ولفتت وكالة التصنيف العالمية إلى احتمال أن تقوم الحكومة، التي تمتلك حوافز مالية ونقدية محدودة، باحتواء أو عكس عبء الدين المرتفع وعبء الفائدة في ظل تدهور ظروف التمويل المحلية والخارجية، وقد تسعى إلى تعزيز القدرة على تحمل الديون، وقالت إن التأخير المستمر في تشكيل الحكومة يزيد من الضغوط على لبنان.
ولفتت الوكالة كذلك إلى أنه قد يتم تجنب التخلف عن السداد إذا قامت حكومة جديدة، عند تشكيلها، باتخاذ بعض إجراءات الدمج المالي التي تطلق العنان لحزمة أموال مؤتمر "سيدر".
وفي الوقت نفسه، خفضت موديز سقف السندات طويلة الأجل للعملة الأجنبية إلى B2 من B1، وسقف الودائع إلى Caa1 من B3 والسندات بالعملة المحلية والسقوف المودعة إلى Ba3 من Ba2.
ويتجاوز إجمالي الاحتياجات التمويلية للبنان نسبة 30 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهي من بين أعلى المعدلات السيادية، وفق الوكالة.
وقد انعكس قرار موديز سلبا على أدوات الدين حيث تعرضت سندات لبنان السيادية المقومة بالدولار لضغوط اليوم الثلاثاء بعد أن خفضت المؤسسة التصنيف الائتماني للبنان إلى Caa1 بفعل المخاوف من تخلف محتمل عن سداد الديون.
ونزلت سندات لبنان 2037 بمقدار 0.811 سنت ليجري تداولها عند 73.568 سنت في الدولار، وفقا لبيانات تريدويب.
كانت السندات حققت مكاسب قوية يوم الاثنين عندما قالت قطر إنها ستستثمر 500 مليون دولار في السندات السيادية للبنان من أجل دعم اقتصاده الذي يكابد مصاعب.
وعلى الرغم من تأكيد حكومة تسيير الأعمال في لبنان على أنه لا يجري النظر في إعادة هيكلة التزامات الدين الحكومية، فإن البيانات الرسمية الصادرة في الأسابيع الأخيرة تشير إلى الحاجة الملحة المتزايدة لمعالجة عبء الديون المرتفعة جداً، وتكاليف خدمة الدين (تمثل حوالي 50 في المائة من الإيرادات) من خلال مجموعة متنوعة من التدابير.
ووفقًا لتقديرات وكالة موديز، فإن تغطية عجز الميزانية هذا العام واستحقاقات سندات اليوروبوند دون الاعتماد على احتياطيات النقد الأجنبي سوف تتطلب تدفقات من الودائع المصرفية تبلغ 6 إلى 7 مليارات دولار، مقارنةً بـ4 إلى 5 مليارات دولار في عام 2018.
ويظهر عدم اليقين بالنسبة للمودعين بشأن استدامة ربط سعر الصرف والاستقرار المالي، في تباطؤ تدفقات الودائع، هذه التطورات بدورها تزيد من مخاطر الاستقرار المالي لأن المزيد من الصدمات لثقة المودعين سيؤدي إلى استنزاف كبير لاحتياطيات النقد الأجنبي.
في المقابل، تؤكد هذه الديناميكيات الاتجاه نحو ارتفاع أسعار الفائدة على العملة المحلية، ما يزيد التضخم ويقوض المزيد من القدرة التنافسية الخارجية.
وبشكل عام، تعكس المخاطر السياسية العالية وفعالية السياسة الضريبية المنخفضة للغاية على صورة لبنان الائتمانية وفق تقييم موديز، حيث إن القدرة على قيام الحكومة بتنفيذ عملية إصلاح مالي كبير، تعتبر محدودة، حتى لو تم تشكيل حكومة في المستقبل القريب.
ولفتت إلى أن استمرار التأخير في تشكيل الحكومة من شأنه أن يزيد من ضغوط السيولة في لبنان. وتتوقع موديز أن تكون شروط الإصلاح المالي مرتبطة بالمصاريف التي تعادل حوالي 3-4 نقاط مئوية من الناتج المحلي الإجمالي سنويًا لدعم توقعات النمو وتحسين ثقة المستثمرين.
وفي الوقت نفسه، فإن المزيد من التدهور في المقاييس المالية والخارجية للبنان، والذي يحتمل أن يكون نتيجة استمرار التأخير في تشكيل الحكومة، سيؤدي إلى تفاقم الضغوط الائتمانية، ومن المحتمل أن يزيد من تقويض ثقة المودعين.
وشرحت الوكالة أن الزيادة الإضافية الناتجة عن التهديد للاستقرار المالي تعني أن التخلف عن السداد، إذا حدث في نهاية المطاف، من المحتمل أن ينطوي على خسائر أكبر بالنسبة للمستثمرين.
في المقابل، من المحتمل أن يتم تطبيق إصلاحات مالية كبيرة تدعم استقرار الاقتصاد الكلي وتقدم احتمالية حدوث انخفاض في نسبة الديون في نهاية المطاف.
وفي المقابل، فإن مثل هذه الاحتمالات من شأنها أن تعزز تدفقات مالية مستمرة، بما في ذلك الودائع الأجنبية في البنوك اللبنانية التي تضمن تمويل العجز المالي.
ومن المحتمل أن تقوم وكالة موديز بتخفيض تصنيفات لبنان إذا ضعفت المؤشرات المالية والخارجية السيادية أكثر، مما يهدد الاستقرار المالي ويشير إلى زيادة المخاطرة وحصول خسائر كبيرة للمستثمرين.
وغرد وزير المال في حكومة تصريف الأعمال النائب علي حسن خليل عبر حسابه على "تويتر" بالقول: "تقرير موديز يستكمل ما قالته الشهر الماضي بحيث تتأكد الحاجة إلى الإسراع في تشكيل حكومة لإطلاق عملية الإصلاح المالي، وصولا إلى تخفيف نسبة العجز والبدء بالمشاريع المقررة في مؤتمر سيدر، وإنجاز سريع للموازنة العامة من ضمن هذه التوجهات حتى لا نخسر المزيد من الفرص.
وتابع: "من جهة أخرى ورغم التقرير، فإن الوضع المالي والنقدي اللبناني يحافظ على استقراره، واحتياجات الخزينة مؤمنة، وقادرة على الإيفاء بكل الالتزامات لاسيما الديون، اكتتاب قطر في سندات الخزينة يعزز الثقة بالإصدارات التي يقوم بها لبنان، وهو موضع تقدير ونأمل أن يكون مقدمة لانخراط دول ومؤسسات أكثر في دعم لبنان".