"مملكة" بوش: صخب الغيتارات وعنف الدرامز

26 يوليو 2020
تعتمد الفرقة على طرح الأسئلة من دون أن تحاول العثور على أجوبة (Getty)
+ الخط -

نهاية الأسبوع الماضي، أصدرت فرقة الروك البريطانية، Bush، ألبوماً جديداً حمل عنوان The Kingdom. وهو الألبوم الثامن في مسيرة الفرقة التي تم تأسيسها في بداية التسعينيات، وشهدت في مسيرتها الكثير من التقلبات؛ فبعد أن حظيت بنجاح تجاري سريع مع إصدارها أول ألبوم رسمي (Sixteen Stone 1994)، لم تتمكن Bush يوماً من المحافظة على ذات النسق؛ إذ كان مستوى ألبوماتها متفاوتاً في التسعينيات، وتوقف نشاطها بشكل كلي في بداية الألفية الجديدة، قبل أن تستأنف نشاطها الفني عام 2011، لتواظب منذ ذلك الحين على طرح ألبوم كل ثلاثة أعوام.

وفي حقبتها الجديدة، تواصلت أزمتها الأولى رغم تبدل غالبية أعضائها، فمستواها المتفاوت والتراوح بين النجاح والفشل، بقي عنواناً للفرقة؛ لكن الفارق أن Bush لم تتمكن بعد عودتها من ترك علامة فارقة في الموسيقى كالتي أحدثتها في حقبتها الأولى.

وفي ألبومها الجديد، The Kingdom، تحاول Bush أن تلتقط لحظة من الماضي، فتعود لبداياتها لتستلهم ذات النسق الموسيقي الذي كان له الفضل بنجاحها، وتستحضر ذات الروح، فيعلو صوت الغيتارات الكهربائية مع الضربات الإيقاعية السريعة على الدرامز، لتعزف موسيقى الـ"أنترنيتف روك" والـ"غارانج" التي تميزت بها، بأسلوب لا يختلف قيد أنملة عن أسلوب Bush سنة 1994؛ وكأن الفرقة تراهن على أن مفتاح النجاح عالق بتلك الحقبة البعيدة.

وفعلاً، تنجح Bush في خلق فضاء موسيقي مشابه، بفضل أداء مغني الفرقة الرئيسي ونجمها الأكبر، غيفن روسدايل؛ الذي يتمكن من مجاراة الموسيقى العنيفة ذات الإيقاع السريع بمرونة فائقة. لكن هذا الارتداد البعيد، الذي لا يخلو من فكر نوستالجي، ترك انطباعات وردود أفعال متباينة، يمكن التماسها في المراجعات النقدية بالمجلات الموسيقية العالمية؛ إذ حصلت الفرقة من خلال الألبوم على أعلى درجة لها في حقبتها الثانية ببعض المجلات، مثل "إنترتينمنت فوكس" التي منحت الألبوم أربع درجات من أصل خمس، في حين نال الألبوم أسوأ تقييم بين جميع ألبومات Bush في مجلة "رولينغ ستونز التي منحت الفرقة تقييم نجمة ونصف من أصل خمس فقط.

سبب هذا التباين الكبير بالمراجعات النقدية، هو الاختلاف حول الدور الذي يجب أن تؤديه فرق الروك في الوقت الحالي، والاختلاف حول الشكل الذي يجب أن تظهر عليه؛ فألبوم The Kingdom عمل مثالي لعشاق مدارس الروك القديمة، ويفضلون الاستمتاع بصخب الغيتارات الكهربائية وضربات الدرامز العنيفة، من دون أن تخضع لأي تعديلات أو إضافات بالموسيقى الإلكترونية والأنماط الدارجة. ولكن بالطبع، فإن ما يعيب الألبوم هو انعدام محاولات التجديد فيه، باستثناء أداء روسدايل، الذي يبدو متجدداً ومتطوراً، وكأنه العنصر الوحيد في الألبوم الذي تخطى حدود حقبة التسعينيات. وبالنسبة لكلمات الأغاني، فهي تبدو مفككة، وكأنها جمل شعرية بسيطة تم ترتيبها على عجل ضمن منظومة غريبة، لا تقدم معاني متكاملة، لكنها توحي بحالات نفسية معقدة؛ فهي مزيج من الانكسار والأمل، ومزيج من الخوف واللامبالاة. هذا الضياع تترجمه Bush بأغانيها من خلال صياغة الجمل فيها، فهي تعتمد بمعظم الأغاني على طرح الأسئلة من دون أن تحاول العثور على أجوبة. ففي لازمة أغنية Quicksand يسأل روسدايل العديد من الأسئلة التي يبدو واضحاً أنه لا يملك جواباً لها، مثل: "متى سنعرف إن كان محكوماً علينا بالفشل؟".

وفي لازمة أغنية Ghosts In The Machine يسأل: "ألسنا عبيدا؟". كما ترد في العديد من الأغاني العديد من الجمل الاستنكارية والتي تشكك بكل ما هو منطقي، ولا تترك أي جواب أو إشارة لأجوبة محتملة.

المساهمون