منذ سبعينيات القرن الماضي، مثلت مدينة قفصة (جنوب غرب تونس) فضاءً مزدهراً للنشاط المسرحي رغم بُعدها عن المركزية الثقافية التي تنحصر في تونس العاصمة. ورغم أن تونس عرفت تراجعاً نسبياً لهذا الوضع، بسبب تراجع الدولة عن رهانات ثقافية أطلقتها في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، حافظت المدينة على استقطابها للحركة المسرحية بفضل جهود المسرحيين والمجتمع المدني.
لعلّ أحد أهم علامات تواصل هذا النشاط المسرحي هو الانتظام في انعقاد "مهرجان قفصة للمسرح الدولي"، حيث يعدّ ثاني أكبر تظاهرة مسرحية في تونس بعد "أيام قرطاج". تقام هذا العام الدورة الثالثة وعشرون من المهرجان، بداية من يوم غد، وتتواصل حتى 29 من الشهر الجاري.
إضافة إلى عروض المسرحيات، التي تقام بين "دار الثقافة ابن منظور" و"المركز الوطني للفنون الدرامية والركحية"، بمشاركات من المغرب ومصر وليبيا والأردن وفرنسا وتونس، تخصّص مجموعة من الفقرات الموازية إلى الانفتاح على الفضاء العام، مثل الكرنفال وعروض مسرح الباباروتي في الساحات العامة، وفقرة بعنوان "مسرح الأعماق" يزور فيها مسرحيون قرى وبلدات قريبة من مدينة قفصة، إضافة إلى لقاءات حوارية وندوة حول "مسرح الطفل".
حول أهم ما يميّز الدورة الحالية مقارنة بسابقاتها، يقول مدير المهرجان، الممثل والمخرج المسرحي، مكرم نصيب، في حديث إلى "العربي الجديد": "هناك انفتاح أكبر على الجمهور ومحاولة الذهاب إليه".
يضيف: "تتزامن دورة هذا العام مع العطل المدرسية، وهو ما جعلنا نفكّر في استقطاب الطفل بتكثيف الورشات وتقديم بعض العروض الخاصة به، حيث نعتقد أن الانفتاح على الأطفال هو ضمانة استمرارية المهرجان". كما يشير نصيب إلى إعادة المسابقة الرسمية وهو ما سيخلق، برأيه، تنافسية بين الأعمال المشاركة.
وحول معايير انتقاء عروض الدورة، يقول نصيب: "المعمار الأساسي هو الجودة الفنية، وقد حاولنا في هذه الدورة أن نقدّم لمتابعي المسرح باقة من أجود الأعمال التي لقيت نجاحاً في مهرجانات مسرحية أخرى، سواء من خلال تتويجها، أو باستحسان النقّاد والجمهور". يضيف: "رغم أن هذه الشروط تُعتبر انتقائية، إلا أن أغلب عروض دورة هذا العام تستجيب لها".
من العروض التي يقترحها المهرجان: "ذاكرة قصيرة"، و"جويف"، و"الأرامل"، و"أنتليجنسيا"، "سمّها كما شئت"، و"بلوك 72" من تونس، و"ستوديو" من مصر، و"أدرينالين" من الأردن، "وصباح ومساء" من المغرب، و"بارمودا" من ليبيا"، و"روج روج" من فرنسا.