وكشف هرئيل أن العمانيين يقيمون، منذ عشرات السنين، علاقات أمنية واقتصادية مع إسرائيل، لافتاً إلى أن سلطنة عمان كانت وافقت على علاقات علنية في الفترة التي تبعت توقيع اتفاقيات أوسلو التي نظر إليها في حينه كفرصة للتوصل إلى سلام.
وبحسب هرئيل، فإن الاستقبال الذي حظي به نتنياهو في عمان، واستعداد السلطنة لنشر ذلك على الملأ، يعكس حجم الإنجاز، خاصة وأن الزيارة تمت بعد يومين فقط من زيارة رسمية لرئيس أركان جيش أذربيجان، الجارة الشمالية لإيران، الأمر الذي يحمل بدوره رسالة واضحة.
ورأى المحلل العسكري أنه ينبغي النظر إلى العلاقات المتطورة بين إسرائيل وجارات إيران على خلفية الخطة الأميركية لعزل إيران كما طرحها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو قبل نحو خمسة أشهر، وزيادة الضغوط السياسية والاقتصادية الممارسة عليها، مضيفا أن لنظام السلطان قابوس في سلطنة عمان "مصلحة واضحة في إرضاء إدارة دونالد ترامب".
واستدرك هرئيل مع ذلك قائلا إن "السلطنة لم تكن لتبقى كل هذه السنين من خلال الرهان على طرف واحد، لذلك حافظت على مر السنين السابقة أيضا على علاقات وثيقة مع إيران، ووضعت جهازها المصرفي تحت تصرف طهران، بل وسمحت للحرس الثوري الإيراني بالبقاء داخل حدود السلطنة على موقع "للمياه الثقيلة" كجزء من الاتفاق النووي مع إيران من عام 2015.
وبحسب هآرتس، فإنه بالإضافة إلى المكاسب السياسية المتأتية من الزيارة لسلطنة عمان، فإن بمقدور نتنياهو الاستعانة بالعمانيين كقناة اتصال غير مباشرة، ونقل الرسائل لإيران، كما يمكنه الاستعانة بهم في الساحة الفلسطينية أيضا.
في المقابل، وبالرغم من ذهاب المحلل العسكري في "معاريف" يوسي ميلمان، إلى القول إن نتنياهو وقابوس ناقشا بدون شك الملف الإيراني، إلا أنه استبعد أن تكون سلطنة عمان قادرة على لعب الوسيط بين إيران وإسرائيل.
ولفت ميلمان إلى أن العلاقات بين إسرائيل وسلطنة عمان بدأت في سبعينيات القرن الماضي، عنما طلبت السلطنة المساعدة من إسرائيل ومن بريطانيا، بعد حوادث حدودية مع اليمن الجنوبي، وأن إسرائيل قدمت للسلطنة خدمات أمنية تضمنت إرسال خبراء عسكريين للتدريب، ومعدات تكنولوجية، وحافظت على علاقات أمنية وثيقة.
وبحسب ميلمان، فقد حرص رؤساء الموساد منذ أواسط السبعينيات على إقامة علاقة وثيقة مع السلطنة ولقاء السلطان قابوس بن سعيد في أكثر من مناسبة.
أما رونين بيرغمان، الخبير في تاريخ الاستخبارات الإسرائيلية وعلاقاتها المتشعبة مع أجهزة مختلفة، فذهب إلى أن العلاقات بين السلطنة وبين إسرائيل تقوم على مصلحة مشتركة، لافتا إلى بعض الزيارات الأولى لمسؤولي الموساد لمسقط، ومنها في خريف العام 79، عندما قام المسؤول الرفيع في الموساد آنذاك، رؤبان مرحاف (أصبح لاحقا وكيل وزارة الخارجية الإسرائيلية)، والجنرال ماندي مرون بالوصول إلى مسقط بجوازات سفر أجنبية، وعقد مباحثات مع السلطان قابوس بن سعيد.
وبحسب بيرغمان، فإن زيارة نتنياهو الأخيرة هي "ثمرة اتصالات مستمرة وعمل مكثف" في الأشهر الأربعة الأخيرة قام بها الموساد الإسرائيلي، وأنه يمكن الافتراض أن رئيس الموساد زار مسقط قبل مرافقة نتنياهو في الزيارة العلنية.
وزعم بيرغمان أن الزيارة كانت رتبت حتى قبل اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي، وأن السلطان قابوس يتطلع إلى رسم صورة إيجابية لحكمه، كحكم ليبرالي ومنفتح ومتسامح.
ويتفق المحلل ذاته مع هرئيل بأن للسلطنة قدرة على أن تكون وسيطا مع أطراف مختلفة، لكونها مقبولة من دول كثيرة، منها أيضا السعودية وإيران وقطر وسورية، وبالتالي "يمكن لإسرائيل عبر السلطنة أن تنسج علاقات سرية مع كل طرف يوافق على ذلك، ومثل هذا المسار في العلاقات سهل إذا كان تحت رعاية السلطان قابوس".
ونقل بيرغمان عن مصدر إسرائيلي قوله إنه لا يستبعد أن تقيم إسرائيل عبر سلطنة عمان "حوارا سريا مع إيران وسورية".
وأشار بيرغمان إلى أن الزيارة تدعم أيضا استراتيجية نتنياهو الشرق أوسطية القائمة على "نسج وإقامة تحالفات سرية وعلنية قدر الإمكان، بهدف منع انتشار النفوذ الإيراني، وسط استخدام هذه التحالفات وتوظيفها باعتبارها دليلا على إمكانية التوصل لعلاقات طبيعية مع الدول العربية، حتى بدون حل القضية الفلسطينية".