ملفت هذا التصميم للوصول إلى نوبل التذكارية للاقتصاد، فكلما تآمر العالم ولجان التحكيم على نظام بشار الأسد، وأبعدوا خططه عن المسابقات الدولية، يعاود الكرّة من دون ملل، علّ جائزة بنك السويد للعلوم الاقتصادية تكون من نصيبه.
وها هو اليوم، يحطّم مبادئ النقد والأسواق والاقتصاد، ويطرح شهادات إيداع بالليرة السورية وفق طريقة المزاد، بقيمة مائة مليون ليرة للشهادة، ليثبت أن إقبال المصارف على الاكتتاب لا يتعلق أبداً بسعر صرف العملة ولا بنسبة التضخم، بل ولا حتى بمصير هذه العملة إن بقيت صالحة للتداول.
فإصدار مركزي دمشق، تزامن مع تهاوي الليرة إلى ما دون 2500 مقابل الدولار، وفي 18 يونيو/حزيران الجاري، ستباع الشهادات المطروحة بالمزاد ولن يهتم الشراة بمصير أوراقهم، حتى ولو كانت نسبة الفائدة أقل من نصف نسبة التضخم.
أو ليس بذلك قدرات اقتصادية وتسويقية، يختص بها، فقط نظام الأسد.. فلماذا تحجب اللجان عنه الجوائز؟!
قصارى القول، يؤثر نظام بشار الأسد على تدمير كل شيء بسورية، فوق أرضها وتحته، قبل أن يغادر كرسي أبيه، فبعد رهن أهم ثروات ومعالم سورية السياحية، وآخرها محطة الحجاز التاريخية وسط العاصمة دمشق، ها هو يمد اليد على إيداعات السوريين وحتى رساميل المصارف الحكومية، ويجبرها على شراء شهادات إيداع ليحصّل بعض السيولة، يدفع منها رواتب موظفيه وشبيحته، بصرف النظر عن حجم المعروض النقدي في السوق أو قيمة هذه العملة الشرائية.
فإن فرضنا أن المصارف ستنصاع لأوامر المركزي وتشتري شهادات الإيداع للأجل "ستة أشهر" فمن سيشتري تلك الشهادات من المصارف، بواقع غياب أي أمل لدى أي ذي لب، أن الليرة ستكون على قيد التداول بعد ستة أشهر من العقوبات التي سيرخي بها قانون قيصر بعد أيام، على اقتصاد وليرة، منهارة بطبيعة الحال.
حتى وإن بقيت الليرة ونظام الأسد، على قيد الاستمرار ريثما يتبدلان بقرار سياسي، كما يلوح في الأفق اليوم، فأي سعر فائدة يمكن أن يصل لمستوى التضخم الذي يستنزف الليرة منذ عام 2011 وأوصلها من 50 ليرة مقابل الدولار إلى أكثر من 2500 ليرة أمس السبت.
أم أن النظر إلى "نوبل" كما أسلفنا، يلزمه تضحيات بالاقتصاد وموجودات المصارف ومعيشة السوريين.
نهاية القول: اقتصادياً، تلجأ الدول لطرح شهادات الإيداع، ولآجال قد تمتد لثلاث سنوات، لتعيد ثقة المتعاملين بالعملة أولاً والمصارف الطارحة لتلك الأوراق ثانياً.
أو، تلجأ الدول لحلول كهذه، في حال عدم توفر سيولة كافية لدى مصرفها المركزي، فتسحب الأموال من الأسواق لتموّل عجز الموازنة، وبالتالي تتحكم بمستوى العرض النقدي، فتقلل من تضخم العملة.
أو ربما، ثمة مشروعات بخلد الدولة، لكنها لا تملك السيولة لتنفيذها كما لا تتطلع للديون الخارجية والوقوع بمطبات أسعار الفائدة وإملاءات الدائنين، فتطرح صكوكاً وأوراقاً وسندات، لتمول المشروعات التي ستعود بالنفع على الشعب وبأموال الشعب، وتكسب أن عائد المشروعات يفوق نسبة فائدة تلك الشهادات.
إلا أن نظام الأسد وبواقعه الراهن، لا يحقق أياً من تلك المبررات، فهو يسعى إلى نوبل فحسب، وإن أفلست كرمى حلمه، جميع مؤسسات الدولة أو باع للمحتلين، جميع ثروات ومقدرات السوريين.