30 أكتوبر 2024
"نقطة الثبات" الصهيونيـة
تعيدنا جُملٌ موجزة، تضمنها مقال افتتاحي في "هآرتس" العبرية، من ضمن عدة مقالاتٍ كهذه نشرتها الصحيفة، بالتزامن مع وفاة شمعون بيريز وجنازته قبل أكثر من أسبوع، إلى جوهر "الجدل" الدائر منذ ذلك الوقت، بقوةٍ أكبر، بين مؤيدي "طريق الميّت" والمستأنفين عليها، بقدر ما تذكّـر بحقيقة أنه جدلٌ أحاديّ البُعد، بالذات من ناحية غايته القصوى، فيما يتعلق بالمسألة الفلسطينية.
حمل المقال عنوان "العودة إلى أساس الصهيونية"، وورد في تلك الجمل: "لا يجوز أن ينحصر كل ما يبقى من موت بيريز دموع التماسيح التي ذرفها اليمين الإسرائيلي، أو محاولة نتنياهو طمس الخلافات الأيديولوجية العميقة بينهما. ويجدر أن تكون أقوال الرئيس الأميركي باراك أوباما (خلال الجنازة) عن العدل والأمل، ووقف السيطرة على شعبٍ آخر، ومنح السيادة للفلسطينيين، بمثابة تذكيرٍ مهم لقاعدة المساواة والديمقراطية التي بُنيت عليها (الحركة) الصهيونية". تحدّد هذه الجمل ما يمكن اعتبارها "نقطة الثبات" الصهيونية التي يُحظر تجاوزها، حتى في مقاربات الذين يجاهرون بمناهضتهم حُكم اليمين الراهن في دولة الاحتلال.
فحوى هذه النقطة أن "الأساس" الذي بُنيت عليه الحركة الصهيونية قوامه "العدل والأمل"، حتى بشهادة رئيس الدولة العظمى الأهم في العالم. وتختزل هذه الحوصلة وقائع قديمـة- متجدّدة، مؤداها أن الصراع داخل "ألوان الطيف" الصهيونية ليس حول الاتجاه المُرتجى بين السائد والبديل، فالصراع على البديل ينبغي، بالضرورة، أن يوجد خارج الصهيونية، وألا يقدّم معارضةً لها فحسب، بل وأيضًا برنامجًا بديلًا. ولذا تجري "المناظرة" الآن، في أقصى حدودها، كما جرت في السابق، بين أشكالٍ عدوانية صهيونية مهيمنة وفريقٍ من "النقاد" الذين بدلًا من الابتعاد بأنفسهم عن الاتجاه الصهيوني ومحاربته على طول الخط ظلّوا إصلاحيين، ولم يكونوا راديكاليين أو ثوريين. ويخلع الساعون إلى بديلٍ كهذا، حتى من بعض الإسرائيليين، إلى نقدٍ من هذا النوع، توصيف النقد التجميلي، لأن خلافاته تتمركز حول الطرق والوسائل، لا حول الغايات.
وفيما يختص بـ"ماهية" السيادة المطلوب منحها للفلسطينيين، يُجمع المتسمّرون أمام "نقطة الثبات" الصهيونية السالفة على أنه لا بديل لما بات يُعرف باسم "حل الدولتين" على أساس خطوط 1967 مع بعض التعديلات، في مقابل ترتيباتٍ أمنية صارمة (في مقدمها سيطرة إسرائيل أمنيًا على غور الأردن)، وتجريد الدولة الفلسطينية التي ستُقام من السلاح، والتخلي عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين. والأهم من ذلك كله الاعتراف بإسرائيل "دولةً قوميةً للشعب اليهودي".
أذكُـر أن أحد هؤلاء سبق أن "أخذ" على نتنياهو ما وصفه بـ"بُخل سياسي" إزاء السلطة الفلسطينية، ونوّه بأن هذا البُخل لا ينطوي على عظمةٍ سياسيةٍ، وبأنه، في هذا الصدد، يتعين عليه أن يحذو حذو أسلافٍ له، بنوا في مستوطنات المناطق المحتلة منذ 1967 بتغوّل، لكنهم، في الوقت عينه، منحوا دولة الاحتلال غلاف حماية سياسيًا، بمجرّد أن أعلنوا قبولهم مبدأ 1967. وأشار أيضًا إلى أن أحد أسلافه (إيهود أولمرت) لم يُخلِ مستوطنة واحدة، ولم ينسحب حتى من ذرّة تراب واحدة في الضفة الغربية، لكنه حظي باعتمادٍ دولي أتاح له إمكان أن يضرب "الأعداء"، وأن ينقل عبء المسؤولية عن انعدام السلام إلى كاهل الفلسطينيين، وبذا أوجد "كلمة السرّ" للهروب من تبعات ما حدث في 1948، والكامنة في عدد آخر هو 1967!
ويتردّد كثيرًا في "أدبيات" المدافعين عن "عدالة" الفكرة الصهيونية الإعراب عن القلق، بسبب فقدان "اليوتوبيا الصهيونية"، وهو قلقٌ لا يتعدّى سقف افتراض "وجود حلم صاف وبريء أصبح بطريقةٍ ما ملطخًا". ولذا، لا يتم، عادةً، إلقاء اللوم على ذلك "الحلم" الكابوسي، وإنما على طريقة تحقيقه "التي لم تكن في المستوى الموعود". بينما تقول الحقيقة البسيطة إن ذلك الحلم ولد ملطخّاً، لأن صدعًا آثمًا كان في صميم تكوينه، وقام هذا الصدع ويقوم على إنكار الفلسطيني، بعد محاولات القضاء على وجوده وسلب حقوقه.
حمل المقال عنوان "العودة إلى أساس الصهيونية"، وورد في تلك الجمل: "لا يجوز أن ينحصر كل ما يبقى من موت بيريز دموع التماسيح التي ذرفها اليمين الإسرائيلي، أو محاولة نتنياهو طمس الخلافات الأيديولوجية العميقة بينهما. ويجدر أن تكون أقوال الرئيس الأميركي باراك أوباما (خلال الجنازة) عن العدل والأمل، ووقف السيطرة على شعبٍ آخر، ومنح السيادة للفلسطينيين، بمثابة تذكيرٍ مهم لقاعدة المساواة والديمقراطية التي بُنيت عليها (الحركة) الصهيونية". تحدّد هذه الجمل ما يمكن اعتبارها "نقطة الثبات" الصهيونية التي يُحظر تجاوزها، حتى في مقاربات الذين يجاهرون بمناهضتهم حُكم اليمين الراهن في دولة الاحتلال.
فحوى هذه النقطة أن "الأساس" الذي بُنيت عليه الحركة الصهيونية قوامه "العدل والأمل"، حتى بشهادة رئيس الدولة العظمى الأهم في العالم. وتختزل هذه الحوصلة وقائع قديمـة- متجدّدة، مؤداها أن الصراع داخل "ألوان الطيف" الصهيونية ليس حول الاتجاه المُرتجى بين السائد والبديل، فالصراع على البديل ينبغي، بالضرورة، أن يوجد خارج الصهيونية، وألا يقدّم معارضةً لها فحسب، بل وأيضًا برنامجًا بديلًا. ولذا تجري "المناظرة" الآن، في أقصى حدودها، كما جرت في السابق، بين أشكالٍ عدوانية صهيونية مهيمنة وفريقٍ من "النقاد" الذين بدلًا من الابتعاد بأنفسهم عن الاتجاه الصهيوني ومحاربته على طول الخط ظلّوا إصلاحيين، ولم يكونوا راديكاليين أو ثوريين. ويخلع الساعون إلى بديلٍ كهذا، حتى من بعض الإسرائيليين، إلى نقدٍ من هذا النوع، توصيف النقد التجميلي، لأن خلافاته تتمركز حول الطرق والوسائل، لا حول الغايات.
وفيما يختص بـ"ماهية" السيادة المطلوب منحها للفلسطينيين، يُجمع المتسمّرون أمام "نقطة الثبات" الصهيونية السالفة على أنه لا بديل لما بات يُعرف باسم "حل الدولتين" على أساس خطوط 1967 مع بعض التعديلات، في مقابل ترتيباتٍ أمنية صارمة (في مقدمها سيطرة إسرائيل أمنيًا على غور الأردن)، وتجريد الدولة الفلسطينية التي ستُقام من السلاح، والتخلي عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين. والأهم من ذلك كله الاعتراف بإسرائيل "دولةً قوميةً للشعب اليهودي".
أذكُـر أن أحد هؤلاء سبق أن "أخذ" على نتنياهو ما وصفه بـ"بُخل سياسي" إزاء السلطة الفلسطينية، ونوّه بأن هذا البُخل لا ينطوي على عظمةٍ سياسيةٍ، وبأنه، في هذا الصدد، يتعين عليه أن يحذو حذو أسلافٍ له، بنوا في مستوطنات المناطق المحتلة منذ 1967 بتغوّل، لكنهم، في الوقت عينه، منحوا دولة الاحتلال غلاف حماية سياسيًا، بمجرّد أن أعلنوا قبولهم مبدأ 1967. وأشار أيضًا إلى أن أحد أسلافه (إيهود أولمرت) لم يُخلِ مستوطنة واحدة، ولم ينسحب حتى من ذرّة تراب واحدة في الضفة الغربية، لكنه حظي باعتمادٍ دولي أتاح له إمكان أن يضرب "الأعداء"، وأن ينقل عبء المسؤولية عن انعدام السلام إلى كاهل الفلسطينيين، وبذا أوجد "كلمة السرّ" للهروب من تبعات ما حدث في 1948، والكامنة في عدد آخر هو 1967!
ويتردّد كثيرًا في "أدبيات" المدافعين عن "عدالة" الفكرة الصهيونية الإعراب عن القلق، بسبب فقدان "اليوتوبيا الصهيونية"، وهو قلقٌ لا يتعدّى سقف افتراض "وجود حلم صاف وبريء أصبح بطريقةٍ ما ملطخًا". ولذا، لا يتم، عادةً، إلقاء اللوم على ذلك "الحلم" الكابوسي، وإنما على طريقة تحقيقه "التي لم تكن في المستوى الموعود". بينما تقول الحقيقة البسيطة إن ذلك الحلم ولد ملطخّاً، لأن صدعًا آثمًا كان في صميم تكوينه، وقام هذا الصدع ويقوم على إنكار الفلسطيني، بعد محاولات القضاء على وجوده وسلب حقوقه.