وتعود أسباب الاحتجاب عن الصدور ورقياً إلى الأزمة التي تعيشها الصحافة الورقية في تونس التي تراجع عدد إصداراتها منذ سنة 2011 إلى 55 إصدارا بعد أن كان أكثر من 250 إصدارا قبل ذلك.
واعتبر صاحب الصحيفة ومؤسسها الإعلامي المنصف بن مراد صاحب أن "الصحيفة لا يمكنها الصمود، وقد اختارت النأي بنفسها عن الخضوع لما سماه "المال الأسود" أو لمال الأحزاب، واختارت الاستقلالية منهجاً لها، فلم تستطع الحفاظ على وجودها في ظل صمت الحكومة التونسية عن تنظيم الإعلانات التجارية الرسمية التي كانت تديرها وكالة الاتصال الخارجي، وكانت هذه الإعلانات بمثابة شريان الحياة لصحف تونسية".
وسيدفع إغلاق "أخبار الجمهورية" العاملين فيها إلى البطالة الإجبارية في سوق تشغيلية محدودة بطبعها لخريجي كليات الإعلام في تونس، ما عدا قلة منهم ممن سيتحولون إلى العمل فيها في صيغة جديدة حيث ستصبح الصحيفة مجلة شهرية.
المشهد الإعلامي في تونس شهد هذا الأسبوع أيضاً قرار إدارة قناة "فيرست تي في" الخاصة في التوقف عن البث لأسباب مادية. فالقناة المملوكة لرجل الأعمال قيس المبروك، والتي انطلقت في البث على القمر الاصطناعي نايل سات سنة 2014 لم تنجح في فرض نفسها كمنافس جدي في سوق التلفزيونات التونسية الذي تحتكر النسبة الأكبر من الإعلانات التجارية فيه قناتا "الحوار التونسي" و"نسمة تي في". في حين تعاني القنوات الأخرى صعوبات مالية كبرى أدت إلى عدم خلاص العاملين فيها لأشهر، وهو ما قد يؤدي إلى إغلاق البعض منها فى الأشهر القليلة المقبلة وفقا للمتابعين للشأن الإعلامي التونسي.
الصعوبات المالية وعدم وضوح رؤى الحكومة التونسية في التعامل مع الإعلام والإرادة الحقيقية في إصلاح ما يعتريه من هنات تنظيمية قد تزيد الواقع الإعلامي في تونس تعقيداً، وقد تدفع باتجاه غلق المؤسسات الإعلامية، وبالتالي إحالة الكثير من العاملين في القطاع إلى البطالة الإجبارية، وهو ما تخشاه النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين التي ترى أن التهديد الحقيقي لحرية الصحافة في تونس هو هشاشة الوضعية الاقتصادية للعاملين فيه، وتدفق المال الفاسد الذي قد يكون مدخلاً للعودة بالإعلام التونسي إلى مربع الاستبداد الأول الذي تمّ القطع معه بفضل ثورة 14 يناير/ كانون الثاني 2011.