"مهرجان الموسيقيين المكفوفين": تشابه في أكثر من مكان

25 ديسمبر 2017
(عمل مشترك لـ ميسيل بالدوين وميل رامسدين)
+ الخط -
لا يزال إدماج ذوي الإعاقة في المجتمعات العربية يواجه عوائق تشريعية وتمييزاً اجتماعياً، كما أن المنظومة التعليمية لا تزال قاصرة في تأهيل العديد من فئاتهم في تخصّصات مختلفة، ما يمكن ملاحظته في الأعداد القليلة منهم التي يمكنها الحصول على شهادة أكاديمية أو مهنية، وفي حصول على فرصة في سوق العمل.

الثقافة ليست بعيدة عن ذلك، حيث يظهر حضور المبدعين العرب الذين يعانون من إعاقة ما محدوداً في الإنتاج الأدبي والفني والمشاركة في تظاهرات ثقافية، ويدبو مستغرباً أن تخصّص من أجلهم ملتقيات إبداعية بينما من الأولى أن يتطوّر التعليم الذي يتلقونه والتشريعات التي تحدّ من أي تمييز يواجهونه.

في هذا السياق، أقيم في الموعد نفسه مهرجانان دوليان للموسيقيين المكفوفين بداية الشهر الجاري؛ الأول نظّمت دورته جمعية "لويس بريل" في مدينة تطوان المغربية (220 كلم شمال الرباط)، والثاني عُقدت دورته الثالثة في تونس العاصمة.

تسعى التظاهرتان بحسب بيانهما الصحافي إلى إدماج الشخص الكفيف في محيطه والتعريف بقضيّته وإبراز قدراته وإبداعاته في الميدان الموسيقي وخلق فرص للتلاقي وتبادل الخبرات والتجارب بين الموسيقيين المبدعين المكفوفين في العالم"، وهي أهداف تتناقض مع مبدأ الإدماج نفسه الذي يعني "تهيئة المجتمع لتقبّلهم كأفراد منتجين ومتكاملين ومتفاعلين مع سائر أفراد المجتمع" لا فصلهم كفئة عن غيرهم.

ربما تبدو نوايا المنظمين حسنة، لكنها في النهاية تكرّس عزلة هذه الفئة وتهمّشها وتحدّد التنافس بين أفرادها، في ما الغاية هو خلقه مع جميع الفئات كلّ بحسب تخصّصه، كما فاتهم أيضاً أن تكريم المبدعين المكرّسين من ذوي الإعاقة يجب أن لا يُعزل أيضاً ضمن هذا السياق، حيث اختار "مهرجان تطوان" أن تحمل دورته الأخيرة اسم الموسيقي المغربي عبد الفتاح الدك.

لا ينتبه البعض إلى أن التراجع الكبير الذي يشهده التعليم في بلدان عربية عدّة لا تنعكس تداعياته في مجال العمل فقط، بل ينسحب على معظم قطاعات المجتمع ويضعف قدراته الإنتاجية المادية في الصناعة والزراعة والتجارة، وبالطبع في ميدان الثقافة أيضاً.

المساهمون