"كذبة" تحرم 630 طالب لجوء من الإقامة في الدنمارك

11 أكتوبر 2017
لن تتهاون الدنمارك مع الكذب حول الهوية (العربي الجديد)
+ الخط -
أعلنت دائرة الهجرة في كوبنهاغن، التابعة لوزارة الهجرة الدنماركية، أنّه وبعد أشهر من البحث والتدقيق، جرى رفض طلبات لجوء تعود إلى 634 مهاجراً، بعضهم من جنسيات عربية. ويُعَدّ رفض أكثر من 600 طالب لجوء أمراً غير عاديّ بحسب مقاييس عدد الوافدين إلى البلاد منذ تشديد قوانين اللجوء بدءاً من عام 2015.

في البحث عن الأسباب التي دفعت السلطات الدنماركية إلى رفض هذا العدد الكبير، يتبيّن أنّ "634 طالب لجوء عمدوا إلى الكذب وتزوير هوياتهم الوطنية الحقيقية"، بحسب ما يقول نائب مدير دائرة الهجرة أندرس دروف. يضيف أنّه "من خلال أكبر عملية تدقيق شامل بهويات هؤلاء، من خلال وسائل عدّة بما فيها فحص الأوراق والهواتف، تبيّن لنا أنّهم مزوّدون بإرشادات حول ما يجب قوله للمحقّقين في قضايا اللجوء، لا سيّما الادعاء بأنّهم من الكويت".

والمفاجئ بالنسبة إلى دائرة الهجرة الدنماركية هو أنّ بعض طالبي اللجوء "أميّون لا يعرفون القراءة. وقد وجدنا على هواتفهم رسوماً واضحة للإجابة عن أسئلة المحققين حتى تأتي تلك الإجابات ذات مصداقية. وعلى سبيل المثال: من الحاكم في بلدك؟ ومن يلعب في فريقك الوطني لكرة القدم؟ وما هو شكل العملة الوطنية؟". إلى ذلك، تُضاف أسئلة أخرى باتت السلطات تطرحها منذ عامَين على طالبي اللجوء بعدما ادّعى المئات بأنّهم من سورية، بمن فيهم أشخاص ليسوا عرباً، من أفغانستان وغيرها.

في الفترة الأخيرة، عندما عمد المعنيون إلى التدقيق في هويات طالبي اللجوء، تبيّن لوزارة الهجرة أنّ بعض الذين وصلوا كلاجئين مدّعين أنّهم "من الكويت ومن فئة البدون"، ليسوا كذلك، بعد الفحص والتدقيق. والسلطات لا تتهاون في موضوع الكذب حول الهوية على الإطلاق، لا سيّما وأنّ عدد طالبي اللجوء المدّعين بأنّهم من جنسية غير جنسيتهم بين عام 2015 وعام 2016 تخطّى 1200 طالب لجوء.

ويبدو أنّ عملية التحقق من هويات طالبي اللجوء كانت تجري خلال الأشهر الماضية، إذ ربط متابعو شأن اللجوء في الدنمارك بين تصريحات وزيرة الهجرة والدمج، إنغا ستويبرغ، في أغسطس/ آب الماضي، ونتائج الكشف عن مصير المئات في مخيمات اللجوء. وكانت ستويبرغ قد صرّحت حينها بأنّه "سوف يجري إدخال تعديلات قانونية تتيح سحب إقامة كلّ من يقيم بصفة دائمة في البلاد، إذا تبيّن بعد فحص أوراقه مجدداً أنّه كذب بشأن هويّته". وفي السياق نفسه، يذهب مشرّعون إلى طرح "منع مطلق لكلّ شخص مضت على إقامته سنوات طويلة وكذب بشأن أسس إقامته، من الحصول على الجنسية الدنماركية".



بالنسبة إلى الحالات التي جرى الكشف عن رفض طلبات لجوئها، توضح دائرة الهجرة المسؤولة عن دراسة طلبات اللجوء أنّ "ثمّة من ادّعى أنّه من فئة البدون في الكويت، وبعد التدقيق والفحص تبيّن أنّ بعضهم من العراق". ويقوم في هذه الأيام جدال كبير حول طريقة التعاطي مع طالبي اللجوء المرفوضة إقاماتهم. ففي حين تتّجه السلطات إلى ترحيل "مدّعي الهوية الكويتية إلى العراق"، يرى بعض طالبي اللجوء أنّ "ثمّة خطأً يُرتكب بحقّنا إذ إنّ إبعادنا إلى العراق غير ممكن لأنّنا لسنا من هناك".

والقضيّة المثارة أخيراً، هي بحسب السلطات والصحافة المحلية، بعد الكشف عن عدد الأشخاص المرفوضة طلباتهم، القضية الأكبر في الدنمارك في ما يتعلّق بعمليات "الاحتيال للحصول على لجوء". وكانت فترة موسم ربيع العام الجاري قد بيّنت من خلال تحقيق للقناة الثانية الدنماركية، أنّ "دائرة الهجرة في عام 2016 كشفت عن 284 حالة من حالات الاحتيال حول الهوية بعد دراسة 500 قضية لجوء. ووصل العدد الكلي للطلبات التي رُفضت مع نهاية عام 2016 إلى 1200 طلب لجوء لأسباب مختلفة".

وبناء على الإفادات التي جرى فحصها والتدقيق فيها، تبيّن لدائرة الهجرة أنّ بعض هؤلاء "ادّعى تعرّض حياته لخطر في البلد الذي جاء منه، بيد أنّ الحقيقة غير ذلك تماماً. ويعجز هؤلاء عن تقديم أدلة وإيضاحات حول أسباب الخطر على الحياة أو من الذي يهددها"، وفقاً لما يقدّمه نائب مدير دائرة الهجرة أندرس دروف في التحقيق المشار إليه. تجدر الإشارة إلى أنّ السلطات الدنماركية كانت قد أدخلت تعديلات مشدّدة على طلبات اللجوء منذ عام 2015، تحديداً في مسألة "أرضيّة اللجوء الشخصية". بالتالي، لم يعد ممكناً، كما كان في سنوات سابقة، منح الإقامة لمجموعة من الناس على أساس ما يتعرّض له بلدها أو مجموعتها العرقية أو الدينية، بل صار المطلوب تقديم أدلّة تثبت أنّ الشخص بنفسه لديه ما يستدعي حصوله على الحماية.

وعمدت كوبنهاغن إلى سياسة منح الإقامة المؤقتة لسنة واحدة قابلة للتجديد أو المراجعة، حتى للاجئين السوريين، وهو الأمر الذي حرم كثيرين من إمكانية لمّ شمل سريع لأسرهم التي تنتظر الانتقال إلى الدنمارك. وفي الفترة الأخيرة، بدأت السلطات الدنماركية تراجع "السفر إلى خارج الدنمارك" بالنسبة إلى الذين حصلوا على اللجوء، والهدف معرفة كيفية سفر شخص ما إلى بلد أو مكان يدّعي أنّه هرب منه بسبب أخطار عاشها. وفي حال فتح ذلك الملف كذلك، فإنّ الأمر سوف يضرّ من غادر الدنمارك في إجازة أو زيارة عائلية في الفترة التالية لحصوله على إقامة، بحسب المتابعين في كوبنهاغن.

المساهمون