يتواصل معرض "مئة صورة لـ الأوراس" الذي، انطلق أمس الأول، وينظمه "الجناح الشعبي" في مونبيليه الفرنسية حتى 23 نيسان/ أبريل المقبل، حيث يتضمن صوراً فوتوغرافية التقطتها المصورتان الفرنسيتان تيريز ريفيير (1901-1970) وجيرمين تيون (1907-2008) للمنطقة في النصف الأول من القرن العشرين.
المصورتان سافرتا إلى الجزائر عام 1934 مبتعثتين من "المتحف الإثنوغرافي للتروكاديرو"، (متحف الإنسان اليوم)، في باريس، ضمن "بعثة دراسية" تستكشف علاقات البطريركية الاجتماعية والسلطة من جهة وهذا الجزء الذي تخصّصت فيه الأنثروبولوجية ريفيير، أما دراسة النظام الاقتصادي الزراعي الرعوي في قبائل الشاوية الأمازيغية فهو الذي بحثت فيه الإثنولوجية تيون، حيث استمرت البعثة عدة سنوات في منطقة الأوراس التي تقع شرق الجزائر على حدود الصحارى.
التقطت ريفيير وتيون الصور بكاميراتي لايكا وروليفلكس اللتين كانتا تلتقطان أجود الصور في ذلك الوقت، حتى أن ريفيير صنعت فيلماً وثائقياً عام 1936.
الصور التي كانت تسعى إلى تمثيل الحياة اليومية في الأوراس، هي اليوم وثيقة للكيفية التي أجحف بها الاستعمار الذي استمر عقوداً طويلة، في حق هذه المناطق وكرس حالة الفقر والأمية فيها ولم يسع بأي شكل إلى تحسينها، بل إن كل ما فعله هو تحويلها إلى حقول دراسة وبحث تكرس نظرة الباحث الأبيض الوحيدة والقاصرة حول أفريقيا وشعوبها المتعددة، فنجد الاهتمام بتصوير حفلات الختان والتقاليد الغنائية والرقص بوصفها عادات "إكزوتيك" غرائبية مثيرة.
رغم ذلك، فقد لقيت صور ووثائق المصورتين مصيراً غريباً، فعندما بدأت الثورة الجزائرية كانت تيون قد عادت إلى فرنسا، لكنها فضّلت الرجوع إلى الجزائر والتقت سراً بقيادة الجبهة الوطنية للتحرير، وكانت من أوائل من أعلنوا ممارسة الجيش الفرنسي للتعذيب وطالبوا بوقفها، مما دفع سلطات الاستعمار إلى ترحيلها إلى فرنسا؛ وهناك اختفت صورها وأوراقها.
أما ريفيير فقد عادت إلى فرنسا واشتد عليها المرض فقضت آخر عقدين من حياتها تتنقل بين المستشفيات، إلى أن توفيت أخيراً في مصح للأمراض النفسية، وظلت أوراقها وصورها وفيلمها الذي عرض مرة واحدة عند عودتها طي النسيان.
لم تظهر صور ووثائق المصورتين إلا في عام 2000، وقد اختار هذا المعرض 120 صورة لعرضها للجمهور.