"مهرجان رام الله للرقص المعاصر": المدينة بوصفها منصة مفتوحة

26 ابريل 2018
من عرض لفرقة روبيرتو كاستيلو الإيطالية (فيسبوك)
+ الخط -
من مدينة رام الله، انطلقت يوم التاسع عشر من نيسان/ أبريل 2018، الدورة الثالثة عشرة لـ "مهرجان رام الله للرقص المعاصر" الذي تنظمه سنويًا سرية رام الله الأولى، ويقام هذا العام في رام الله، والقدس، وبيرزيت، وعنبتا ومخيم بلاطة، بمشاركة 15 فرقة رقص، بينها أربع فرق رقص فلسطينية، ويستمر لغاية 29 من الشهر نفسه، بورش عمل وأفلام عن الرقص، إضافة إلى مؤتمر الرقص والمجتمع، وإنتاج رقص فلسطيني فرنسي بين سرية رام الله الأولى وفرقة NGC25.

تأتي دورة هذا العام تحت عنوان "مساحات غير تقليدية". عن هذا تقول مجد حجّاج، مسؤولة برنامج حفل الافتتاح ومنسقة ورش الرقص، وهي جزء من المهرجان في حقول متنوعة منه: "الشعار مستوحى من كون فلسطين بمثابة مكان "غير تقليدي"، ففي مثل هذا الوقت من العام الماضي، كان الأسرى يخوضون إضرابهم الأسطوري عن الطعام، ويأتي مهرجان هذا العام بعد القرار الأميركي بالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، كما يأتي بالتزامن مع حلول الذكرى السبعين لنكبة شعبنا المستمرة، ويستمر الاحتلال في منع إصدار التصاريح للفرق العربية القادمة إلى فلسطين للمشاركة في المهرجان، ولا نعرف كيف ننقل التجربة إلى غزة المحاصرة أو نستضيف راقصين منها، فإن فلسطين بحد ذاتها هي مساحة غير تقليدية، والكثير من مفردات الحياة في فلسطين غير تقليدية، وتفاصيل يومياتنا تحت الاحتلال تخرج عن المألوف والطبيعي، فالوجود والصمود، الوقت والحياة والموت والسفر، فلسطين وشعب فلسطين، كل هذا غير تقليدي، بالإضافة إلى ذلك، فإن الرقص المعاصر نفسه فنًا لا يزال في خانة "غير التقليدي" بالنسبة لعامة الجمهور الفلسطيني".


إضافة إلى مساحات العروض التقليدية للرقص، من مسارح وفضاءات مغرقة، يأتي هذا المهرجان ليضيف إلى أطر العرض التقليدية هذه، ويقدم عروضًا في فضاءات عامّة ومختلفة، كما وأنّه ينظم مؤتمر الرقص والمجتمع، بعنوان "مساحات غير تقليدية، حيث يناقش تجارب مختلفة من استخدام الفضاءات غير التقليدية في الفنون، مثل Flash Mobs في الفضاءات العامّة، والعروض الراقصة في المنازل القديمة والأثرية (site-specific) ومدى تفاعل الجمهور معها والتحديات التي تواجهها هذه المبادرات.

منذ تأسيس المهرجان قبل 13 عامًا، أصبح للرقص المعاصر حضور قوي ومهم في فلسطين، كما وأن هنالك ازدياداً واضحاً بعدد الراقصات والراقصين من فلسطين المنخرطين/ات باحتراف في مجال الرقص المعاصر، ويتجولون في العالم من خلال مشاريع فلسطينية أو مشاريع عربية وعالمية، بما في كل هذا من مساهمة مهمة للمهرجان بخلق مشهد رقص فلسطيني معاصر.

عن الدور الذي ساهم به المهرجان في تطوّر مشهد الرقص في فلسطين، تقول مجد حجّاج: "تمكن المهرجان في السنوات الأخيرة من خلق قاعدة جمهور فلسطيني مهتم بالرقص المعاصر، ويترقب المهرجان وفعالياته من عام لآخر، فإن عدد الجمهور في ازدياد ملحوظ، وعدد الراقصين المقبلين على المشاركة في ورشات الرقص وعدد الراقصين الذين تفرغوا لممارسة الرقص المعاصر في ازدياد ملحوظ أيضًا. استطاع المهرجان من خلال ورش الرقص التي ينظمها وتجارب الأداء التي يستضيفها لفرق عالمية أن يزيد الاهتمام بهذا النوع من الرقص وأن يوسع آفاق الراقص الفلسطيني ويفتح أمامه فرصًا للمشاركة جنبًا إلى جنب مع راقصين محترفين في عروض رقص عالمية، وفتح الباب أمام إنتاجات مشتركة ما بين فرق فلسطينية وفرق عالمية".


ترى مجد أيضًا، أنه إلى جانب مساهمته المهمة في تطوير مشهد الرقص الفلسطيني المعاصر، هنالك أهمية في استدامته، حيث ترى أن المهرجان هو فرصة لصناعة السعادة وسرقة لحظات الفرح في مكان أبعد ما يكون عن التقليدي، وتضيف: "هو تجربة إنسانية صادقة، هو فسحة من الأمل تبقينا أحياء وهو فرصة للاحتفال بالحياة، فنحتفي بالإنسان الفلسطيني الذي يمتلك قدرة خارقة على الصمود والبقاء، ومن ناحية أخرى هو وقفة في وجه كل من يحب أن يرى فلسطين مهزوزة أو مكسورة، فهو على عكس ذلك يقدم فلسطين بصورة حضارية وأن فلسطين "تحب الحياة إذا ما استطاعت إليها سبيلاً".

في حديث مع سلمى عطايا، وهي خريجة صحافة وإعلام من جامعة بيرزيت، أنهت دراسة الماجستير في الرقص المعاصر من إيرلندا، ترقص منذ عام 2005 في مجال الدبكة الشعبية ومن ثم الرقص المعاصر في فرقة سرية رام الله الأولى، تقول: "للرقص المعاصر أهمية كبيرة في فلسطين لعدة أسباب، أوّلها أن الرقص هو طريقة تعبير سلسة عن قضايا وأحداث نعيشها، من خلال المهرجان، نستطيع التعبير عن قضايا سياسية واجتماعية وشخصية عن طريق الجسد، وهو أسلوب يفهمه الجميع، والابتعاد قليلًا عن طرق التعبير الأخرى المعتادة".

ترى سلمى أن المهرجان أيضًا مهم للراقصين الفلسطينيّين المحليّين، حيث يمنحهم الفرصة للتعرف على أشكال وأنواع أخرى للرقص المعاصر، وتضيف: "كما وإعطاء الراقصين المحليّين فرصة لتقديم أعمالهم ومشاركته مع الجمهور. بالنسبة للجمهور الفلسطيني، في البداية كان هنالك تحديات عديدة لجذبه إلى هذا النوع من الرقص، ولكن مع مرور الوقت، بدأ الجمهور يفهم الرقص المعاصر وزاد عدد المشاهدين والمتابعين له، كما وأن أهمية المهرجان تكمن بأنه لا يقتصر فقط على مدينة رام الله، بل يقام في مدن أخرى كي يصل لأكبر عدد ممكن من الجمهور الفلسطيني".


المساهمون