تصف ناشطة على مواقع التواصل الاجتماعي المسلسل اللبناني بـ "الرصين". بمعزل عن اسمه "الحرام" (لم نعرف بعد 25 حلقة عن أي حرام يتكلّم القائمون عليه)، فمن شاهد أو يشاهد حلقات من هذا المسلسل اللبناني، سيلاحظ "الستيريوتايب" (القوالب النمطية) ومدى التكلّف والسطحية في التمثيل عموماً، وكيفية تسليط الضوء على تفاصيل العلاقات بشكل خاص. في هذا المقال، سنتوقف عند مشهد "السكرتيرة" الشقراء.
تدخل السكرتيرة/الممثّلة إلى مكتب رب العمل/الممثل أيضاً. لم يشغّل الكومبيوتر. مع ذلك، بدا غارقاً في العمل. باستحياء، تتكلم معه من دون أن تفكر حتى في النظر إلى وجهه. أما هو، فيصرخ في وجهها بسبب مقاطعته، فتعتذر وتخرج وتغلق الباب خلفها بهدوء. هذا المشهد لا يحتاج إلى مخرج أو كاتب حتى. يكفي البحث في منظومتنا الثقافية عن الصورة النمطية للسكرتيرة، ليظهر المشهد نفسه كما في المسلسل من دون زيادة أو نقصان.
تحمل هذه الصورة النمطية بعدين جندريين. في التقاطع بين الشكل والمضمون، نجد أن الوظيفة في الدراما اللبنانيّة بشكل عام تتطلب وجود امرأة (وهذا بالمناسبة أمر سائد في العقلية والممارسة في سوق العمل، وخصوصاً في القطاع الخاص). لا يتوقف الأمر هنا، بل يجب أن تتمتع المرأة بمقاييس جمالية "نمطية" (غالباً ما تكون شقراء وطويلة ومثيرة). نجد هذه الصورة في الدراما اللبنانية ودراما سوق العمل الفعلي.
تخفي هذه الصورة تفاصيل أعمق في منظومة العمل، بين من يشغل المناصب العليا وبين من يملك موازين القوى. لماذا الإصرار الثقافي على أن تكون "وظيفة السكرتير" دائماً من نصيب امرأة؟ تشير العديد من الدراسات إلى أن الصفقات بين رجال الأعمال توقع بشكل أسرع إذا كانت امرأة جميلة قد استقبلت وودعت الوفد الزائر. هكذا، تختزل النساء اللواتي يشغرن هذه الوظائف، بحسب العقلية اللبنانية الذكورية السائدة، إلى مجرد شكل، ويصبح العمل بمثابة "وظيفة جنسية"، ما يعني "تشييء النساء".
البعد الثاني ليس بعيداً عن الأول، ويتضمن تكريس دينامية القوى غير المتكافئة والقائمة بين النساء والرجال في سوق العمل. فالوظائف والمناصب التي تشغلها النساء في سوق العمل، لا يمكن أن تحدد مكانتهن بنظر المجتمع.
ليس بعيداً عن هذا المشهد، كان وزير الخارجية، جبران باسيل، خلال لقائه مع نظيره الإماراتي عبدالله بن زايد آل نهيان، قد أشار بيده إلى القائمة بأعمال البعثة اللبنانية الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك، كارولين زيادة، بحركة غير لائقة، في إشارة إلى شكلها و"قوامها".