"مجزرة البيبسي" العراقية... ملابس الضحايا لا تزال في المكان

12 فبراير 2019
حائط يوثق أسماء ضحايا "مجزرة البيبسي" في العراق (فيسبوك)
+ الخط -
"لا تزال أصوات الأطفال الممتزجة بتوسلات النساء والرجال لا تفارق ذهني، ولا أدري متى أتخلص من هذا الصوت الذي ارتفع على أصوات القنابل حينها قائلا: (ما أريد أموت)، غير أنه مات"، هكذا عبّر أحد العراقيين الناجين من مجزرة الزنجيلي التي باتت تعرف باسم "مجزرة البيبسي" التي وقعت في يونيو/حزيران 2016.
دشنت مدينة الموصل أخيرا جدارا يضم أسماء جميع ضحايا المجزرة، وأغلبهم عائلات كاملة خرجت من منازلها للنجاة من الموت قصفا بطائرات التحالف الدولي وصواريخ الجيش العراقي ومليشيات الحشد والبشمركة خلال معركة تحرير الموصل من تنظيم "داعش" الإرهابي.

ورغم سقوط أكثر من 40 ألفا بين قتيل وجريح في الموصل خلال المعارك، أغلبهم بفعل القصف الجوي، إلا أن "مجزرة البيبسي" التي نفذها مسلحو التنظيم الإرهابي بحق الفارين من المدينة، وراح ضحيتها أكثر من مائتي شخص، ظلت إحدى أبرز المجازر الوحشية التي وقعت بالمدينة المنكوبة.

وقال علاء بشار، وهو أحد الناجين من المجزرة، إن "المجزرة تمت حين حاول عدد كبير من الأسر المحاصرة في حي الزنجيلي بالموصل القديمة، والذي كان تحت سيطرة داعش، الهرب باتجاه مناطق سيطرة القوات العراقية التي كانت تسيطر على حي النجار المجاور".
وأضاف أن "الأسر استخدمت شارع البيبسي، والذي يحمل هذا الاسم لاحتوائه على معمل لشركة المشروبات الغازية. عند وصول العوائل التي كانت تضم عددا كبيرا من النساء والأطفال قرب معمل البيبسي، قام عناصر تنظيم داعش الذين كانوا يسيطرون على البنايات العالية في الجانب الآخر من الشارع من جهة حي النجار، بفتح نيران أسلحتهم بشكل عشوائي تجاه الأسر الفارة".

وقالت الحاجة خديجة أحمد، التي كانت تسكن حي الزنجيلي، إنها تمكنت من التسلل والهرب قبل يومين من مجزرة معمل البيبسي، وأضافت: "بقيت في أحد المنازل الفارغة في حي النجار بانتظار أختي وأطفالها الثلاثة، إلا أنني فُجعت بسماع خبر مقتل شقيقتي واثنين من أطفالها، ونجاة أحد الأطفال الذي تمكن من الاختباء في أحد المباني".
وأوضحت لـ"العربي الجديد"، أن "الجريمة لا تزال شاخصة في ذاكرتها، وكأنها حدثت قبل يوم، وليس قبل أكثر من عامين ونصف العام".

وخلال الأيام الماضية، قام ناشطون بكتابة أسماء قسم من ضحايا المجزرة على جدار معمل البيبسي، على أمل استكمال كتابة باقي أسماء الضحايا بعد موافقة ذويهم أو أقربائهم، إذ إن بعضهم عائلات كاملة، وبات الجدار يُعرف اليوم باسم "جدار الموت"، ووضعت قربه بعض ملابسهم وحاجياتهم التي حملوها معهم خلال الهرب من المدينة.



وفي السياق، أكد عماد الحيالي، وهو مسؤول محلي سابق في الموصل، لـ"العربي الجديد"، أن "تنظيم داعش كان يسعى إلى تحويل المدنيين إلى دروع بشرية، ولذلك اعتبر الخروج من المدينة ممنوعا، وهدد بقتل الناس. وبالفعل، بسبب هذه المجزرة لزم كثيرون منازلهم خوفا، وبعضهم ماتوا جوعا أو حرقا"، مضيفا أن المجزرة لم تحظ بالاهتمام الكافي من قبل السلطات العراقية.
وتابع: "لم يتم تعويض ضحايا مجزرة البيبسي إلى الآن، على الرغم من مرارة تجربتهم، ولا نعرف مصير العشرات ممن اختفوا يوم المجزرة، والذين يرجح اعتقالهم من قبل التنظيم".

وسيطر تنظيم "داعش" على الموصل ومدن عراقية أخرى منتصف 2014، قبل أن تعلن القوات العراقية استعادة جميع المدن والمناطق من سيطرة التنظيم نهاية عام 2017.

دلالات