اختارت مجلّة "لونوفو ماغزين ليترير" (المجلّة الأدبية الجديدة) الثقافية الفرنسية في عددها الجديد، الصادر بدايةَ العام الجديد، 35 مفكّراً وصفتهم بأنهم الأقوى تأثيراً في العالم، من بينهم المفكّر العربي عزمي بشارة والمغربي طه عبد الرحمن.
ووصفت المجلّة المفكّرين، الذين اختارتهم في عددها الأوّل لعام 2019 بـ"العقول المتحمّسة" و"المثقّفين الذين يُغيّرون من مسار الأشياء"، معتبرةً أن الاختيار كان صعباً، وأن "اختيار 35 مفكّراً، يتضمّن، لا محالة، شيئاً من الذاتية".
تتضمّن قائمة "المثقّفين العالمييّن" مفكّرين من الهند وأفريقيا والصين والبلاد العربية، في محاولة، على ما يبدو، للخروج من النظرة الأوروبية المركزية، دون أن تُنكر المجلّة أن اطّلاع الغرب على المعرفة خارج أوروبا وأميركا لا يزال متواضعاً.
ووصفت المجلّة بشارة بأنه "صوت ديمقراطية راديكالية في الشرق الأوسط"، كتب في قضايا مختلفة؛ سياسية وفكرية وحقوقية، متطرّقةً إلى نشاطه السياسي في فلسطين المحتلّة، وما تعرّض له من مضايقات من الاحتلال الإسرائيلي، وصولاً إلى استقراره في الدوحة.
ترى "المجلة الأدبية الجديدة" أن بشارة استطاع، في عشر سنوات أن يؤسّس لمؤسسات إعلامية ذات تأثير كبير، لافتةً، أيضاً، إلى أهمّية تأسيسه "المركز العربي للأبحاث والدراسات السياسية"، الذي يستقبل باحثين من كل البلاد العربية بهدف "إنتاج معارف تستطيع منافسة معارف الأكاديميين الغربيين"، وتلخّص مشروع بشارة بصيغة تساؤل: "إنه مهندسُ فكرٍ عربيٍّ مفتوحٍ على العالَم، مع البقاء وفيّاً لتقاليده؟".
أمّا المفكّر المغربي طه عبد الرحمن، فتقف المجلّة عند مفهومه عن "الحداثات المتعدّدة"؛ حيث يتمثّل مسبقاً وصول تفكير عربي وفيّ للإسلام من دون أن يكون ماضويّاً، مضيفةً أن من تحدياته أن يكون المرءُ مسلماً "شاملاً" وفيلسوفاً.
أشارت المجلّة أيضاً إلى أن المفكّر المغربي ينتقد مآزق الحداثة الغربية، وفي الوقت نفسه النزوع الإسلامي المحافِظ. ولهذا السبب، يمنح للفردانية الغربية المعنى الاجتماعي المندرج في الفكر الإسلامي، كما ينتقد الاندفاعات الأدبية لدى الباحثين العرب في علم الأخلاق، ويدعو إلى استخدام الوسائل المنطقية القادرة على تجاوز الانقسامات المعرفية، التي غرق فيها كثيرٌ من الثيولوجيّين.
وبحسب "المجلّة الأدبية الجديدة"، فإن عبد الرحمن يحرص على حماية العقلانية في تعدّد أشكالها، ضد تشدّدِ جبهةٍ تجعل العلمَ في تعارُضٍ مع الدين في حرب جديدة لتفكيك الاستعمار قد تظهر بين الشمال والجنوب، لتخلُص إلى القول إن مشروعه "يبشّر، ربما، بقدوم فلاسفة ثيولوجيّين عرب من نمط جديد، مُحرِّكين أصيلين لحداثات متعدّدة".
جاءت القائمة في أربعة أقسام؛ الأولى هي "الأساسيون"، وضمّت مفكّرين من بينهم: الأميركي دان ترونتو، والغاني كوازي فيريدو، والفرنسيَّين برونو لاتور وفيليب ديسكولا، والأسترالي ستيف كين، والهندي سانجاي سوبراهمانيام.
أما الثانية، "النقديّون"، فمن بين الأسماء التي ضمّتها: الأميركي دافيد غرابر، والألماني هارتموت روزا، والهندية غاياتري سبيفاك، والسويسري بيير غيزيل، والبلجيكية إيزابيل ستينجيرس، والمغربي طه عبد الرحمن، والألماني أكسيل هونيث والأميركية جوديث باتلر.
ومن بين الأسماء التي ضمّتها الثالثة، "الرواد": الأميركيّون رايموند كورزويل وجيريمي ريفكين ودونّا هاراواي. وفي المجموعة الرابعة، "المؤثّرون"، نجد المفكر الفلسطيني عزمي بشارة، والهندي أمارتيا سين، والأميركيّين تا-نيهيزي كواتس وبول كروغمان، والصيني- الأميركي تو فيمينغ، والبريطاني ريتشارد داوكينس.
أمّا قائمة "المُبلّغون عن المخالَفات"، فتضمّ الأسترالي بيتر سينغر، والفرنسي توماس بيكيتي، والكندية نعومي كلين، والألماني هارالد فيلزر.
وفي قائمة سادسة وأخيرة بعنوان "النشطاء الأيديولوجيون والكتّاب السياسيون"، نجد الصيني زهاو تينغيانغ، والأميركي ستيف بانون، والفرنسي ألان باديو، والبريطاني روجير سكروتون، والبلجيكية شانتال مُوف.
يُذكر أن "المجلّة الأدبية الجديدة" تحظى بحضور قوي في الساحة الثقافية الفرنسية منذ تأسيسها عام 1966، حيث تتجاوز مبيعاتها خمسين ألف نسخة شهرياً، وقد تعاقب على إدارتها كتّاب ومفكّرون بارزون، وكانت حتى كانون الأول/ ديسمبر 2017، تحمل اسم "ماغازين ليترير".