"قجة" النساء: نظام مالي داعم لإنشاء المشاريع

09 فبراير 2015
+ الخط -
تستفيد النساء في العالم العربي من نظام تضامني يضمن تقسيم الأرباح والأموال بشكل متساوٍ ومربح. ويعرف هذا النوع من الادخار أو توظيف الأموال في مشاريع صغيرة باسم "الجمعية" أو "القرعة" أو "القجة" أو "الصندوق" كما هو الحال في الجزائر. حيث تقوم النساء بجمع مقدار معيّن من المال يقدّم بالتساوي، ويمنح آخر كل شهر لمن وقعت عليها القرعة التي تنظّم في بداية "دورة الجمعية"، أو يتم استثمار المبلغ المحصل في مشاريع صغيرة تقسم أرباحها بحسب المساهمة المالية والجهد. وذلك ما يجنّب النساء التوجه نحو المصارف أو مؤسسات القروض الصغرى، والتي تفرض نسب فائدة مرتفعة جداً على المقدار القليل من المال الذي يكن في حاجة إليه. 

مشاريع استثمارية
واعتبرت الخبيرة الاقتصادية والاجتماعية في شؤون المرأة العراقية منال الربيعي، أن ظاهرة إقدام النساء على إنشاء مشروع صغير انتشرت بقوة في العالم العربي خلال سنوات العشر الأخيرة. وأوضحت منال الربيعي في تصريحها إلى "العربي الجديد"، أن النساء العربيات، ومن خلال تجربتها في مجال مواكبة ومساعدة العديد منهن، أصبحن يلجأن إلى المصارف أو الزوج، من أجل الحصول على مبلغ مالي بسيط، يؤسسن به مشاريع استثمارية صغيرة جداً، لكن مردودها يكون ناجحا، بل تتحول المرأة إلى المعيل رقم واحد لأسرتها بعد تقدّمها في إنجاز وتطوير مشروعها.
وقالت الربيعي إن المصارف ومؤسسات القروض الصغرى، تجد أن النساء أكثر جدية في إرجاع الأموال المقترضة، بل وبحسب وجهة نظرها، تعتبر النساء الأسرع في سداد الأقساط الشهرية للقروض. وعن نوعية المشاريع التي تحسّن فيها النساء توظيف الأموال عبر هذا النظام من التمويل، أشارت المتحدثة ذاتها، أن احتكاكها بالنساء أظهر أنهن يتجهن نحو مشاريع التجميل وصناعة الملابس.
أما بالنسبة لنظام التمويل الذاتي من خلال الجمعيات المالية، فأوضحت الربيعي، أن هذا النظام التمويلي التقليدي، شكّل فرصة للنساء من أجل الادخار والبحث عن فرص تمويل من دون فوائد. وأكدت أن مؤسسات مالية وتنموية دولية فطنت لهذا النوع من الدعم المالي الذي تبحث عنه النسوة، فقد اعتمدت على شكله في توزيع الحصص المالية بنفس المقدار، ومن دون فوائد على ما يقترضنه، وطرحت تعويضه باستثمار تلك الأموال المحصلة في مشاريع تنموية تدرّ الربح، لأن المقدار المالي الذي تساهم فيه المرأة غير مضمون، ولا يمكن أن توفره شهرياً.
وشددت الربيعي على أن هذا النوع من التمويل الذاتي، ساعد النساء غير المتعلمات، أو اللواتي فرض عليهن المكوث في البيت، في تطوير دخلهن الشهري وإعالة أسرهن، بل منهن، تضيف الربيعي، من استطاعت استدراك تحصيلها الدراسي عبره.

مشاريع في صلب التنمية
من جهته، كشف مدير أحد فروع المؤسسة الدولية للقروض الصغرى "باب الرزق الجميل" طه السعدوني، أن فكرة التمويلات الصغرى للنساء في جميع بلدان العالم، جاءت ثمرة تفكير الأستاذ محمد يونس من دولة بنغلاديش (مؤسس أول مؤسسة للقروض الصغرى)، والذي سعى إلى تنظيم الأشكال التقليدية التي تنتهجها النساء في البحث عن مصادر تمويل لمشاريعهن في قرى، وكذلك لمساعدة فئات واسعة غير قادرة على الولوج إلى أشكال القروض الكلاسيكية التي تعرضها المصارف.
ووصف طه السعدوني هذه التمويلات في تصريحه إلى "العربي الجديد"، بـ "المفيدة والمساعدة على التنمية، وعلى دفع النساء من أجل خلق فرص استثمارية خاصة بهن".
وكشف المتحدث ذاته، أن نسبة تمويل المشاريع الصغيرة الخاصة بالنساء تراوح ما بين 105 و5254 دولاراً. وتقدر عدد المشاريع الممولة من طرف فروع مؤسسته في العديد من الدول بـ 200 مشروع صغير في كل شهر. وعن هوية المشاريع التي تتجه إليها النساء، أوضح السعدوني أنها مرتبطة بثلاثة أنواع، أولها التجارة (الألبسة، الأواني المنزلية، والمفروشات والأغطية)، ثم كل ما هو مرتبط بالصناعة التقليدية الخاصة بكل دولة، وأخيراً مشاريع تربية المواشي والدواجن في المناطق القروية.
وأبرز السعودني شكلاً جديداً من المشاريع التي أصبحت محط اهتمام النساء، وهي الاشتغال كوكيلات بيع لدى شركات التجميل والعطور العالمية، وأوضح أن هذا النوع من الاستثمار يمكن أن يبدأ بنحو 315 دولاراً، لكن هامش الربح يكون كبيراً.
أما بالنسبة لنظام الجمعية في التمويل، فأكد طه السعدوني أن اقتحام مؤسسات القروض الصغرى لهذا المجال، كان بغرض توعية وتكوين النساء بضرورة استثمار المبلغ المحصل عوض إعادة توزيعه شهرياً، لأن هذا الخيار من وجهة نظره، يساعد النساء على تقوية وتنمية ما يجمعنه ويوفر لهن دخلاً شهرياً جيداً.
وقالت المسؤولة في إحدى مؤسسات القروض الصغرى في تونس نادية بسباس، في تصريح إلى "العربي الجديد" أن المرأة التونسية استطاعت قيادة مؤسسات تمويل المشاريع الصغرى الموجهة للنساء. وأوضحت أن تونس شهدت سنة 1995 ميلاد أول مؤسسة عربية رائدة في هذا المجال.

أرقام
%10: هي نسبة النساء المتخرجات من الجامعات أو الحاصلات على شهادات تكوينية مهنية، واللواتي يستطعن ولوج قطاع الأعمال، بسب صعوبات في التمويل
%90: كشفت منظمة "نساء من أجل النساء" العربية أن 90% من النساء المقاولات يصرفن أرباحهن في الاستثمار على أسرهن مقابل صرف الرجال 40% فقط
المساهمون