"مصر جميلة".. رغم أنف الغرافيتي

08 يوليو 2016
(غرافيتي في القاهرة خلال ثورة 25 يناير)
+ الخط -
يرتبط فن الغرافيتي في مصر بالحراك الاجتماعي والسياسي الذي عاشته البلاد في السنوات الأخيرة؛ فإضافةً إلى كونه شكلاً من أشكال فن الشارع التي انتشرت مؤخّراً، ظلّ يشكّل صوتاً للاحتجاج على الوضع العام.

يُؤرَّخ للغرافيتي كحالة فنية واجتماعية في مصر، بما بعد 2005، مع انتشار فرق الهيب هوب وروابط مشجّعي كرة القدم (الألتراس)، اللذين التقيا في اعتبار هذا النمط التعبيري جزءاً من ثقافتهما، وأسلوباً في معارضة النظام الذي لم يُخف مشاعر العداء إزاء فنّاني الغرافيتي؛ فكان يعمد، باستمرار، إلى إزالة الأعمال الفنية واعتقال أصحابها بتهمة تخريب الفضاءات العامّة وتشويهها.

مع ثورة 25 يناير التي رفعت شعار "الحرية" جنباً إلى جنب مع "العيش" و"العدالة" الاجتماعية"، كان طبيعياً أن يزدهر الغرافيتي، ليشكّل وعاءً فنّياً وثّق على جدران المدن المصرية لأحداث الثورة وشعاراتها وأحلامها.

لكن مشاعر العداء القديمة لم تلبث أن عادت بأشكال مختلفة في بيئة باتت تتّسم بالقمع والتضييق على الحرّيات، فضاقت جدران مصر بالأصوات والرسومات التي تحمل أيّ حس نقدي أو نبرة احتجاجية، بل إن السلطات لم تتوان، عام 2015، عن مصادرة كتاب يوثّق أعمال الغرافيتي التي أُنجزت خلال الثورة، بعنوان "جدران الحرية"، بتهمة "معاداة الجيش والشرطة".

موازاةً مع القبضة الأمنية التي ووُجه بها هذا الفن، يبدو أن مصر الرسمية لم تعدم الوسيلة في محاولة تدجينه وإدخاله إلى "بيت الطاعة". لعلّ من أمثلة ذلك الملتقى والمسابقةً اللذين أُعلن عن إقامتهما قريباً.

مؤخّراً، أعلن "بيت السنّاري" في القاهرة، وهو أحد المؤسّسات الثقافية التابعة لـ "مكتبة الإسكندرية"، عن إطلاق مسابقة خاصّة بفنّاني الغرافيتي، على أن تُعلَن نتائجها في الواحد والعشرين من تمّوز/ يوليو الجاري.

وأوضحت المؤسّسة أن الأعمال الفائزة ستشارك في معرض يحمل عنوان "مصر جميلة بعيون الغرافيتي"، يُنتظر أن يُقام في "بيت السنّاري" في وقت لاحق من هذا العام، لم يُحدّد بعد، مضيفةً أن الهدف من المسابقة يتمثّل في "الاعتراف برسالة الغرافيتي وفنّانيه، وإقامة معرض وملتقىً سنوي تحت ثيمة مختلفة كل عام، وتوضيح أن الغرافيتي فنّ يحارب القبح والكتل الخرسانية الصماء".

حدّدت المسابقة جملةً من الشروط التقنية؛ كأن تتراوح أعمار الفنّانين بين 18 و45 عاماً، إضافةً إلى مقاسات العمل الفنّي، تاركةً للمترشّح "حرّية استخدام أيّ من الألوان أو التقنيات التي يفضّلها". لكن الحرية تنتهي هنا، إذ تُتبَع تلك الشروط بشرط يبدو أنه يمثّل بيت القصيدة في الحكاية كلّها؛ وهو "أن يعبّر محتوى العمل المتقدَّم به عن موضوعات تتعلّق بجمال مصر، وألا يحمل أي محتوىً غير أخلاقي، أو أي مضمون سياسي، أو ديني".

هكذا، تبدو المسابقة، والملتقى أيضاً، مجرّد محاولة لتدجين فن وُجد أساساً ليكون صوتاً للرفض والاحتجاج.

المساهمون