تجتمع في شخصية لوك (لوغان أنتيوفيرمو)، في "ملح الدموع" (2020) للفرنسي فيليب غاريل (1948)، أوصافٌ عدّة. شاب وسيم، يأتي إلى باريس للتخصّص بأعمال النجارة، فيغرق في اكتشافات تبدو كأنّها غير متناهية: في الجسد والحبّ والعلاقات والعيش. مُغامِرٌ، وإنْ تظهر في ملامحه براءة وعفوية تتمتّع بهما مُراهَقَة تتفلّت من زمنها لبلوغ نُضج شبابي ما. متعطّش إلى الأنثى، ربما لغياب الأم عن المشهد، أو ربما لعشقٍ يعتمل في ذاته وروحه إزاء المرأة جسداً وكياناً، يُلبّيان حاجة عابرة أو تجربة مؤقّتة. ابن اجتماعٍ غير مديني، يرى في المدينة خلاصاً سيكتشف لاحقاً أنّه غير كامل وغير نهائي. والخلاص المطلوب، وإنْ في لاوعيه، غير مفهوم وغير واضح وغير محرِّض حقيقيّ لتحقيقه.
مسألتان اثنتان يُمكنهما اختزال شخصية لوك، وحيويته وانشغالاته وتفكيره، التي تظهر أحياناً مُواربة، فهو ممتنعٌ عن إظهار ما يعتمل فيه، باستثناء لحظة بلوغه نبأ رحيل والده (أندره ويلمْس). وسامته أقوى. انفعالاته مرتبطة برغبة عارمة لديه في مضاجعة نساء، يُظهِر لهن بداية أنّ نيّته الأساسية كامنةٌ في ارتباطٍ يؤسّس لعلاقة جدّية. هو غير كاذبٍ، فبحثه عن لذّة الجسد مترافقة وتوقه إلى لذّة ارتباط. اللذّة الثانية أخفّ تعبيراً وحضوراً، أو ربما تنبثق من تمكّنه في إيهام الآخرين بها، ولعلّه هو غير مقتنع به (الارتباط).
في الوقت نفسه، هناك علاقته بوالده، التي تبدو متينة ومريحة. الأب متفّهمٌ، لكنْ: هل يعلم بمغامرات ابنه؟ في البلدة الريفية، صديقته جنفياف (لويز شوفيلّوت)، التي يُفترض به أنْ يتزوّجها، حامل منه. لكن زيارته الأولى إلى باريس تضعه أمام الفاتنة دجميلة (عُلايا عمامرة)، التي تخوض معه تجربة حبّ وجسدٍ، مع حدود تفرضها عليه، فهي لا تزال عذراء. يتوه لوك قليلاً. صديقته الحامل أم الشابة العذراء؟ بعد حينٍ، يلتقي بيتسي (سهيلة يعقوب)، فينبهر بها. يُقيم معها في شقّة صغيرة، لكنّها لن تتردّد في دعوة صديق لها إلى الإقامة معهما، ريثما يعثر على شقّة له. مع الصديق هذا، تُقيم علاقة سيعرف لوك بها. لكن، في تلك الفترة، سيتوفّى والده، وسيطرد الشاب، وسيغرق في حزنٍ واكتئاب.
هذه تفاصيل من "ملح الدموع (Le Sel Des Larmes)"، المشارك في المسابقة الرسمية للدورة الـ70 (20 فبراير/ شباط ـ 1 مارس/ آذار 2020) لـ"مهرجان برلين السينمائي الدولي"، والذي يُفترض بعروضه التجارية الفرنسية أنْ تبدأ في 17 يونيو/ حزيران المقبل، علماً أن تحديد الموعد هذا حاصلٌ قبل البدء بتنفيذ قرار إغلاق الصالات السينمائية، وتأجيل إطلاق العروض كلّها إلى أوقاتٍ لاحقة. تفاصيل تصنع حبكة مكتوبة بشغف باحثٍ عن المخبّأ في الروح والجسد. السيناريو (فيليب غاريل وجان ـ كلود كارييار وآرليت لانغمان) يرتكز على مساراتٍ تتداخل وتتعقّد، لكنّها تبقى مرتبطة بلوك أساساً، الباحث عن منفذٍ يرى أن الجسد الأنثوي أداته، فيجهد في اقتنائه من دون حسابٍ أو تنبّه إلى مخاطر الانزلاق إلى غريزة الجسد فقط.
لحظات عدّة تخلو من كلّ كلام. كاميرا ريناتو بيرتا تتجوّل في أزقّة قليلة، وفي مساحات ضيّقة لشقّة أو مقهى أو مدرسة أو حانة، لكنّها تُخرج من هذا كلّه ما يتماهى بذات لوك ونظراته التي توحي انجذاباً وحباً، قبل اكتشاف قلقه الذي يدفعه إلى المغادرة، ثم العودة مجدّداً لكن بعد فوات الأوان (علاقته بدجميلة، التي يعود إليها بعد وقتٍ، فيكتشف أنّها متزوّجة وحامل).
فيلم شغفٍ وانفعالات، مصقولة بسلاسة قول وبوح وأداء.
في الوقت نفسه، هناك علاقته بوالده، التي تبدو متينة ومريحة. الأب متفّهمٌ، لكنْ: هل يعلم بمغامرات ابنه؟ في البلدة الريفية، صديقته جنفياف (لويز شوفيلّوت)، التي يُفترض به أنْ يتزوّجها، حامل منه. لكن زيارته الأولى إلى باريس تضعه أمام الفاتنة دجميلة (عُلايا عمامرة)، التي تخوض معه تجربة حبّ وجسدٍ، مع حدود تفرضها عليه، فهي لا تزال عذراء. يتوه لوك قليلاً. صديقته الحامل أم الشابة العذراء؟ بعد حينٍ، يلتقي بيتسي (سهيلة يعقوب)، فينبهر بها. يُقيم معها في شقّة صغيرة، لكنّها لن تتردّد في دعوة صديق لها إلى الإقامة معهما، ريثما يعثر على شقّة له. مع الصديق هذا، تُقيم علاقة سيعرف لوك بها. لكن، في تلك الفترة، سيتوفّى والده، وسيطرد الشاب، وسيغرق في حزنٍ واكتئاب.
هذه تفاصيل من "ملح الدموع (Le Sel Des Larmes)"، المشارك في المسابقة الرسمية للدورة الـ70 (20 فبراير/ شباط ـ 1 مارس/ آذار 2020) لـ"مهرجان برلين السينمائي الدولي"، والذي يُفترض بعروضه التجارية الفرنسية أنْ تبدأ في 17 يونيو/ حزيران المقبل، علماً أن تحديد الموعد هذا حاصلٌ قبل البدء بتنفيذ قرار إغلاق الصالات السينمائية، وتأجيل إطلاق العروض كلّها إلى أوقاتٍ لاحقة. تفاصيل تصنع حبكة مكتوبة بشغف باحثٍ عن المخبّأ في الروح والجسد. السيناريو (فيليب غاريل وجان ـ كلود كارييار وآرليت لانغمان) يرتكز على مساراتٍ تتداخل وتتعقّد، لكنّها تبقى مرتبطة بلوك أساساً، الباحث عن منفذٍ يرى أن الجسد الأنثوي أداته، فيجهد في اقتنائه من دون حسابٍ أو تنبّه إلى مخاطر الانزلاق إلى غريزة الجسد فقط.
لحظات عدّة تخلو من كلّ كلام. كاميرا ريناتو بيرتا تتجوّل في أزقّة قليلة، وفي مساحات ضيّقة لشقّة أو مقهى أو مدرسة أو حانة، لكنّها تُخرج من هذا كلّه ما يتماهى بذات لوك ونظراته التي توحي انجذاباً وحباً، قبل اكتشاف قلقه الذي يدفعه إلى المغادرة، ثم العودة مجدّداً لكن بعد فوات الأوان (علاقته بدجميلة، التي يعود إليها بعد وقتٍ، فيكتشف أنّها متزوّجة وحامل).
فيلم شغفٍ وانفعالات، مصقولة بسلاسة قول وبوح وأداء.