23 أكتوبر 2024
"نحن اليهود"
أشرتُ في مقال الأسبوع الفائت (7/12) إلى أن قرار الأمم المتحدة رقم 3379 الذي اتخذ عام 1975، وساوى الصهيونية بالعنصرية، أُلغـي عام 1991 من دون أن تغيّر الصهيونية جلدها. وبحقّ، ذكرت اللجنة العربية لمكافحة الصهيونية والعنصرية (تشكلت لدعم القرار)، في ذلك الحين، أن هذه الخطوة جاءت إثر مساع محمومة بذلتها الولايات المتحدة، ونتيجة للنظام العالمي الجديد ذي القطب الواحد الآخذ بالتشكّل، وإلى أن أحد أهم مداليلها يكمن في وضع دولة الاحتلال الإسرائيلية وعنصريتها وإرهابها فوق الأمم المتحدة، وفوق العهود والمواثيق الدولية والقانون الدولي .
وأشير، في المناسبة نفسها، إلى أنه عندما وافقت الأمم المتحدة على القرار المذكور، برّرته بقرارات دولية عديدة مهمة أكدت على عنصرية الصهيونية، بيد أنها عندما اتخذت قرار الإلغاء اكتفت بسطر واحد، صاغه نائب وزير الخارجية الأميركي، لورانس إيغلبرغر، وورد فيه: "تُقرّر الجمعية العامة نبذ الحكم الوارد في قرارها رقم 3379".
ويقتضي التطرّق إلى نشاط تلك اللجنة التذكير بأنها أصدرت في مارس/ آذار 1994 وثيقة سياسية أعادت إلى الأذهان أن دولة الاحتلال الصهيونية مشروع استعماري استيطاني قائم على التعصب المستند إلى معتقدات غيبية مفرطة في الخرافية والاستعلاء العنصري، وأن الصهيونية تستمد جذورها الأيديولوجية من إرث "الشعب المُختار" الاستعلائي العنصري، وأن المشروع الصهيوني يرتبط عضويًا بمشروعات الهيمنة الأميركية، ويهدف إلى استنزاف العرب وإلحاق الإحباط والتخلف بأجيالهم، وإبقائهم نهب التمزق وقيد الهيمنة، وبالتالي، تعويق التقدّم والنهضة والوحدة في الوطن العربي.
وعلى صلة راهنة بمشروع القانون الذي صادق عليه الكنيست الإسرائيلي أخيرًا، ويتضمن شرعنة نهب الأرض الفلسطينية الخاصة في المناطق المحتلة منذ 1967 لصالح المستوطنين اليهود، رأت تحليلات أن هذه المصادقة بمثابة إثباتٍ على عنصرية الصهيونية أولًا ودائمًا. وهي عنصرية مستمدة من مصدرين، ذوي ترابط: طبيعة المشروع الصهيوني الكولونيالي القائم على عنصر الإحلال. والمراجع الدينية اليهودية التي لا تنفك تشكل "تُكـأة" لفتاوى تبرّر القتل والطرد والنهب والسلب. والأمثلة على المصدر الثاني كثيرة. وثمّة في الفترة الأخيرة تسليطات ضوء متعددة، لا على تفاقم تديّن مجتمع دولة الاحتلال فحسب، وإنما أيضاً على تعزّز "ثقرطة" (من الثيوقراطيا- المؤسسة الدينية) المستويين السياسي والعسكري، كما أبرزت ذلك مثلاً واقعة توزيع قائد لواء غفعاتي العسكري "أمراً قتالياً" على جنود اللواء في بداية الحرب على غزة في صيف 2014، أشار فيه، من ضمن أمور أخرى، إلى أن هذه المعركة العسكرية جزءٌ من حربٍ دينية تهدف إلى هزم "عدو يكفر بآلهة إسرائيل"!.
وبذا تلتقي مثل هذه التحليلات مع الوثيقة العربية السالفة التي ظهرت قبل 22 عاماً. أمّا "إرث الشعب المُختـار" فيحيل مباشرة إلى طهارة العرق النازية.
وهذه الإحالة مقتبسة عن أحد الباحثين الراديكاليين اليهود، الذي استند إلى كتاب وضعه الحاخام اليهودي، يواكيم فرينتس، Wir Juden ("نحن اليهود")، وصدر في 1934، لكي يستنتج أنه ينطوي على مقارنةٍ إطرائية بين الصهيونية ونظرية طهارة العرق النازية.
وكتب هذا الباحث (إيلي أمينوف) أن فرينتس الذي كان من زعماء الحركة الصهيونية في ألمانيا أعرب عن رضاه البالغ عن "الثورة الألمانية" التي قضت على الليبرالية. وفي هذا الشأن، كتب أن ما تأدّى عن هذه الثورة هو "غرق واختفاء الشكل الوحيد للحياة السياسية الذي مهد لذوبان اليهود". ورأى فرينتس أيضاً أن قوانين العرق النازية "تتجاوب مع طموحنا" (إلى طهارة العرق). وأضاف: "إننا معنيون بأن يحل محل سيرورة الذوبان قانونٌ جديدٌ فحواه إعلان الانتماء إلى الشعب اليهودي والعرق اليهودي. بوسع دولةٍ تقوم على أساس طهارة الأمة والعرق أن تكون محترمةً فقط بواسطة اليهود الذين يعلنون الانتماء إلى أبناء عرقهم".
خلاصة القول، لا يعني إلغاء قرار 3379 أن الصهيونية لم تعد عنصريةً، كما أنه ساهم في تشجيع دولة الاحتلال على تصعيد سياستها العنصرية ضد الفلسطينيين والعرب.
وأشير، في المناسبة نفسها، إلى أنه عندما وافقت الأمم المتحدة على القرار المذكور، برّرته بقرارات دولية عديدة مهمة أكدت على عنصرية الصهيونية، بيد أنها عندما اتخذت قرار الإلغاء اكتفت بسطر واحد، صاغه نائب وزير الخارجية الأميركي، لورانس إيغلبرغر، وورد فيه: "تُقرّر الجمعية العامة نبذ الحكم الوارد في قرارها رقم 3379".
ويقتضي التطرّق إلى نشاط تلك اللجنة التذكير بأنها أصدرت في مارس/ آذار 1994 وثيقة سياسية أعادت إلى الأذهان أن دولة الاحتلال الصهيونية مشروع استعماري استيطاني قائم على التعصب المستند إلى معتقدات غيبية مفرطة في الخرافية والاستعلاء العنصري، وأن الصهيونية تستمد جذورها الأيديولوجية من إرث "الشعب المُختار" الاستعلائي العنصري، وأن المشروع الصهيوني يرتبط عضويًا بمشروعات الهيمنة الأميركية، ويهدف إلى استنزاف العرب وإلحاق الإحباط والتخلف بأجيالهم، وإبقائهم نهب التمزق وقيد الهيمنة، وبالتالي، تعويق التقدّم والنهضة والوحدة في الوطن العربي.
وعلى صلة راهنة بمشروع القانون الذي صادق عليه الكنيست الإسرائيلي أخيرًا، ويتضمن شرعنة نهب الأرض الفلسطينية الخاصة في المناطق المحتلة منذ 1967 لصالح المستوطنين اليهود، رأت تحليلات أن هذه المصادقة بمثابة إثباتٍ على عنصرية الصهيونية أولًا ودائمًا. وهي عنصرية مستمدة من مصدرين، ذوي ترابط: طبيعة المشروع الصهيوني الكولونيالي القائم على عنصر الإحلال. والمراجع الدينية اليهودية التي لا تنفك تشكل "تُكـأة" لفتاوى تبرّر القتل والطرد والنهب والسلب. والأمثلة على المصدر الثاني كثيرة. وثمّة في الفترة الأخيرة تسليطات ضوء متعددة، لا على تفاقم تديّن مجتمع دولة الاحتلال فحسب، وإنما أيضاً على تعزّز "ثقرطة" (من الثيوقراطيا- المؤسسة الدينية) المستويين السياسي والعسكري، كما أبرزت ذلك مثلاً واقعة توزيع قائد لواء غفعاتي العسكري "أمراً قتالياً" على جنود اللواء في بداية الحرب على غزة في صيف 2014، أشار فيه، من ضمن أمور أخرى، إلى أن هذه المعركة العسكرية جزءٌ من حربٍ دينية تهدف إلى هزم "عدو يكفر بآلهة إسرائيل"!.
وبذا تلتقي مثل هذه التحليلات مع الوثيقة العربية السالفة التي ظهرت قبل 22 عاماً. أمّا "إرث الشعب المُختـار" فيحيل مباشرة إلى طهارة العرق النازية.
وهذه الإحالة مقتبسة عن أحد الباحثين الراديكاليين اليهود، الذي استند إلى كتاب وضعه الحاخام اليهودي، يواكيم فرينتس، Wir Juden ("نحن اليهود")، وصدر في 1934، لكي يستنتج أنه ينطوي على مقارنةٍ إطرائية بين الصهيونية ونظرية طهارة العرق النازية.
وكتب هذا الباحث (إيلي أمينوف) أن فرينتس الذي كان من زعماء الحركة الصهيونية في ألمانيا أعرب عن رضاه البالغ عن "الثورة الألمانية" التي قضت على الليبرالية. وفي هذا الشأن، كتب أن ما تأدّى عن هذه الثورة هو "غرق واختفاء الشكل الوحيد للحياة السياسية الذي مهد لذوبان اليهود". ورأى فرينتس أيضاً أن قوانين العرق النازية "تتجاوب مع طموحنا" (إلى طهارة العرق). وأضاف: "إننا معنيون بأن يحل محل سيرورة الذوبان قانونٌ جديدٌ فحواه إعلان الانتماء إلى الشعب اليهودي والعرق اليهودي. بوسع دولةٍ تقوم على أساس طهارة الأمة والعرق أن تكون محترمةً فقط بواسطة اليهود الذين يعلنون الانتماء إلى أبناء عرقهم".
خلاصة القول، لا يعني إلغاء قرار 3379 أن الصهيونية لم تعد عنصريةً، كما أنه ساهم في تشجيع دولة الاحتلال على تصعيد سياستها العنصرية ضد الفلسطينيين والعرب.