هذه المواد المحظورة. نحن بالتأكيد لا نحمل أي أسلحة على متن سفننا"، مضيفًا أن 3 ناقلات وقود تابعة لشركته تبحر إلى اليمن بشكل منتظم، وتتلقى دائمًا موافقة الأمم المتحدة، ولكن التحالف يخضعها لعمليات تفتيش مطولة في كل رحلة، وهو ما يكلف الشركة نحو 10 آلاف دولار في اليوم الواحد تضاف إلى تكاليف السفن، ليتحمل التكلفة المواطن اليمني.
وأكدت المنظمة أنها "ليست على علم بأي حالات أصدرت فيها هيئة المراقبة الأممية تصاريح لسفن عثر فيها التحالف على أسلحة لاحقًا"، مضيفة أن قوات التحالف، والقوات البحرية الأخرى، اعترضت شحنات أسلحة في البحر متجهة إلى اليمن، ولكن وفقًا لتقارير إعلامية، كانت هذه السفن مراكب شراعية صغيرة، وليست سفن حاويات أو ناقلات وقود.
وقال مسؤول إغاثي: "رأيت مستشفيات لا تستطيع تشغيل مولداتها، مختبراتها لا تعمل، وعلى المستشفيات أن تغلق ليلًا، سلسلة التبريد (التبريد المستمر أثناء النقل والتخزين) للقاحات لا تعمل، وليس هناك مكيفات هواء أو حتى مراوح عندما تكون الحرارة لا تطاق للمرضى المصابين بأمراض خطيرة".
كذلك قامت جماعة الحوثيين المسلحة، والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح، بتجميد أو مصادرة المساعدات المخصصة للمدنيين، وفرضت قيودًا مشددة وغير ضرورية على العاملين في الإغاثة وعرقلت تقديم المساعدات. وقد سحبت منظمات إغاثية الموظفين أو توقفت عن العمل في بعض المناطق بسبب هذه القيود.
ودعت "هيومن رايتس ووتش" جميع الدول إلى دعم الجهود في مجلس حقوق الإنسان الأممي لإنشاء تحقيق دولي في الانتهاكات المرتكبة من قبل جميع أطراف النزاع في اليمن، ومنها القيود غير القانونية المفروضة على الواردات ومنع وصول المساعدات.
وقال فان إسفلد، الباحث في المنظمة: "القيود الصارمة التي فرضها التحالف بقيادة السعودية على دخول الوقود إلى اليمن، والتي أدت إلى انقطاع المياه وإغلاق المستشفيات، حولت الوضع في هذا البلد الفقير إلى كارثة إنسانية".
(العربي الجديد)