"مملكة الجبل الأصفر": دولة "فيسبوك" أم كيان سياسي؟

08 سبتمبر 2019
تقع المملكة المزعومة بين السودان ومصر (تويتر)
+ الخط -
توقف مراقبون سياسيون، وخبراء قانون، أمام تداول مقاطع فيديو، وصور، وخرائط، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، عن تأسيس كيان سياسي جديد، باسم "مملكة الجبل الأصفر"، بالقرب من حدود مصر والسودان، بينما اختلفت الآراء في جدية الإعلان، وأهدافه وتوقيته.

وبينما ذهب عدد من المراقبين إلى أن الإعلان يبدو أقرب إلى السخرية، فإن آخرين طالبوا بالتعامل معه بصورة جدية.

وقلل مصدر دبلوماسي مصري مسؤول من أهمية الإعلان، وقال إن القاهرة لا يشغلها هذا الأمر على الرغم من الشبهات التي تحوم حوله، مضيفاً: "ليس صحيحاً أن تلك الأراضي تقع في منطقة ليست خاضعة للسيادة المصرية"، متابعاً أن "أي دعوة للاستيلاء على أي أراض مصرية فالقانون الدولي يضمن لمصر حقها في الدفاع عنها بقوة السلاح".

وأوضح المصدر، أنه حتى الآن ما تم الإعلان عنه "محاولات ليست جديدة، ولكنه ليس لها أي سند، أو وجود حقيقي على الأرض، وهي عبارة فقط عن تحركات إعلامية ليست لها أي قيمة".


وتابع أن "أجهزة مصرية رفيعة المستوى تتبعت أصول الشخصيات، من الذين يقفون وراء تلك الدعوة، وتعرفهم جيداً وتعرف حجمهم الطبيعي، لذلك لا يوجد قلق لدى القيادة المصرية من تلك الدولة المزعومة".

وقبل أيام قليلة، وتحديداً في الخامس من سبتمبر/ أيلول الجاري، خرجت سيدة تدعى نادرة ناصيف، تعلن عن قيام دولة عربية إسلامية جديدة اسمها مملكة الجبل الأصفر، تقع بين السودان ومصر، ومساحتها تعادل مساحة دولة الكويت.


ونشرت ناصيف، التي يبدو من لهجتها، أنها لبنانية، على حساباتها بمواقع التواصل الاجتماعي، بياناً، بصفتها "رئيس مجلس وزراء مملكة الجبل الأصفر"، نيابةً عن ملك المملكة المزعومة، لإعلان قيام "‎مملكة الجبل الأصفر" بشكل رسمي، وذلك بمدينة أوديسا، بأوكرانيا.
ونشرت ناصيف على حسابها الذي لم يقارب عدد متابعيه الألفين فقط، رسوماً هندسية ومخططات عمرانية لتلك المملكة المزعومة، وبيانات ورسائل ممن يصفون أنفسهم بوزراء خارجية أو مالية تلك المملكة.

ومن ضمن تلك البيانات، جاء بيان لشخص يُدعى عبد المنان بن إسحاق السبحاني، وصف بأنه وزير الشؤون الإسلامية بمملكة الجبل الأصفر، قدم فيه "التهنئة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية الشقيقة، وذلك بمناسبة نجاح موسم الحج لهذا العام".

وقالت ناصيف، في منشور سابق لها، إن الدولة الجديدة تمثل "الحلم الذي يسعى إليه كل إنسان يشعر بعذاب ومهانة أطفالنا والنساء والعجزة الذين شردتهم الحروب سعياً وراء بقعة أمن وأمان".

وأضافت: "لم نرهم، سوى أن البرد والحر يأكلان من أجسادهم في الخيم، ونسأل أنفسنا ما هو الحل لمن حرموا من أدنى حقوقهم الإنسانية.. الإنسانية تجمعنا وموفقين بمشيئة الله تعالى".

وبحسب ما نشر في بعض وسائل الإعلام عن المملكة المزعومة، فهي "دولة إسلامية عربية سوف يتم البدء في وضع حجر الأساس لها بداية عام 2020 المقبل، وسوف يتم إنشاؤها في منطقة الشرق الأوسط، تحديداً في شمال إفريقيا بين دولتي مصر والسودان، وسوف تتمتع الدولة الحديثة بالخصائص السياسية واللوجستية مثل دول العالم الأخرى".

وستشهد نظام حكم ملكياً، مكوناً من ملك الدولة وطاقم مستشاري الملك الذي لم يتم الإفصاح عنه حتى الآن، كما سيتم تأسيس هيئة حكومية، ومجلس وزراء وإقامة العديد من الوزارات لتنظيم وإدارة مؤسسات الدولة، كما أنها ستستقبل أصحاب الشهادات العلمية من أجل أن يشاركوا في بناء المملكة وجعلها بلداً قوياً".

الصحافي الخبير في الشؤون الإفريقية ورئيس مجلس إدارة دار الهلال، السابق، يحيى غانم، عبّر عن استغرابه من ذلك الإعلان، وقال إن المنطقة المقصودة في الغالب "تتمثل معظمها في أقصى الجنوب الشرقي أو الغربي لمصر المتاخمة للسودان".

وكتب غانم على حسابه الخاص على "فيسبوك": "هل لنا أن نعلم على حساب أي من أراض البلدين ستكون هذه المملكة المفاجئة؟".


وقال الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، حمدي عبد الرحمن، إن الحديث هو عن منطقة منعزلة جنوب خط عرض 22 لا تعترف بها مصر ومساحتها 800 ميل اسمها بيرطويل. وعادة ما يقصدها المغامرون ويدعون أنهم أسسوا مملكة جديدة لهم، منهم مغامر هندي أعلن عن قيام مملكة ديكست، والمغامر الأميركي الذي أعطاها هدية عيد ميلاد لابنته.

وأضاف في تصريحات "عموماً هي وفق القانون الدولي يطلق عليها unclaimed land. مؤكداً أنه لا أحد يملك السيادة سوى الدول المعترف بها في النظام الدولي".

بدوره، يحذر رئيس بحوث السودان وحوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية هاني رسلان، من أن "مملكة الجبل الأصفر خنجر مسموم في خاصرة مصر والسودان". مضيفاً على صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" أنه سيترتب على ذلك "مخاطر وتعقيدات لا حدود لها.. هل من خطوة استباقية بإنهاء أزمة حلايب؟".
دلالات
المساهمون