"أعزائي القراء. مثل سائر قطاع الصحافة، تعيش مجلة "ماجيك" لموسيقى البوب العصري صعوبات مالية، وذلك منذ فترة. بحثنا عن حلول، عن شركاء وداعمين لكن كل السبل لم تفض إلى حلّ ملموس". كان ذلك ما كتبه فريق تحرير المجلة الموسيقية "ماجيك" في التاسع من أيار/مايو الماضي، في إعلان عن توقف مسيرة بدأت في آذار/مارس 1995.
في ذلك الوقت، منتصف التسعينيات، كانت مجلة موسيقية أخرى "ليزانروكوبتيبل" قد عرفت انقطاعات في إصداراتها، ثم قرّر المشرفون عليها التوقف قبل العودة باسم "ماجيك" التي صدر منها 201 عدداً منذ ذلك الوقت إلى حين إعلان خبر توقفها.
حسب رئيس تحريرها منذ عام 2000، فرانك فرغاد، فإن "موت" مجلة ماجيك هو أحد أعراض تأثيرات الإنترنت. يضيف فرغاد "كنا ضحية تقاطعت فيها أزمة مبيعات الأسطوانات وتراجع مداخيل الإعلان المتأتية من الموسيقى".
المؤلم في قصة "ماجيك" هو أنها تأقلمت مع الأوضاع التكنولوجية الجديدة، إذ اعتمدت على "الملتيميديا" في تعاملها مع القارئ، وهذا منذ 1997، وحاولت تأثيث حضور مزدوج ورقي/ افتراضي من خلال إشراك القرّاء في الكتابة النقدية وفي اختيارات أغاني الشهر أو تقديم هدايا من خلال الألعاب.
كل هذه المحاولات الاستباقية تبرز مدى تجاوب المجلة مع عصرها، ورغم أن إحصائيات الدخول للموقع كانت إيجابية منذ 2001 فإن المنعرج الرقمي كان قاطعاً، خصوصاً مع صعود ظواهر "الويب راديو" و"البودكاست" وشبكات التواصل الاجتماعي.
تعود الصحافة الموسيقية في فرنسا إلى ستينيات القرن الماضي. تنامت مع ظهور أنماط موسيقية جديدة وشعبيتها، فصار للروك صحافته، وكذلك الريغي والتكنو والراب. في سنوات الألفية الجديدة، تلاحق اندثار المجلات الموسيقية، ففي سنة 2000 اختفت "باست" وهي أوّل تجربة صحافية متخصّصة في الموسيقى (تأسست في 1960)، ثم أُغلقت مجلة "فوكس بوب" في 2005 ثم "راديكال" في 2009 وبعدها جاء الدور على "فولوم" في 2012.
يبدو الأمر محزناً ومخيفاً، غير أن الباحث الاجتماعي جيروم غويبار يقول "الصحافة الموسيقية مسألة أجيال"، إذ يرى بأن "جيلاً معيناً يتعلق ببعض العناوين، ومن الصعب أن نتخيّل بأن هذا الجيل يقدر أن يجدّد ميولاته، ففي آخر دراسة تقييمية (2005) نجد أن معدل أعمار قراء "ماجيك" يبلغ 32 سنة".
يتابع غويبار قائلاً "هؤلاء صارت أعمارهم اليوم 43 سنة، وكما نعرف فإن التعلّق بالموسيقى يبلغ مداه في فترة الشباب ثم يدخل الجيل الحياة العملية والمهنية فيتأخر الاهتمام بالموسيقى إلى مستوى ثان".
"كيف يمكن أن تتعايش الكتابة مع زمن الإنترنت؟"؛ إنه السؤال الذي يطرحه كثيرون، منهم كريستوف باستيرا، أحد مؤسسي "ماجيك"، والذي يضيف "أفكّر في ذلك منذ عشر سنوات".
في ذلك الوقت، ظنّ بعضهم أنه يكفي الحفاظ على مستوى معرفي عالٍ في تناول الموسيقى لضمان بقاء الورقي ضرورياً، غير أن هذه الوصفة تبيّن أيضاً بأنها لم تعد تجدي نفعاً.
* Benjamin Pietrapiana في مقال نشر في جريدة "لوموند" الفرنسية
** الصورة الداخلية: غلاف العدد الأخير من مجلة "ماجيك"
*** ترجمة: شوقي بن حسن