"مقابر الصبية": عودة إلى عصور ما قبل التاريخ

21 ابريل 2019
(من الفحاريات المكتشفة في مدافن الصبية شمالي الكويت)
+ الخط -
ضمن الكشوفات الأركيولوجية في الكويت التي بدأت في نهاية خمسينيات القرن الماضي، توضّحت خارطة المواقع الأثرية التي تتنمي إلى عصور ما قبل التاريخ في العقدين الأخيرين، حيث تمّ العثور على أدوات حجرية اشتملت رؤوس سهام وسكاكين وقبوراً تمثذل العصرين الحجري الوسيط والحديث في مناطق القرين وتل الصليبيخات وغيرها.

"أسرار مدافن الصبية الركامية في شمال الكويت" عنوان المحاضرة التي يلقيها الآثاري والباحث سلطان الدويش عند السابعة من مساء غدٍ الإثنين في "مركز اليرموك الثقافي" التابع لـ"دار الآثار الإسلامية" في العاصمة الكويتية، ويستعرض خلالها الآثار التي تعود في المنطقة إلى أكثر من سبعة آلاف عام.

تتناول المحاضرة ما تمثّله المدافن من أماكن غنية بالمكتشفات الأثرية، خاصة تلك التي أقامتها المجتمعات القديمة، ما أدى إلى الاختلاف في طرق وعادات الدفن، لافتاً إلى الاكتشافات تواصلت وارتفعت أعداد المدافن إلى أكثر من ألف مدفن تقريباً.

يضيء أستاذ آثار الشرق الأدنى القديم على موقع الصبية الأثري (100 كلم شمالي مدينة الكويت) في أطروحة الماجستير التي قدّمها حوله ثم أصدرها في كتاب عام 2015، موضحاً أنه لم تبقَ من آثاره ورسومه إلا مقابر بعضها خال حتى من العظام.

من نقوش مدافن الصبيةفي كتابه "مقابر مدينة الصبية بدولة الكويت"، يوثّق الدويش المواقع المهمة التي ظهرت فيه بداية الاستيطان البشري، حيث كشف عن الأدوات التي كانت تستخدم في الحياة اليومية والزراعة مثل رؤوس السهام والرحى، الأداة الحجرية لجرش الحبوب، وعلى قطعة من الفخار عليها أثر بصمة إصبع والتي تضيف معلومات أشمل عن تاريخ المكان.

ويشير الباحث إلى أن ترتيب المقابر في الصبية جرى على أساس أشكالها أو هندستها أو على أساس التعاقب الزمني الحضاري مع اعتبار التفاعل بين الأقوام عرقاً وحضارة، ذلك أن الامتزاج والانصهار كانا على مختلف المستويات.

يوضّح الدويش في كتابه أن "من بين القبور نحو ثمانية لها أهمية، من بينها قبر ربما يكون مقابر أطفال تتشكّل من مجموعة من الأحجار المتفرقة، والمقبرة بيضاوية الشكل لها ارتفاع بسيط عن سطح الأرض، وتبلغ مقاساتها 160 سم طولاً و120 سم عرضاً بارتفاع 30 سم تقريباً، وتم رصد نحو ألف مدفن في منطقة الصبية منتشرة بين تلال جبل الزور وساحل جون الكويت، وقد جرى التنقيب في 87 مدفناً.

ويلاحظ أن هذه المقابر تقع على طرق التجارة القديمة بين بلاد الرافدين والجزيرة العربية، فهي تتحكّم في خطوط الملاحة البرية والبحرية وعلى هذه الطرق بنيت المستوطنات والمقابر، ويدعمها وجود آبار المياه التي تمتد بالقرب من سواحل خليج الكويت، وربما جزء من هذه المقابر يعود إلى التجار الذين كانوا ينقلون البضائع بين مدن بلاد الرافدين والمراكز الحضارية في شرق الجزيرة العربية.

لم تسلم قبور الصبية من السرقة والتلف، بحسب الكتاب، حيث أن جميع المقابر التي جرى بها التنقيب قد تعرضت للنهب والتخريب، حتى المقابر التي جرى مسحها وجدت بها فتحة في الوسط وهذا دليل على تعرضها للسرقة.

المساهمون