لا حديث فى الشارع التونسي اليوم إلا عن النتائج الأولية للانتخابات التشريعية والتي أظهرت تقدّم "حركة نداء تونس" تليها "حركة النهضة". هذه النتائج كانت انعكاسا واضحا للاستقطاب الثنائي بين الحزبين المنتصرين، وهو ما قد يشكل ملامح الحياة السياسية في السنوات الخمس المقبلة.
الاستقطاب الثنائي تحوّل إلى صفحات "فيسبوك" التي اشتعلت منذ يوم الأحد، بحرب حقيقية بين مناصري الحركتين. هكذا احتفلت الصفحات المناصرة لـ "حركة نداء تونس" بالانتصار المتوقع وذلك بنشر فيديوهات للرئيس التونسي الأسبق الحبيب بورقيبة وكلمات لرئيس الحزب الحالي الباجي قايد السبسي. وافتخر مناصرو الحركة بوضوح رؤية الرجلين لتونس المستقبل معتبرين أن انتصارهم يشكل دعامة لبناء دولة مدنية تسير على النهج البورقيبي متحاملين على "حركة النهضة" التى اعتبروها فشلت في إدارة شؤون البلاد.
لكن رد "النهضاويين" لم يتأخّر فشككت صفحاتهم بالنتائج معتبرة إياها مجرّد تخمينات. كما دعت هذه الصفحات أنصار "النهضة" إلى عدم التأثر بما ينشر من نتائج في انتظار الإعلان الرسمي عن نتائج الانتخابات من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، الطرف القانوني الوحيد المخول له إعلان النتائج.
إلا أن بعض الصفحات الأخرى بدأت تقتنع بهذه النتائج، مرجعة إياها إلى تحالف قوى ما قبل 14 يناير/كانون الثاني التي عملت على عودة المنظومة القديمة بقوة من خلال حشد كل إمكاناتها لتحقيق مثل هذه النتائج.
صفحات أخرى قريبة من "حركة النهضة" صبت جام غضبها على الناخبين الذين صوتوا لـ"نداء تونس" معتبرة أنهم يرغبون في عودة المنظومة القديمة حفاظاً على مصالحهم المهددة من قبل قوى الثورة التونسية. ووصل الحدّ بصفحة "انهض" إلى الاستهزاء بالمصوّتين لـ"نداء تونس" واصفة إياهم بالفلول.
الاستقطاب الثنائي بين "نداء تونس" و"حركة النهضة" قد يتحول إلى قدر على التونسيين التعايش معه في ظل الانقسام الواضح والكثيف في الشارع، والإقبال على المشاركة في الانتخابات. لكن ما يتخوّف منه كل من تابع الحرب على "فيسبوك" هو تحول هذه الثنائية إلى سجال حاد ومستمر قد يخرج من عقاله، أقلّه على مواقع التواصل.