لم تكتف سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحملة التحريض والحراك الدبلوماسي، لمنع "أسطول الحرية" الثالث من الانطلاق نحو غزة. وبعد فشل خياري التحريض والعمل الدبلوماسي، هاجمت بحرية الاحتلال سفينة "ماريان" على بعد مائة ميل بحري (185.2 كيلومتراً) من ساحل غزة المحاصرة، في عملية قرصنة جديدة تشبه ما جرى مع "أسطول الحرية" الأول (2009)، لكن هذه المرة من دون دماء.
وأدركت سلطات الاحتلال مسبقاً أنّ أي دماء جديدة، كانت ستؤدي إلى إشكاليات دبلوماسية أكبر هذه المرة، لأن المتضامنين ينتمون لأكثر من 20 جنسية، لا إلى جنسية واحدة، كما جرى مع سفينة مافي مرمرة التركية، التي أحدث الاعتداء عليها قطيعة دبلوماسية وخلافا سياسيا، لا يزال مستمراً حتى اليوم بين أنقرة وتل أبيب.
واقتادت البحرية الإسرائيلية السفينة "ماريان"، بعد انسحاب السفن الثلاث المرافقة لها إلى الموانئ اليونانية وفق خطة أُعدّت مسبقاً، وكان يُفترض أنّ تتوجه "ماريان" وحيدة إلى ساحل غزة، على أن تعود السفن الباقية إلى اليونان، والتي منها سينطلق التحضير لـ "أسطول الحرية" الرابع.
وقال نتنياهو إنه "يثني على حزم البحرية الإسرائيلية في قطعها لطريق السفن التي حاولت الدخول لسواحل قطاع غزة بخلاف القانون"، على حد زعمه، مشيراً إلى أنّ "هذه السفن مثال حي للنفاق والكذب الذي يساعد حركة حماس".
وقبل أنّ تطلق البحرية الإسرائيلية العنان لجر السفينة إلى الكيان، ألقى جنودها منشورات على السفينة تطالبهم بتحويل وجهتهم إلى سورية، في محاولة "بائسة" من الاحتلال لخلط الأوراق، وفق ما أفاد به مسؤولون عن "أسطول الحرية".
وذكر "المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان" أنّ "إجراءات السلطات الإسرائيلية المحتلة ضد سفن أسطول الحرية، تهدف إلى فرض مؤامرة الصمت الدولي على الجرائم التي تُمارس بحق سكان قطاع غزة، ومن ضمنها جريمة الحصار الإسرائيلي غير القانوني، المستمر للعام التاسع على التوالي".
اقرأ أيضاً: المرزوقي من رئيس دولة إلى أسير لدى الإسرائيليين
من جهته، رأى عضو "أسطول الحرية"، وممثل "قوافل أميال من الابتسامات" بغزة، علي النزلي، في حديثٍ لـ "العربي الجديد"، أنّ "قرصنة الاحتلال للسفينة في المياه الدولية مخالفة قانونية كبيرة". وأشار إلى أنهم "عازمون على ملاحقة الاحتلال على هذه القرصنة، وسيأخذ هذا الملف أبعاداً أوضح في القريب".
ولفت النزلي إلى أنّ "المنع الإسرائيلي للأسطول يعني تدشين سفن أخرى وأسطول آخر، ومدعاة لمزيد من الفعاليات التي ستُحرج الاحتلال، ولن تتوقف حتى ينتهي الحصار بشكل كامل". وأكد أنّ "الأجواء محلياً ودولياً مواتية لتصعيد الحراك من أجل كسر الحصار".
ودعا إلى "توحد كل مكونات شعبنا الفلسطيني في غزة، وهتافها للمتضامنين والأسطول ورفضاً للقرصنة الإسرائيلية، وهذا مؤشر مهم يتطلب مزيداً من التفاعل والتوحد على الأرض وتصعيد هذه الفعاليات لكسر الحصار وتقوية الجبهة الداخلية الفلسطينية".
من جهته، شدد منسق "هيئة الحراك الوطني لكسر الحصار وإعادة الاعمار"، علاء البطة، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، أنّ "ما فعلته إسرائيل من إرهاب دولة، وقرصنة في مياه دولية، هو تحدٍ واضح للمجتمع الدولي، لمهاجمتها مواطنين ومتضامنين عزّل، يحملون مساعدات لغزة ويحملون رسائل إنسانية للقطاع".
وكشف البطة عن "خطوات جادة وقوية من غزة، سيُعلن عنها قريباً سيكون لها تأثير كبير في مسيرة التخلص من الحصار"، وربما يشير إلى تخطيط منظمات أهلية في غزة لإطلاق سفينة كبيرة تحمل مرضى من القطاع ومصابين إلى أحد الموانئ الدولية في رسالة تحدٍ مختلف للحصار.
ودعا المسؤول الغزّي جامعة الدول العربية إلى التحرّك، لأن "السفينة جاءت لكسر حصار غزة الذي وصفته هي والأمم المتحدة بأنه غير قانوني". وذكر أن "من واجب الأمم المتحدة أن تتحرك اليوم بشكل أكثر للعمل على رفع الحصار نهائياً، وأنّ تُنهي الحصار المفروض على مليوني إنسان منذ تسع سنوات".
ودعا أبو زهري الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والمجتمع الدولي "للخروج عن صمتهم وتحمل مسؤولياتهم تجاه هذه الجريمة". كما أدان عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"، نبيل شعث، ما وصفه "اختطاف قوات الاحتلال الإسرائيلي سفينة ماريان". وذكر شعث في بيان أن "الاعتراض الإسرائيلي للأسطول أوصل رسالة مفادها، أن هناك مليونا ونصف مليون مواطن ما زالوا يعانون من الحصار الجائر منذ سنوات".
وفي السياق، أعلنت "الحملة الأوروبية لكسر الحصار عن قطاع غزة"، أن سفينة تابعة لـ "أسطول الحرية" الثالث، ستبحر من اليونان باتجاه شواطئ غزة خلال اليومين المقبلين. وقال رامي عبده عضو الحملة، خلال مؤتمر صحافي عقده في غزة، أمس، أن "سفينة من سفن الأسطول ستبحر خلال 48 ساعة من اليونان، في حال سمحت لها أثينا بالإبحار". وأضاف عبده أن "السفينة ستبحر بعد تخطي بعض العقبات الإجرائية والإدارية، لكن الحكومة اليونانية تتعرض لضغوط من الاحتلال الإسرائيلي وأنصاره لمنعها من التوجه للقطاع".
اقرأ أيضاً: الاحتلال الإسرائيلي يسيطر على سفينة أسطول الحرية