"مغتربو" السعودية... ثلاثة آلاف أسرة تعاني خارج البلاد

15 مارس 2016
كثير من الأطفال لا يعرفون آباءهم (فرانس برس)
+ الخط -
لأسباب كثيرة وجد أكثر من ثمانية آلاف سعودي ينتمون إلى نحو 3 آلاف عائلة أنفسهم عالقين في بلدان لا ينتمون إليها. بعضهم ولد هناك لكنّ أوراقه الرسمية تقول إنّه ينتمي إلى بلد آخر قد يبعد أكثر من 19 كيلومتراً، وبعضهم لا يمتلك أيّ أوراق ثبوتية أساساً بعدما تخلى الوالد المبتعث عنه.

يؤكد رئيس مجلس إدارة الجمعية الخيرية لرعاية الأسر السعودية في الخارج (أواصر) توفيق السويلم أنّ الجمعية تسعى جاهدة إلى تصحيح وضع هذه الأسر التي انقطعت بها السبل في 31 دولة ومساعدة أفرادها في العودة إلى البلاد. كما يكشف عن جهود مع 96 سفارة من سفارات السعودية من أجل تحديد الأسر العالقة في الخارج. يتابع: "أثمرت هذه الجهود عن إنهاء إجراءات نحو 650 شخصاً تمكنوا أخيراً من العودة".

تسعى الجمعية إلى ضمان عودة الأسر إلى أرض الوطن. كما تؤمّن لها السكن والغذاء والإعانة النقدية الشهرية لمدة ثلاثة أشهر. يقول السويلم: "نتواصل مع الجهات الحكومية لإيضاح حقيقة معاناة هذه الأسر. فهناك الكثير منها تعيش ظروفاً صعبة خارج وطنها، ولا يجوز ترك الأبناء عرضة للضياع".

مع ذلك، فإنّ جهود الجمعية لم تكن كافية لإغلاق هذا الملف بشكل نهائي. فهناك الكثير من الأسر التي انقطعت بها السبل في الخارج، ولا يحمل أبناؤها الجنسية السعودية، ما يجعل دخولهم إلى البلاد أمراً صعباً. يكشف السويلم أنهم يتابعون مع وزارة الداخلية حصول أبناء وبنات المواطنين المغتربين على الجنسية السعودية، مع السعي لمساعدة الفتيات السعوديات في الخارج على الزواج من المواطنين كخدمة اجتماعية، وكذلك من أجل الحدّ من الزواج من الخارج.

لكن، لماذا انقطعت السبل بهذه الأسر بعيداً عن وطنها؟ السبب الأول بحسب أستاذ علم الاجتماع محمد العتيق هو الزواج المؤقت، والذي قد يخلّف أبناء لا يعرف الأب عنهم شيئاً لاحقاً. فبحسب القانون يحصل الأبناء على جنسية أبيهم، لكنهم قد لا يكونون قد التقوا به على الإطلاق. يقول لـ"العربي الجديد": "يقع كثير من الشباب ضحية سماسرة الزواج المؤقت، خصوصاً في رحلات إجازة الصيف. يتمركز هؤلاء السماسرة في المطارات لاصطياد الشباب. هذا الزواج العشوائي هو ما يغذي هذه المشكلة". يتابع :"زيادة أعداد المبتعثين ستزيد أعداد الأطفال السعوديين المنقطعين في الخارج. لا بدّ من مبادرة وزارة التعليم إلى إدخال برامج توعية في هذا الشأن يخضع لها جميع المبتعثين. فمع وجود أكثر من 130 ألف مبتعث سعودي يتوزعون حول العالم، قد نجد أنفسنا أمام أكثر من 100 ألف طفل سعودي لا يعلم أحد شيئاً عنهم".

يتضاعف العدد بشكل كبير، فقبل ثلاثة أعوام لم يكن عدد الأسر السعودية في الخارج أكثر من 1894 أسرة. اليوم، يتجاوز 3 آلاف. يأتي ذلك بالرغم من أنّ جمعية "أواصر" نجحت في منح الجنسية لأكثر من 5 آلاف امرأة تزوجن من سعوديين، وأعادت نحو 180 أسرة.
في حال وجود أطفال، تتفاقم المشاكل فهؤلاء لا يتمتعون بميزة الانتساب إلى المدارس الحكومية كالمواطنين في تلك البلدان أو التمتع بالتأمين الصحي. يؤكد السويلم أنّ الكثير من هذه الأسر ترفض العودة إلى السعودية، لعدم قدرتها على التأقلم مع طبيعة المجتمع الغريبة عليهم. فكلّ ما يرغبون فيه هو أوراق ثبوتية تمكّن الأطفال من العيش في بلادهم التي ولدوا فيها.

بعض السعوديين الذين تزوجوا في الخارج لا يعرفون أنّ لديهم أطفالاً يعانون. والبعض الآخر
يرفض الاعتراف بهم، خوفاً من تبعات ذلك. ينتظر أكثر من 853 طفلاً من أجنبيات موافقة هيئة كبار العلماء على اعتماد تحليل الحمض النووي قضائياً لإثبات نسبهم إلى آبائهم السعوديين، خصوصاً أنّ القضاء السعودي يعتبر الحمض النووي مجرد قرينة لا تبلغ درجة الدليل القطعي.

قبل نحو أربعة أعوام أطلقت نساء أميركيات كن قد تزوجن من سعوديين موقع "Saudi children left behind" ليشكل وسيلة لمناداة أزواجهن الذين هجروهن وأبناءهن بعد انقضاء مدة ابتعاثهم للدراسة في الولايات المتحدة. حمل الموقع أسماء ومعلومات هؤلاء السعوديين وبياناتهم، بالإضافة إلى صورهم الشخصية والعائلية مع زوجاتهم وأبنائهم، وقصصاً مؤثرة عنهم.

تقول المشرفات على الموقع إنّهن لجأن إلى ذلك بعدما تعذرت كلّ وسائل الاتصال مع من يدعين أنهم أزواجهن وأنجبن منهم أبناء تخلوا عن مسؤولياتهم تجاههم بعد عودتهم إلى السعودية. يضم الموقع رسائل مناشدة من الأميركيات للسعوديين وعائلاتهم باللغتين العربية والإنجليزية.
مع ذلك، فإنّ الكثير من الأطفال السعوديين وأمهاتهم لا يملكون هذه القدرة على المناشدة، خصوصاً في دول شرق آسيا أو بعض الدول العربية.

اقرأ أيضاً: السعودية تطبق شروطا جديدة لابتعاث الطلاب
دلالات