بدّل حزب "نداء تونس" موقفه من رئيس الحكومة يوسف الشاهد، من خلال الدعوة الى تعديل وزاري يعزل حركة "النهضة" ويقصيها، في تصعيدٍ وصفته قيادات نهضوية بـ"الحقد" و"المنافي للديمقراطية".
وأصدر الديوان السياسي لحزب "نداء تونس" أول بيانٍ له بعد اندماجه مع حزب "الاتحاد الوطني الحر"، يحملُ توقيع الأمين العام الجديد سليم الرياحي، وتمحور جلّه حول مهاجمة حركة "النهضة"، في تفاعلٍ مع خطاب رئيسها الشيخ راشد الغنوشي أمس، وتركزت بقيته حول علاقاتها البرلمانية.
ولم تمض ساعات على إعلان "النداء" أنه غير معني بالتعديل الوزاري ولا بمجرياته ومشاوراته، حتى سارع اليوم الى إصدار موقف مفاجئ، عبّر فيه بشكل مبهم عن استعداده للتشاور مع ما أسماه "الطيف الديمقراطي التقدّمي" لتشكيل الحكومة المقبلة وحول طبيعة التعديل الوزاري من دون مشاركة "النهضة"، في إشارة الى أن الأخيرة لا علاقة لها بالحداثة والديمقراطية.
وحول ذلك، رأى مراقبون أن الديوان السياسي لـ"نداء تونس" يسعى جاهداً لتدارك موقعه الضبابي في المشهد السياسي المتأرجح بين الحكم والمعارضة، بعدما أخذت "النهضة" منه صدارة المشهد البرلماني وتحكمها في دفة المشاورات الحكومية باعتبارها الحلقة الأقوى في الائتلاف الحاكم، وهو يحاول إرباك "النهضة" سياسياً بملفاتٍ على غرار ملف اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، أو بإحراجها مع قواعدها بملف "هيئة الحقيقة والكرامة".
ودعا "نداء تونس" في بيانه الحكومة إلى "التعامل بشكل جدي مع الوثائق الجديدة التي قدّمتها لجنة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي من أجل كشف الحقيقة". كما أوصى كتلة الحزب البرلمانية بمواصلة تعليق حضورها في الجلسات العامة، إلى حين تنفيذ الحكومة لقرار عدم التمديد لـ"هيئة الحقيقة والكرامة"، والمطالبة بالتسريع بعرض القانون الأساسي لإستكمال العدالة الانتقالية.
وهاجم "نداء تونس" بشكل مباشر حركة "النهضة"، بوصفها "لم تتخلّ عن طابعها غير المدني"، في إشارة إلى طابعها الدعوي كحزبٍ إسلامي، من خلال التحذير من "خطورة ما جاء على لسان رئيس حركة النهضة، الذي كشف أنّها لم تبتعد عن طبيعتها غير المدنيّة ومحاولاتها وضع يدها على مفاصل الدولة".
كما استنكر بيان "نداء تونس" ما اعتبره "تدخل رئيس حزب النهضة في علاقات تونس الديبلوماسيّة، بما يمس من المصلحة الوطنيّة، ويرهن بلادنا ويقحمها في سياسة المحاور التي تمثّل انقلابا على العرف الدبلوماسي لدولة الاستقلال".
وفي تعليقه على تصعيد "نداء تونس"، قال القيادي بحزب "النهضة" عبد اللطيف المكي في تصريح لـ"العربي الجديد" إن هذا البيان "هو لمناكفة حركة النهضة وإدخالها في مناكفات هي في غنى عنها"، معتبراً أنه "من أخلاقيات اللعبة الديمقراطية ألا يستنفر حزب للتحريض على حزب آخر".
ودعا المكي "نداء تونس" إلى "عدم استعمال العملة القديمة التي خاض بها انتخابات 2014 باحتكار الحداثة"، مشيراً إلى أنهم (أي النداء) "غرروا بالناس خلال الانتخابات الماضية، من خلال احتكار سخيف لشيء يهم كل التونسيين".
وقال المكي إنه "من حق نداء تونس الدعوة إلى حكومة من دون النهضة، ومن حقنا أن نتخذ الموقف المناسب، لكن لتصبح دعوته ذات مصداقية، يجب عليه أولاً سحب وزرائه وولاته، لكنه عاجز عن ذلك، فليبين أولاً أن لديه سلطة على وزرائه، وليس بوضع ساق في الحكومة، إرادةً أو عجزاً، والساق الأخرى في المعارضة، بما يفقده أي مصداقية".
وبيّن المكي أن دعوة "نداء تونس" لعزل حركة النهضة من الحكم "تقطر حقداً، وهم يناقضون أنفسهم، فبعدما اتهموا الشاهد بتخريب البلاد وحسموا أمرهم فيه، ها هم يدعون إلى تعديل وزراي من دون النهضة، فمن مدح وذم، فقد كذب مرتين"، بحسب تعبيره.