"نبيذ" رئيس وزراء الدنمارك السابق بأموال حكومية

15 مارس 2015
+ الخط -

إذا ما قلت للشعب الدنماركي إن سياسيا ما استغل منصبه للحصول على يد عاملة رخيصة لإصلاح منزله، فاعلم أنه منته مع أول خبر عنه.

حدث هذا الأمر مع السياسي البرلماني ناصر خضر، من أصول عربية، حين اتهمه تقرير صحيفة شعبية أنه "استأجر عمالا من السوق السوداء"، ليقوموا بالمهمة بسعر أرخص من السوق الرسمية، لبناء سور يحيط منزله.

ردود فعل خضر الغاضبة التي قال فيها كلاماً قاسياً عن الصحافي عبر قناة تلفزيونية، أدت قبل سنوات إلى تراجع شعبيته بين الناخبين الدنماركيين، إضافة إلى خلافات حزبية داخلية، مما اضطره لترك السياسة إلى التحليل السياسي.

لكنّ الأمر لم يتكرر مع رئيس الوزراء السابق، لارس لوكا راسموسن (51 عاما)، الذي تعرض لهزة سياسية وأخلاقية عنيفة العام الماضي، حين كشفت صحيفة "اكسترا بلاديت" عن تلاعبه بالمال الخاص بحزبه لشراء ملابس وحجز رحلات سياحية لعائلته، ودفع مخالفات التدخين في غرفة فندق لغير المدخنين أثناء فترة ولايته. وقد وقف الحزب (يمين وسط) خلف زعيمه حينها، خوفاً من انفراط عقده في مواجهة يسار الوسط.

في السنة الانتخابية التي تعيشها الدنمارك يصبح "الضرب تحت الحزام" أشرس من بقية أيام السنة، فلم تهدأ "قصة راسموسن" التي تفجرت العام الماضي حتى عادت الصحيفة ذاتها لتفتح ملفه من جديد.

هذه المرة بالضرب على الوتر الحساس للشعب "نحن ندفع وهو يشرب"؛ في إشارة إلى كمية النبيذ والبيرة التي شربها هو ومرافقوه خلال السفر، حين كان رئيساً للوزراء قبل 2011.

وكشفت الصحيفة معلومات مفادها أن راسموسن أثناء رحلة بطائرة في 2009، للمشاركة في قمة الثمانية في إيطاليا احتسى مع مرافقيه "5 زجاجات نبيذ و6 زجاجات بيرة"، وفي زيارة رسمية إلى موسكو احتسوا 3 زجاجات نبيذ و15 زجاجة بيرة".

مشكلة راسموسن مع الصحافة لم تنته مع الاتهامات التي وجهت إليه باستخدام مئات آلاف الكرونات من خزينة حزبه لقضايا شخصية وعائلية، لكنه كزعيم للمعارضة المحافظة وفي العام الانتخابي الحالي، وجد نفسه عرضة لضغوط كبيرة للإجابة عن مسألة تناول المشروبات.


الرد الذي برر به أنصاره، عمّق المشكلة، حين قالوا إن فواتير الدفع شملت ما لم يشربه هو ومعاونوه. لتكشف الصحيفة أن الطائرة كانت تتبع وزارة الدفاع، وبالتالي فإنه يمنع منعاً باتاً على العسكريين تناول المشروبات أثناء العمل وكذلك قبطان الطائرة، وبذلك وضعت الصحيفة التي اطلعت على الأوراق الرسمية للقضية راسموسن تحت مزيد من الضغوط التي لم يكن يتخيلها.

ما كشفته الصحافة لا يتعلق ببضعة آلاف من الكرونات، ثمن ما احتساه رئيس الوزراء السابق، الذي احتل المنصب بعد أن أصبح اندرس فورغ راسمسون سكرتيراً لحلف الناتو، بل لأن السياسي من المفترض في البلاد الاسكندنافية أن يكون مثلاً أعلى في الصدق والنزاهة.

فشل راسموسن زعيم المعارضة، الراغب في عودة اليمين المحافظ للحكم، في تقديم مبررات لأفعاله فسقط في مطب الكذب. قال "لا أشرب إلا في المساء والعطل".

لم تتركه الصحافة يمرر تبريره، فراحت تكشف فواتير مؤرخة بالدقيقة والثانية: "تناول رئيس الوزراء الكحول وهو في مهمة رسمية عند الساعة الخامسة مساء، ولم ينتبه رئيس الوزراء إلى أن المساء لا يبدأ في الخامسة. ثم إنه كان في طريقه لتوقيع اتفاقية في بروكسل أي أنه في مهمة رسمية".

لا أحد يمكنه التنبؤ بما ستكون عليه عملية المحاسبة الشعبية لزعيم المعارضة عند إجراء الانتخابات العامة في وقت لاحق هذا العام، لكن المراقبين يرون أن النزاهة عنده صارت بحاجة إلى مراجعة. وهم بذلك يشيرون إلى ما صرفه على نفسه وعائلته العام الماضي من صندوق الحزب، وهو المال الذي تدفع الحكومة جزءاً منه للأحزاب السياسية بغض النظر عن موقعها، حتى لو كانت معارضة.
المساهمون