تقترب "قوات سورية الديموقراطية" (قسد) من السيطرة على سدّ "البعث" شرق سورية، إثر سيطرتها على عدد من القرى في محيطه، في وقت حققت فيه قوات النظام مزيداً من التقدم قرب مسكنة، شرق حلب، عقب معارك مع تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، الذي هاجم مقاتلوه قوات النظام على طريق أثريا – خناصر، شرق حلب، وأوقعوا في صفوفها عشرات القتلى والجرحى. وأعلنت قوات "قسد"، أمس الأربعاء، سيطرتها على قرى وبلدات حمرة ناصر، وحمرة البلسم، وسلحبية، بريفي الرقة الشرقي والغربي، مشيرة إلى أنها "سيطرت أيضاً على قرية اليمامة، الواقعة شمال غربي سد البعث، بحوالى 5 كيلومترات، بعد اشتباكات عنيفة مع مسلّحي "داعش" ليقتربوا من محاصرة التنظيم داخل السد.
في هذا السياق، ذكرت المتحدثة الرسمية باسم حملة "غضب الفرات" جيهان شيخ أحمد، أن "تلك القوات وصلت إلى مشارف سد البعث، وذلك بعد معارك استمرت ثلاثة أيام مع مسلّحي داعش، تزامنت مع قصف مدفعي وصاروخي متبادل بين الطرفين، ومع غارات شنها طيران التحالف الدولي على قرية الأسدية، ومنطقة الأقطان والفرقة 17 الواقعة تحت سيطرة التنظيم". كما دارت اشتباكات بين "قسد" و"داعش" على أطراف قرية هنيدة وكديران بالريف الغربي لمدينة الرقة، في محاولة من "قسد" التقدم تجاه مدينة الرقة.
من جهتها، أعلنت مصادر إعلامية تابعة لـ"داعش" تفجير عربة مفخخة في مواقع قوات "قسد" في منطقة الحمرات، شرق الرقة. وأعلنت "قسد" أن "مقاتليها أحبطوا في الريف الغربي هجوماً مماثلاً بسيارة مفخخة على قرية السلحبية الغربية"، مشيرة إلى "مقتل اثنين من مقاتليها خلال الاشتباكات مع التنظيم، بينما قُتل نحو 20 من داعش".
من جانب آخر، سيطرت قوات النظام السوري والمليشيات الموالية لها أمس على قرى وبلدات بالقرب من مدينة مسكنة شرق حلب. وتقدمت قوات النظام إلى وادي مويلح، والجميلية، ورسم الحمام غربي، وجب علي، وقتاوي، وخربة المزن، غرب مسكنة بعد معارك مع "داعش"، فيما شنَّ الطيران الروسي غارات جوية بالصواريخ الارتجاجية على الأحياء السكنية في مدينة مسكنة. كما ألقت المروحيات التابعة للنظام السوري، أكثر من عشرة براميل متفجرة، على منطقة مزرعة السكرية، وقرية الجعابات، وأطراف معمل السكر، بالقرب من مدينة مسكنة. وقال ناشطون إن "قوات النظام والمليشيات المساندة لها، باتت على بعد ستة كيلومترات عن مدينة مسكنة، آخر معاقل داعش بريف حلب الشرقي".
من جهتهم، شن مسلّحو "داعش" هجوماً مفاجئاً على مواقع قوات النظام والمليشيات الموالية لها على طريق أثريا – خناصر، جنوب شرقي حلب، ما أدى لمقتل العشرات منهم. وذكرت وكالة "أعماق" التابعة للتنظيم، أن "الهجوم الذي تم على ثلاثة حواجز على طريق أثريا – خناصر، أسفر عن مقتل 11 من جنود النظام وجرح آخرين، إضافة إلى تدمير عدة آليات عسكرية". وتقع مدينة خناصر التابعة لناحية السعن، على بعد 80 كيلومتراً شرق مدينة حماة وسط البلاد.
وتحدثت وسائل إعلام موالية عن مقتل ثلاثة عناصر من قوات النظام جراء الاشتباكات مع "داعش"، والتي قالت إنها أسفرت عن تدمير ثلاث سيارات دفع رباعي للتنظيم والاستيلاء على شاحنة تحمل ذخيرة ومواد شديدة الانفجار، مضيفة أنه تم فتح الطريق أمام حركة السير بعد انقطاعه لمدة ليلة كاملة جراء الاشتباكات.
في جنوب البلاد، صعّدت قوات النظام من قصفها على مناطق سيطرة قوات المعارضة في درعا البلد، واستهدفتها بعشرات الغارات الجوية والبراميل المتفجرة. ما أسفر عن المزيد من الدمار وسط اشتباكات متقطعة بين الفصائل المقاتلة وقوات النظام على جبهات حي المنشية. وجاء هذا القصف رغم كون محافظة درعا إحدى المناطق الأربع المشمولة في اتفاق "تخفيف التصعيد"، الذي وقّعت عليه الدول الراعية لمحادثات أستانة، والذي ينصّ على وقف العمليات العسكرية والقصف فيها.
من جهتهم، استهدف مقاتلو المعارضة قوات النظام في حي سجنة بقذائف الهاون، ما أدى لسقوط قتلى بينهم أربعة ضباط. وأعلنت فصائل المعارضة أنها سيطرت على بعض الكتل السكنية في الحي المذكور بعد اشتباكات مع قوات النظام. وأفادت قوات المعارضة ضمن "غرفة عمليات البنيان المرصوص" انها أحبطت محاولة قوات النظام استعادة المواقع التي خسرها خلال الفترة الماضية في حي المنشية بمدينة درعا، برغم المساندة الكثيفة من جانب الطائرات الروسية.
إلى ذلك، وبعد مرور نحو شهرين على مجزرة النظام الكيميائية في مدينة خان شيخون شمالي سورية، والتي أسفرت عن مقتل نحو مائة شخص، أعلنت الأمم المتحدة عزمها إرسال بعثة "تقصي حقائق" إلى خان شيخون.
وقالت مسؤولة شؤون نزع السلاح في الأمم المتحدة إيزومي ناكاميتسو، خلال إفادة لها أمام جلسة لمجلس الأمن إن "العمل جارٍ لإرسال بعثة تقصي حقائق إلى خان شيخون، من دون أن يتم تحديد موعد لذلك"، مشيرة إلى أنه "يجري حالياً إعداد فريق أممي من المحققين لزيارة بلدة خان شيخون السورية للمرة الأولى، منذ تعرضها لهجوم كيميائي في الرابع من الشهر الماضي".
من جهتها، أفادت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في تقرير قدمته للمجلس بأن "العيّنات التي تم أخذها من الضحايا والجرحى والحيوانات النافقة من خان شيخون جاءت إيجابية لناحية تعرضها لغاز السارين أو مادة تشبهه". وأوضح التقرير أنه "تمّ أخذ عينات بعد تشريح 3 جثث ومعالجة 10 جرحى وطيارين تعرّضا للغاز إضافة إلى التراب والنباتات".
في السياق، قال وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، إن "رئيس هيئة الأركان العامة الروسية زار دمشق لساعات، قائلاً إن بلاده تعرف الفصائل السورية التي تمتلك أسلحة كيميائية". وأوضح أمام مجلس النواب الروسي أن "رئيس هيئة الأركان العامة الروسية، فاليري غيراسيموف، زار دمشق الثلاثاء، وعاد منها فجر أمس الأربعاء".
واعتبر وزير الدفاع أن لروسيا دوراً كبيراً في "محاربة الإرهاب"، مشيراً إلى أن "غاراتنا على الإرهابيين في سورية تزيد عن عدد غارات التحالف بأربعة أضعاف". وادّعى بأن "جهود روسيا سمحت بعودة 108 آلاف لاجئ سوري إلى منازلهم"، مضيفاً بأنه "في الجولة المقبلة من مفاوضات أستانة، سيتم إقرار خرائط مناطق تخفيف التوتر في سورية".