لم يكن إصدار كتاب "مفتاح نظرية السينما" لأندريه غاردي وجون بيساليل باللغة العربية خطوة سهلة، بالنسبة إلى المترجمين محمد عبدالفتاح حسان ونورالدين بوخصيبي وبوبكر الحيحي، فقد تحول الكتاب الى مشروع مستمر للبحث طيلة عشرين سنة متواصلة. المشروع تبنته "الجامعة الوطنية للأندية السينمائية" في المغرب. الكتاب صدر سنة 1992، ويضم 200 مصطلح أساسي من مصطلحات نظرية السينما، كما أنها مستمدة من حقول معرفية مجاورة للسينما كاللسانيات وتحليل الخطاب والسرديات والتحليل النفسي والسيميائيات على وجه الخصوص.
الكتاب موجه إلى الباحثين في الحقل السينمائي وللنقّاد، وقد تحكّم في وضع تعريفات المصطلحات وعي حاد بالصرامة المنهجية والوضوح المفاهيمي، فضلاً عن مراعاة البعد البيداغوجي والتواصلي. فريق العمل العربي يتكوّن من أستاذ اللغة العربية والتواصل والترجمة محمد عبد الفتاح حسان، منسق مختبر الترجمة، ونورالدين بوخصيبي الناقد السينمائي ومدرّس مادة الفلسفة، وبوبكر الحيحي أحد النشطاء في مجال حركة الأندية السينمائية في المغرب.
يُطرح سؤال المصطلح النظري السينمائي اليوم، باقتران مع ما تشهده الكتابة السينمائية السنوات الأخيرة. لكن المصطلح ظلّ مغيبّاً من بنية الخطاب الذي تشكل حول السينما، وكأن النقد السينمائي يمكنه أن يستغني عن قيمة المصطلح، وفي الكثير من الأحيان، تُطرح إشكاليات على المستوى النظري ترتبط بحقول معرفية (التوليد والتعريب..).
يستجيب هذا الإصدار إلى حاجة معرفية أساسية، تتعلق بخلو المكتبة السينمائية العربية من معجم حول نظرية السينما. رغم التراكم الذي تحقق على مستوى المنجز الفيلمي، وحتى على مستوى الكتابات النقدية ضمن الخطاب النقدي السينمائي العربي، إلا أن مجهوداً معرفياً يهتم بضبط المصطلحات السينمائية المرتبطة بنظرية السينما يظل مغيباً.
وضع المترجمون مفاتيح لولوج الخطاب السينمائي وتفكيك عناصره. والأكيد أن حقل السيميولوجيا قد أغنى تنوّع التفكير، في السينما، إن على مستوى المناهج والمقاربات أو على مستوى النماذج المفاهيمية. هذا المعطى، يؤشّر الباحثان كاردي وبيساليل، قد صاحبه تضخماً لافتاً على مستوى المصطلح، فأصبحنا نجد "تعويمات" لمفردات، ومفاهيم "معقدة" أضحت حاضرة بقوة في المشهد السينمائي.
لقد أضحى للدراسات السينمائية الحق في دخول الحرم الأكاديمي، وهو الفضاء الذي أسهم في سد فجوة في البحث. في هذا السياق يقدّم الكتاب يُقدّم مصحوباً بتعليق مسهب للمفاهيم والأفكار التي يتوسل بها ما اصطلح على تسميته بـ "نظرية السينما"، واستطاع المؤلفان أن يوفرا كل أسباب الولوج السريع إلى مداخل المصطلحات المعرفة تيسيراً للاستعمال الأمثل لهذا المعجم والإفادة من التعريفات الموضوعة لمصطلحاته.